اسأل حزب الله إلى أين أوصل لبنان، اسأله كيف جعل اللبنانيين ناقمين على مؤسسات الدولة متشائمين من مستقبلٍ مزهر كانوا يحلمون به.
أينما ذهبت حول العالم يشدك الشوق لتسأل عن مطعمٍ أو مقهى أو محلات لبنانية؛ لأنك تشعر بنسيم العروبة يفوح من جنباتها رغم اغتراب أصحابها سنين طويلة قد تصل لعقود، ولكن الحنين والفخر الذي يحمله اللبناني في قلبه لوطنه وعروبته لا يمكن وصفه، خصوصًا حين تدخل ذلك المطعم لتشاهد ذاك العلم الذي يتوسط المكان وتتوسطه شجرة الأرز وفيروز تتسلل إلى أعماقك تشدو ..
بحبك يا لبنان يا وطني .. بحبك
بشمالك بجنوبك بسهلك .. بحبك
تسأل شو بني .. و شو اللي ما بني !!
وشو اللي ما بني ؟
وأنا أشاهد لبنان الذي تعودنا أن ننظر إليه على أنه أوروبا الشرق الأوسط، ذاك البلد الراقي الذي تسوده ثقافة العقل والمنطق والإتيكيت والذوق الجميل والطبيعة الخلابة، وقد تشبعت طرقاته وامتلأت أزقته قمامةً هنا وهناك !!
تسأل شو بني وشو اللي ما بني !!
وجنوبك العربي أصبح ولايةً إيرانية بل دولةً داخل دولة، ذلك الجنوب اللبناني الذي أصبح عدوًا للبنان بسهله وشماله، وعدوًا للشعب ومؤسسات الدولة بحزبٍ اختار الولاء والانتماء لولاية الفقيه على حساب العروبة الأصيلة بزعامة المدعو "حسن نصرالله"، الذي جعل من نفسه ومن حزبه حذاءً يرتديه الملالي، فيطأ به وبحزبه رقبة لبنان خانقًا أنفاس الدولة والشعب، وأي شعب ؟
ذلك الشعب الذين عانى الأمرين من تلك الحرب الأهلية، فهاجر الكثير منهم وسكنوا بقاع العالم كسبًا للرزق، دون أن يغيب عن مخيلتهم وذاكرتهم ذلك الوطن الجميل (لبنان)، فمد كثيرٌ منهم يده لوطنه بالنفع اقتصادًا من خلال الأعمال التجارية والتحويلات التي يجرونها من الدول التي يقيمون بها الى وطنهم الأم لبنان .
وتسأل شو بني ؟
اسأل حزب الله إلى أين أوصل لبنان، اسأله كيف جعل اللبنانيين ناقمين على مؤسسات الدولة متشائمين من مستقبلٍ مزهر كانوا يحلمون به، فلا حكومةً قامت ولا دولة استقامت، وهذا الحزب يدير الفساد وحرب العصابات والاغتيالات واخلال النظام في لبنان، ليضمن الاستقرار والثبات في ضاحية الجنوب، معززًاالطائفية ومحرضًا العرب بعضهم على بعض، بعد أن انتهت مسرحياته الهزلية مع إسرائيل والتي صنعت منه "بطلًا" مزيفًا، خصوصًا بعد حرب تموز 2006، التي أكدت أنه على حزب الله أن يضمن حدود إسرائيل دون اختراق، ويحصل حسن نصرالله بعد هذه المسرحية على تأييد شعبي وشرعنة لحزبه، فأوهمهم بأن حزبه السور المنيع الذي يحمي اللبنانيين من العدو الإسرائيلي الذي يتربص بهم، وليكتشف اللبنانيون فيما بعد أن من ادعى حمايتهم من إسرائيل بالأمس قد تمكن من صدر لبنان وجثى بأجندته فوق جسد الدولة، وهو مَن يقتلهم ويقتل أهلهم في سوريا باسم الإسلام والعروبة !!
بحبك يا لبنان ..
