الفيدرالية بسوريا .. مشروع تقسيم أم خطوة للاستقرار؟
خلال استقباله أمين عام الحلف استعرض عبدالله بن زايد مجالات التعاون والتنسيق بين الإمارات و"الناتو" وتطوير سبل هذا التعاون
بينما يترقب العالم مصير الهدنة السورية "الصامدة"، على الرغم من خرقات القوات الحكومية، منذ يومها الأول، طفت تصريحات روسية على السطح، جديدة في مصطلحاتها .. قديمة في مخططتاها، تقترح إقامة نظام فيدرالي في البلاد.
وتحدث نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف، عقب سريان الهدنة، عن إمكانية أن تصبح سوريا "دولة اتحادية" باشتراط أن يخدم النموذج الاتحادي (الفيدرالي) خطة الحفاظ على وحدة سوريا.
وفي إفادة صحفية قال ريابكوف: "إذا خلصوا.. نتيجة للمحادثات والمشاورات والمناقشات بشأن نظام الدولة في سوريا في المستقبل .. إلى أن النموذج الاتحادي سيخدم مهمة الحفاظ على سوريا موحدة وعلمانية ومستقلة وذات سيادة فمن سيعترض على ذلك حينها؟".
وأضاف ريابكوف أن موسكو لن تعترض أيضًا على "أي نموذج آخر لسوريا، شريطة ألا يكون من إملاء شخصٍ على بعد ألف كيلومتر من سوريا."
ولم يستبعد الرئيس السوري بشار الأسد فكرة النظام الاتحادي، في مقابلة له في سبتمبر/أيلول الماضي، لكنه قال، إن أي تغيير يجب أن يكون نتيجة لحوارٍ بين السوريين واستفتاء لإدخال التعديلات اللازمة على الدستور.
كما سبق وتحدث الأسد عن "سوريا المفيدة" تزامنًا مع بداية التدخّل الروسي، واعتبر البعض أن المصطلح يرتبط بـ"الدويلة العلوية"، لكن مع شريط يربط اللاذقية بدمشق يكون محاذيًا لحمص وحماه من الشرق، ومناطق "حزب الله" من ناحية لبنان من جهة الغرب.
ومن المؤشرات، التي تشير إلى مخطط تقسيمي لسوريا، ما قاله وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي، عندما استخدم مصطلح "تفكيك سوريا"، وعاد الحديث عن تقسيم سوريا إلى دويلة للأكراد في الشمال الغربي والشمال الشرقي، وأخرى للنظام السوري تضم كل من العاصمة دمشق ومحيطها والشريط الساحلي، أما حصة المعارضة فتكون في إدلب وغيرها، فيما ستبقى محافظتي الرقة ودير الزور بيد تنظيم "داعش".
واعتبر مراقبون أن التفكيك لا يعني تقسيم سوريا بقدر ما هو توصيف للواقع العسكري وأماكن تواجد الأطراف في سوريا.
تقسيم حتمي
واعتبر الكاتب والصحفي الفلسطيني، عبد الباري عطوان، أن روسيا تمهد لتقسيم سوريا، وأن حديثها عن تحويل سوريا إلى النظام الفيدرالي، ينطوي على درجة كبيرة من الخطورة سواء من حيث توقيته أو من حيث أهمية الرجل الذي صدر عن لسانه.
ويرجح عطوان أنه سيتم تقسيم سوريا على الطريقة العراقية أي مجموعة كانتونات طائفية قد تصل إلى خمسة، معربا عن مخاوفه من أن تكون سوريا ضحية لعبة أمم خطرة تنفذ بأيد وبأموال وأسلحة عربية وتحت مظلة روسية أمريكية.
وفي تدوينه للإعلامي السوري فيصل القاسم، عبر صفحته على موقع "فيس بوك"، أوضح أن هناك مؤشرات عديدة على نية أمريكا بتطبيق النموذج اليوغسلافي في سوريا، لاسميا بعد الكلام الذي ذكره وزير الخارجية الأمريكي قبل أيام عن "الخطة باء" وحديثه عن "صعوبة بقاء سوريا كيانًا واحدًا إذا استمر الصراع".
وتابع القاسم قائلًا: "انتظرت أمريكا أربع سنوات في يوغسلافيا وهي تشاهد الدمار والتشريد والمجازر حتى أصبح الجميع هناك مستعدون لأي حل، فدخلت أمريكا باتفاق ديتون وهي تحمل سكين التقسيم. فانتهت الكارثة اليوغسلافية بتقطيع أوصال الاتحاد اليوغسلافي".
وأشار القاسم إلى نية روسيا في تقسيم سوريا عندما سلط الضوء على الانتقاد الذي وجهه السفير الروسي في الأمم المتحدة للرئيس السوري قبل أيام عندما تعهد الأخير باستعادة السيطرة على كل سوريا.
وقال القاسم: "الانتقاد هذا يعني أنه حتى روسيا تفكر بتقسيم سوريا، وإلا لماذا رفضت خطة الأسد لاستعادة السيطرة على كل أنحاء البلاد؟".
التقسيم حجة وليس شرعيًّا
إلا أن المعارض السوري ميشال كيلو، ربط فكرة التقسيم بأمرين اثنين، وذكر في تصريحات صحفية، أن "الأمر الأول يرتبط بالرغبة والقرار الدوليين، ولا أعتقد أن ذلك متوافر، بل هناك سيناريوات يتم التداول بها، والأمر الثاني يرتبط بوضعنا الذاتي كسوريين، هل سنقبل بالتقسيم أم لا؟ هل نستطيع مواجهته؟".
وأضاف كيلو "إذا لم نستطع أن نقاوم وكان هناك قرار بالتقسيم فسيحصل ذلك، أما إذا كنا قادرين على مقاومة التقسيم فلن يحصل المخطط".
وفي شأن الحديث عن "الاتحادية"، قال كيلو: "لها أشكال كثيرة ومتنوعة لكن إن لم تكن مشروعًا إقليميًّا، وإذا لم تدخل الاتحادية في مشروع الأكراد في إقامة دولة لها على الأراضي السورية، فهي لا تعني تقسيمًا، أما إذا كانت جزءًا من مشروع إقليمي فهي تعني تقسيم سوريا، وبناءً على ذلك نقول، إن جماعة رئيس حزب الاتحاد الديموقراطي صالح مسلم وجماعته يخونون وحدة سوريا".
في رأي كيلو "لا مؤشرات للتقسيم حتى الآن، وحتى كلام جون كيري جاء في لحظة تصعيد وليس تخطيطًا، ومن المفترض الحديث عن السيناريوات التي يفرضها الحل الدولي بأن نذهب إلى نظام تشاركي يأخذ سوريا إلى الديموقراطية، أما من يقول إن القرارات الدولية استُنْسِخت ورُميت خارجاً، وأنه لم يعد لنا خيار سوى تقسيم سوريا، فهي حجة وليس سيناريو شرعيًّا، ولم تقرّه العهود والمواثيق والقرارات الدولية".
الاتحادية لاتعني دولة مقسمة
ويرى كيلو أنه لا داعي أن نرتعب من كلمة اتحادية، فهناك كما قال: "دول اتحادية عدّة في العالم مستقرة وثابتة مثل أمريكا وألمانيا، ولا يزال هناك مراحل كبيرة للحديث عن تقسيم، ولدينا قدرة كبيرة إذا كنا منظّمين، لمنع أي جهة أن تفرض علينا خياراتها أكانت روسيا أو غيرها، شريطة أن تكون خلفنا قوة تسند هذا القرار".
كذلك أكد الدكتور سهيل فرح، عضو الأكاديمية الروسية للتعليم ورئيس الجامعة المفتوحة لحوار الحضارات (مقرها في موسكو)، على أن "الخيار الذي تتحدث عنه روسيا يمكن توصيفه بأنه حل فيديرالي، وليس تقسيمًا سوريا على أساس كل دولة تتمتع بحدود أو جغرافية خاصة.
وأشار الفرح أن موضوع التقسيم موجود لكنه سيطرح بعد أن تفشل الخطة "أ" المرتبطة بالحفاظ على سوريا علمانية وعصرية خارج إطار الدولة الدينية؛ لأن المشروع الأخير "جهنمي ليس لسوريا فحسب بل لكل العالم العربي".
تركيا هي الهدف
بدوره، فسَّر المنسق العام لهيئة التنسيق السورية حسن عبدالعظيم، تصريحات روسيا بأنّها موجّهة في الأساس من أجل "تخويف تركيا ومن باب الضغط على حكومة أنقرة لوقف عملياتها في شمال سوريا"، لأن وجود دولة فيدرالية سيشجع الأكراد على المطالبة بدولتهم، وبالتالي فإن روسيا قصدت من الحديث عن الفيدرالية دفع الجانب التركي للقلق ومن ثمّ التوقف عن أي أعمال قصف.
واعتبر عبدالعظيم أن هذه التصريحات محاولة للرد على "الخطة باء"، التي أعلن عنها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، لافتًا إلى أنّ "كل الاتفاقات الدولية والمؤتمرات أكدت في نتائجها على وحدة الأراضي السورية ولم يتم التطرق إلى مسألة التقسيم على الإطلاق باعتبارها أمرًا مرفوضًا".
ترسيخ الأزمة
من جانبه عزا أندريه فودوروف نائب وزير الخارجية الروسي السابق، الطرح الذي قدمته موسكو عن فكرة الجمهورية الاتحادية إلى ما وصفه بواقع جديد في سوريا من حيث تعدد أطراف النزاع، في إشارة إلى الأكراد الذين يسعون إلى إقامة كردستان سوريا، وفق تعبيره.
وحذر مما وصفه باللعب على وتر الاتحادية في سوريا، قائلًا، إن هذه الفكرة أمر خطير ومن شأنها أن تعمق الأزمة السورية.
aXA6IDMuMTM1LjE4NC4xOTUg جزيرة ام اند امز