عبء بناء سياسة خارجية جديدة ومتوازنة تصب فى مصلحة الشعب المصري كان واحدا من الأولويات القصوي للرئيس عبد
عبء بناء سياسة خارجية جديدة ومتوازنة تصب فى مصلحة الشعب المصري كان واحدا من الأولويات القصوي للرئيس عبد
الفتاح السيسي بعد وصوله إلى سلطة، ولو استعرضنا ما جري في العامين الماضيين فسنجد أننا أمام سجل يحمل الكثير من الإنجازات السياسية والدبلوماسية التي لا يختلف عليها المراقبون ولا يمكن التقليل منها بسهولة.
الزيارات الآسيوية التي أخذت الرئيس إلي دولة تلو الأخري في الشهور الأخيرة تحمل عبقا خاصا وقربا مميزاً بين مصر والدول الصديقة في شرق وجنوب آسيا. ويأتي حصاد رحلات الشرق علي قدر تاريخ التقارب والعلاقات الجيدة مع الأصدقاء هناك.
بدأ الرئيس السيسي إصلاح العلاقات الخارجية واستعادة الزخم مع الشركاء الدوليين علي عدة محاور، فقد وجه مؤسسة الدبلوماسية بإجراء اتصالات حثيثة للحفاظ علي الشراكات التقليدية مع الدول الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وأوروبا، ومواجهة سيل الأكاذيب ضد التحول العميق في مصر بعد ثورة 30 يونيو، وواجه بنفسه أحاديث مغلوطة في الدوائر الغربية، كانت تنظر إلي ما جري في مصر بعيون متحيزة سواء في الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا وألمانيا.
كما وضع الرئيس أولوية واضحة لبناء علاقة جديدة مع روسيا التي وقفت موقفا تاريخيا مع إرادة المصريين، وساندت المواقف الرسمية للدولة المصرية في محافل دولية عديدة، وبالمثل طورت مصر علاقاتها مع إيطاليا والصين والهند في إطار من المشاركة الإيجابية الفاعلة.
وفي كل ما سبق من تحركات كان العنوان الأبرز للزيارات الخارجية والمحادثات الرفيعة المستوي هو «المصالح قبل العواطف» الذي تحول إلي سياسة مستقرة للتوجه الجديد بما يسمح اليوم برفع سقف التوقعات من الشراكة مع دول عديدة تدفع بمزيد من الاستثمارات إلي شرايين الاقتصاد المصري، وهو غاية ما ننشده في مرحلة تحمل زخما كبيرا نحو الإصلاح الشامل والتنمية المستدامة التي تأخرت كثيراً بفعل إخفاقات متراكمة علي أصعدة عدة في السنوات التي سبقت ثورة يناير وبعدها حتي جاء الرئيس السيسي حاملا بشائر مواقف أكثر نضجاً وحكمة في تغليبه المصلحة الوطنية ورؤية أكثر شمولا للتحديث تعتريها عقبات، ولكنه لا يتوقف عندها ويمضي في طريقه واضعا نصب أعينه رهانات كبري علي المستقبل.
الجولة الثانية للرئيس فى آسيا تدشن نقطة الارتكاز الثانية فى سياسة مصر الخارجية بعد تحسين العلاقات مع إفريقيا، فبعد الصين وأندونيسيا وسنغافورة جاءت هذه الجولة فى كازاخستان واليابان وكوريا الجنوبية.