هذا لسان حال الخليج العربي الذي أحب حكامه وقادته وشعوبه لبنان أرضًا وشعبًا، فلطالما كان اللبناني محل احترام وتقدير لدى دول الخيلج حكومات وشعوب، فارتقى اللبناني في العيش بيننا، وأصبح بحبه الشديد لوطنه مصدرًا داعمًا لاقتصاد وطنه من خلال 8 مليار دولار سنويًا تقريبًا، والتي تشكل ربع الدخل القومي اللبناني، تحوَّل من خلال اللبنانيين المغتربين في دول الخليج فقط، بخلاف المعونات والمساعدات والتسهيلات التي تقدمها دول الخليج للشعب اللبناني وحكومته، ولعل أكبر دعم في تاريخ لبنان يأتي من المملكة العربية السعودية كمساعدات عسكرية لتسليح الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي بمقدار 4 مليار دولار .
شو بني يا لبنان ..
وشو اللي ما بني؟؟ وأمن الخليج تهدده أجندة الملالي من خلال حزب الله، الذي لا ينفك عن التحريض والوعيد والتهديد على مرآى ومسمع الدولة اللبنانية وأحزابها المختلفة، بل تعدى ذلك كله بأن أصبح شريكًا ومدربًا للحوثيين في قتالهم ضد التحالف العربي بقيادة المملكة ويحمل في رقبته دم شهدائنا البواسل، ومن منطلق الحفاظ على المصلحة الوطنية، وإيقافًا للتجاوزات اللامحدودة لحزب الله أجرت المملكة العربية السعودية مراجعة شاملة لعلاقاتها مع لبنان، وبدأت بحزمة من الإجراءات علّها تحرك الضمير اللبناني ليقف في وجه العميل الإيراني الذي تناسى عروبته ووطنه، فأوقفت الدعم وما تبقى من مساعدة مقدارها مليار دولار خصصت لقوى الأمن اللبناني، ومباشرةً جاء الموقف الإماراتي داعمًا مؤيدًا ومؤكدًا على أهمية هذا القرار السعودي، الذي استنفدت قبله المملكة كل وسائل النهوض بلبنان من براثن الحزبية الديمقراطية السلبية، وقدمت كل ما هو لازم لتحقيق الحياة الكريمة للشقيق اللبناني، إلا أن الدولة اللبنانية أبت إلا أن ترضخ تحت وطأة حزب الله وعبثه، وكذلك جاء موقف دول الخليج مؤيدًا لقرار المملكة العربية السعودية، فخفضت تمثيلها الدبلوماسي وحذرت ومنعت رعاياها من الذهاب إلى لبنان !!
ولكن ..
من أجل ماذا ولماذا؟
سؤال يجب أن يسأله اللبنانيون أنفسهم، ماذا جنت لبنان من إيران؟ لماذا لم يقف لبنان على قدميه منذ اغتيال الحريري عام 2005 ؟
هل حرب تموز 2006 جاءت فعلًا للتسويق لحزب الله ولكسب شعبية أكثر، وإبعادًا لتهمة تفجير موكب الحريري واغتياله؟
هل حزب الله لبناني أم إيراني؟
هل سيقف حزب الله ضد إيران، لو فرضنا جدلًا أنها اعتدت على سيادة لبنان بقوات الباسيج، أم سيقف مطيعًا لأوامر أسياده الملالي ويقتل أبناء شعبه؟! إلى متى سيصمت اللبنانيون وعروبة لبنان تغتصب ؟!
بحبك يا لبنان بس لا تسأل شو بني ..
فما عادت فيروز كما كانت، تغني للجنوب والشمال والبقاع، وما عاد لبنان يسمع صوتها العذب بالألحان وهي تردد عشق الأوطان، لبنان جريح العمالة الإيرانية والأحزاب المتخاذلة الضعيفة، ولا حل للبنان اليوم سوى أن ينجو بنفسه بأبناء شعبه من حضن الملالي، الذي انتزع عروبته وغرس الطائفية والحقد على الدولة وجعل الشعب ناقمًا غاضبًا محتقرًا لما آل إليه وطنه، وعلى حزب الله أن يراجع نفسه وموقفه، وأما بالنسبة لدول الخليج فإنها ستبقى محبه للبنان وللعرب جميعًا تحتضن من أراد الحياة من العرب بين العرب وتضمه بين يديها ما استطاعت، حتى إذا ما أختار أن يلفظ أنفاس العروبة من جسده، ويسكن مكانها روح إيران و الإرهاب والعمالة فلا لوم ولا عتاب ..
بحبك يا لبنان ..
بحبك ..
وإذا نحنا اتفرقنا .. بيجمعنا حبك
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة