حلب السورية خارج نطاق الهدنة .. نزوح وقصف وحصار
بينما ينشغل العالم بالحديث عن الهدنة في سوريا، تستمر أعداد النازحين من مدينة حلب إلى المخيمات على الحدود السورية التركية بالتزايد.
بينما ينشغل العالم بالحديث عن الهدنة في سوريا، والتي من المفترض أن تلجم اندفاعة الحرب هناك، تستمر أعداد النازحين من مدينة حلب إلى المخيمات على الحدود السورية-التركية بالتزايد يومًا بعد يوم، في وقت لا تزال تشهد فيه المدينة قصف جوي وبري وحصار.
فالثلاث أيام الأولى من الهدنة التي بدأت السبت ومن المفترض أن تستمر مبدئيًّا لمدة 15 يومًا، سجلت انتهاكات شملت قصفًا جويًّا وبريًّا لبعض البلدات في الريفين الغربي والشمالي، وشهدت المدينة بعد ذلك حالة من الهدوء غير المسبوق دامت لمدة لا تتعدى الـ24 ساعة، لتعود العمليات العسكرية في اليوم الخامس من الهدنة إلى سابق عهدها.
كما استمرت الانتهاكات في مناطق أخرى مثل إدلب ودرعا وحمص واللاذقية وحمص وريف دمشق، لتصل في مجموعها وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إلى 79 خرقًا في اليوم الخامس من الهدنة التي تستوجب وقف العمليات العسكرية في جميع الأراضي السورية باستثناء أراضي وجود كل من جبهة النصرة وتنظيم داعش.
وأفاد الناشط الإعلامي في حلب مجاهد أبو الجود لبوابة العين الإخبارية، أن العمليات العسكرية في حلب مستمرة وكذلك الحصار، حيث تعرضت مدينة أعزاز بريف حلب الشمالي منذ اليوم الأول للهدنة والقوات التابعة لمجلس سوريا الديمقراطي لقصف بالرشاشات الثقيلة، من قبل القوات الحكومية، وتعرضت مواقع المعارضة المسلحة بجبل عندان لقصف مماثل.
وفي اليوم الثاني والثالث من الهدنة، استهدف القصف الروسي، بحسب أبو الجود، كلًّا من مدينة عندان وبلدة كفر حمرة بريف حلب الشمالي، وبلدتي دارة عزة وقبتان الجبل بريف حلب الجنوبي، ما أسفر عن مقتل مدني في قبتان الجبل وإصابة عدد من المدنيين بجراح في دارة عزة.
وبعد هدوء دام يومًا واحدًا فقط، تحدث أبو الجود عن خرق جديد للهدنة من قبل قوات سوريا الديمقراطية عندما شنَّت هجومًا على مواقع المعارضة المسلحة في منطقة السكن الشبابي في حي الأشرفية شمال حلب.
وأمام استمرار المعارك في حلب، وإن كانت أخف حدة من سابقاتها، وأمام شح المياه الحاد الذي تعانيه المدينة منذ أسابيع، وتخوف المدنيين من إخفاق الهدنة في التوصل لأهدافها، تستمر العوائل السورية بالنزوح إلى المخيمات التي أنشأتها الحكومة التركية على حدودها من الجانب السوري.
ويشكك المواطن السوري، أبو همام السرميني، في جدية اتفاق الهدنة وفي احتمالية صمودها لا سيما بعد الخروقات المتكررة التي شهدتها الهدنة، واعتبر أن هذه الهدنة لا تختلف عن مثيلاتها التي تم الاتفاق على تنفيذها مسبقًا، فهي بحسب قوله "مشهد مكرر على نفس المسرح وبالشخصيات ذاتها .. فأين الاختلاف في هذا الاتفاق".
وقال أبو همام، لبوابة العين: "كنت في انتظار هذه الهدنة، لكن ليس بفارغ الصبر، ولكن عند أول خرق لها فقدت الأمل بأي تسوية أو حتى هدوء محتمل، لذا اتخذت قرار النزوح إلى الحدود التركية، على أمل أن ندخل إليها، أو على الأقل العيش بأمان، بعيدًا عن بطش الطيران الروسي".
أما جنى حلاق، نزحت من بلدة دارة عزة بعد غارة روسية فتكت بابنتها الكبرى، في اليوم الثاني من الهدنة، عندما كانت تشتري الخبز من أحد المخابز الموجودة في منطقة خاضعة لسيطرة المعارضة السورية المسلحة، ولا وجود فيها لتنظيم "داعش" أو لجبهة النصرة.
وبصوت يكسوه نبرة حزن، قالت جنى: "استشهد زوجي وأخي على إحدى الجبهات المقاتلة في الريف الحلبي، وبقيت أنا وبناتي الثلاث نعيش في بلدتنا رغم الخوف والقصف والظلم اليومي، وحتى عندما اشتدت الضربات الجوية على حلب وموجة النزوح الضخمة التي شهدتها المدينة، وإحكام سيطرة القوات الحكومية على معظم الريف، لم أفكر أبدا بالتحرك من مكاني".
لكن جنى لم تعد تقوى على العيش في حلب بعد النائبة الأخيرة التي حلت بها، وتقول: "صدمة فقدان ابنتي الكبرى قسمت ظهري، ولم أعد أطيق رؤية بيتنا وأهلنا وحتى مديتنا المشؤومة".
وتابعت جنى: "لم أكن أعلم ماذا ينتظرني في مخيم الريان، ولم أفكر أصلًا كيف سأعيش أنا وطفلتي الصغيرتين، كل ما كان يجول في خاطري، هو صور ابنتي وذكرياتي معها، وكيف سأكمل حياتي دون رؤيتها مرة أخرى".
ويعاني النازحون في المخيمات قرب الحدود السورية-التركية، أوضاعًا إنسانية صعبة في ظل نقص في المساعدات، وصفتها الأمم المتحدة بمأساة القرن دون أي تحرك من جانبها لتخفيف معاناة آلاف النازحين والمشردين في الخيام.
وتفيد التقارير أن نحو 200 ألف نازح من ريفي حلب الشمالي والشرقي فقط، فروا جميعًا من مدنهم، نحو الحدود السورية التركية، على وقع غارات الاحتلال الروسي، يعيشون بعضهم في خيم جماعية، وآلاف غيرهم يفترشون الأرض منذ شهور أمام الحدود التركية المغلقة.
aXA6IDMuMjMuOTIuNjQg جزيرة ام اند امز