محطة كازاخستان
توقف الرئيس السيسى فى بداية جولته فى دولة كازاخستان، وهى واحدة من دول آسيا الوسطى التى لم نلتفت فى السابق إلى تطوير علاقاتنا معها بما يتناسب مع الروابط التاريخية التى تجمعنا بها وبما يليق بدولة يمكن أن نطور معها علاقات اقتصادية جيدة، وقد كان الترحيب بالرئيس السيسى رائعاً وجاءت جلسات المشاورات على قدر ما توقعت الدوائر السياسية المصرية. بحث الرئيس السيسى والرئيس نزار باييف الإطار العملى لأساس جديد للعلاقات الثنائية واتفقا على استئناف عمل اللجنة المشتركة على المستوى الوزارى والإعداد الجيد لعقدها قريبا، ثم تطرقت المحادثات بين الجانبين إلى تجربة كازاخستان فى إنشاء عاصمة إدارية جديدة (أستانا)، والتعاون مع كازاخستان كواحدة من أكبر دول العالم فى إنتاج الحبوب وتطوير صناعة الدواء بين البلدين وسط ترحيب بصناعة الدواء المصرية. كما تطابقت وجهات نظر الرئيسين حول تجديد الخطاب الدينى ودعوة نزار باييف لكى تتبنى الدول الإسلامية دعوة السيسى لتصويب الخطاب الديني، ومن ثم اتفاق كامل على ضرورة مواجهة الإرهاب والتصدى له وعدم الازدواجية فى التعامل مع المنظمات الإرهابية. والرؤية المشتركة تقول إن مواجهة الإرهاب يجب ألا تقتصر على «داعش» فقط كما تريد بعض الدول الغربية أن تروج وتسوق، ولكن هناك جماعات أخرى يتعين التصدى لها. وحققت الزيارة خطوة على الطريق بقرار باييف استئناف الرحلات الجوية لشرم الشيخ فى الأسبوع الثالث من الشهر الجارى فيما تشارك مصر فى معرض «إكسبو 2017» فى أستانا، وهو حدث ضخم تستعد له كازاخستان بقوة. واتفق الرئيسان على التنسيق بين البلدين بشأن مشاركتهما فى قمة العشرين التى ستعقد فى الصين فى نوفمبر القادم بناء على دعوة من الرئيس الصيني.
محطة اليابان
لم يكن مشهد دخول الرئيس السيسى إلى قاعة البرلمان اليابانى «الدايت» مألوفا أو معتادا فى الثقافة اليابانية التى تميل إلى التحفظ وردود الأفعال المحسوبة ولكن ما رأيناه من عاصفة تصفيق حاد لحظة تقدمه لإلقاء كلمته ثم عند وداعه إلى خارج القاعة لم يكن عادياً، وإزاء الوداع الحار .. عاد الرئيس مجددا لتحية نواب »الدايت«..
كان الرئيس السيسى صادقا فى كلمته وتأكيده إسهام اليابان فى الحضارة الإنسانية فقال: «اليابان بحضارتها وأخلاقها الراقية وقيمها الرفيعة لم تقدم فقط نموذجا ناجحا فى الاقتصاد، بل كانت أيضا مصدر إلهام للأدب والشعر فى مصر فتناولتها قصائدهم فى مواضع المدح والإشادة كأمة وصلت إلى قمة المجد والتقدم ونشرت العلم والنور وبلغت العلا وأضحت مثلا يحتذى.. وكم من قصيدة نظمها أمير الشعراء أحمد شوقى تضمنت الإشادة بأمة اليابان، وكم من قصيدة استلهمها شاعر النيل حافظ إبراهيم من وحى اليابان فى مقدمتها رائعته غادة اليابان».
وتوالت لقاءات الرئيس فى طوكيو، فإلى جانب الاتفاقيات التى وقعت، اجتمع الرئيس برؤساء الشركات الكبرى مثل »تويوتا« و«ميتسوبيشي» وتطرق إلى مشاركة المجموعات اليابانية الكبرى فى تنمية محور قناة السويس والتقى برئيس الوكالة الدولية للتنمية »جايكا« ومحافظ طوكيو ، وشهد المنتدى الاقتصادى المشترك وتحدث السيسى أمامه قائلا: »إن مصر تشهد ثورة اقتصادية حقيقية وعصرًا تنمويًا جديدًا وتتطلع لتعزيز التعاون مع شركائها وأصدقائها حول العالم، وعلى رأسهم اليابان التى نعتبرها شريكا رئيسيا وصديقا نعتمد على دعمه، بما يعود بالنفع على الجانبين.. إن مصر تسعى لشراكة حقيقية مع اليابان تكون فيها اليابان بقطاعيها العام والخاص داعمة للنهضة التنموية فى مصر وتقدم فيها مصر فرصا مميزة للقطاع الخاص الياباني.. أود تأكيد أهمية التعاون من أجل توفير التمويل اللازم للاستثمارات اليابانية فى مصر، كما أننى أدعو الجانبين المصرى واليابانى لتكثيف مباحثاتهما خلال الفترة القادمة من أجل تيسير نفاذ الصادرات المصرية إلى السوق اليابانية». وفى لفتة فى محلها، أشاد السيسى بالاستثمارات اليابانية فى مصر التى لم تغادرها كغيرها فى 2011. وأيضا، التقى الرئيس مع وفد من جمعية الصداقة اليابانية المصرية برئاسة يوريكو كويكى وزيرة الدفاع السابقة (خريجة كلية الآداب قسم اللغة العربية جامعة القاهرة عام 1976) والتى تعطى اهتماماً كبيراً بتطوير العلاقات مع مصر، ووجه الرئيس لها التحية على ما تقوم به لصالح العلاقات الثنائية. وبرغم مروره بوعكة صحية، حرص إمبراطور اليابان أكيهيتو على أن تتم زيارة السيسى للقصر الإمبراطورى وكلف ولى عهده بأن يستقبل الرئيس.. فى تنوع اللقاءات الرئيس إشارة إلى الحرص على تدشين علاقة إستراتيجية من أجل التنمية.
حققت زيارة الرئيس السيسى لليابان أهدافا كثيرة فى سبيل تطوير العلاقات الثنائية مع دولة تمثل ركيزة كبرى فى الاقتصاد العالمى وصاحبة تجارب علاقة فى التعليم وبرامج التنمية. فى اللقاء الأول بين السيسى وشينزو آبى رئيس الوزراء اليابانى بالقاهرة فى يناير من العام الماضى كانت الأرض ممهدة لإطلاق العلاقات على أسس جديدة. يومها، قال شينزو آبى لـ »الأهرام« إن تعزيز العلاقات الثنائية يجب ألا يقتصر على المجال الاقتصادى فقط لأن الأساس فى التنمية هو الموارد البشرية، وأن اليابان سوف تسعى فى المستقبل إلى تدعيم التبادل الثقافى والإسهام فى البحث العلمي، والتعليم فى مصر، بهدف زيادة، وتعميق الفهم المتبادل بين الشعبين. فى زيارة السيسى لطوكيو، دشن الجانبان ما يمكن تسميته بـ »علاقة استراتيجية تنموية«، حيث أظهر الجانب اليابانى رغبة صادقة فى دعم مصر فى كل المجالات التى تحتاجها للنهوض والتنمية والتقدم.
وربما تعد تلك هى ثالث علاقة استراتيجية من نوعها يبنيها السيسى بعد تدعيم العلاقات مع كل من الصين وروسيا الاتحادية. وكانت كلمات الترحيب بالرئيس وحفاوة الاستقبال فى البرلمان وفى رئاسة الحكومة أساسها، بحسب ما لمسنا جميعا، ثقة اليابانيين فى حب السيسى لبلاده ورغبته فى وضع أسس مشروع وطنى جديد وبادل اليابانيون الرجل إخلاصا بإظهار الاستعداد لدعم مشروعه الوطنى ودعم المشروعات المصرية فى مجال التعليم والطاقة والنقل والبنية الأساسية. وقد كان لتصريح ساتوشى أوزاوا، رئيس اللجنة الاقتصادية المصرية ـ اليابانية المشتركة، عن نتائج استطلاع للرأى أجرى أخيرا فى اليابان وكشف عن أن أكثر من 70 % من الشركات اليابانية العاملة فى مصر تعتزم زيادة استثماراتها فى الاقتصاد المصرى وقعا طيبا للغاية على الوفد المصري. على صعيد التبادل التجاري، يصل حجم التجارة البينية 1.4 مليار دولار، منها 150 مليون دولار صادرات مصرية لليابان و 73 مليون دولار صادرات غير بترولية والباقى صادرات يابانية لمصر، وقد أظهر الجانبان رغبة فى تحقيق توازن من خلال زيادة حجم الصادرات المصرية للسوق الياباني.
كما احتل ملف التعليم أهمية كبيرة فى ظل اهتمام خاص من السيسى بتجربة التعليم فى اليابان ورغبته فى إحداث نقلة نوعية فى التعاون العلمى والتعليمى والاستعانة بخبرات يابانية فى تحديث أساليب التعليم فى مصر. وقد حظى مشروع الجامعة اليابانية فى مصر بنصيب وافر من النقاش، فالجامعة التى أعلن عن تأسيسها فى عام 2009 ينتظر أن تتبع النموذج اليابانى فى التعليم الابتكارى المعتمد على البحث العلمى والتطبيق العملى ومنهجية حل المشكلات وينضوى تحتها عدة مراكز بحثية تمثل النموذج الجديد للجامعات الحديثة فى العالم، وتشارك فى مناهج الدراسات العليا فيها 12 جامعة يابانية كبري. كما تعتمد الجامعة أساليب المنافسة مع الجامعات الكبرى فى التعليم المتطور والبحث العلمى وتنفرد بتخصصات أكاديمية تتفاعل مع جميع القطاعات الإنتاجية والخدمية وتعتمد على الاستخدام المكثف لتكنولوجيا الاتصالات ونظم المعلومات. وتطرق الحديث مع الجانب اليابانى إلى كيفية جذب الشركات والهيئات اليابانية للتعاون مع الجامعة بحثياً واستخدام إمكانات الشركات فى التدريب ونقل التكنولوجيا الجديدة وأساليب العمل المتطورة إلى مصر. وقد جاء إعلان آبى التجاوب مع رغبة السيسى فى إيفاد طلاب دراسات عليا فى مجالات مختلفة للتعلم فى اليابان بمعدل 500 منحة مجانية سنوية (2500 طالب على مدى خمس سنوات) خطوة عملية- ربما لا تلبى طموحات الرئيس فى عدد أكبر إلا أنها بادرة مقدرة من الجانب الياباني. وقد تقرر أن يبحث الجانبان الإجراءات التنفيذية سريعاً من خلال وضع القواعد وطبيعة المجالات التى تحتاجها مصر.
ومن الأمثلة الأخرى على التوجه اليابانى الجديد، القرض الذى قدمته طوكيو لتمويل ثلاثة مشروعات فى مجال النقل الجوى (تطوير مطار برج العرب) وفى مجال الطاقة إنشاء محطة للطاقة الشمسية بالغردقة بقيمة 500 مليون دولار وهو يعد أقرب إلى »المنحة«... فالقرض يمنح مصر فترة سماح عشر سنوات قبل بدء السداد.. والسداد يكون على 40 عاماً بفائدة 1% (واحد من عشرة فى المائة فى المائة).. أى بلغة المال لا شيء .. فتكلفة مثل هذه المشروعات تتضاعف.. والسداد من عائد التشغيل.
فى الشق السياسي، أظهر كبار المسئولين اليابانيين دعما كاملا لمصر فى مواجهة الإرهاب وعدم الازدواجية فى التعامل مع المنظمات الإرهابية فيما اتفق الجانبان على التنسيق الكامل فى مجلس الأمن بوصف البلدين عضوين غير دائمين فى مجلس الأمن الدولى إلى جانب عضوية مصر فى مجلس السلم والأمن الإفريقي. وقالت مصادر الوفد المصرى إن هناك تنسيقا كاملا واتفاقا فى المواقف من الأحداث والتطورات فى سوريا وليبيا واليمن خاصة فيما يتعلق بضرورة التوصل إلى تسويات سياسية من جانب، وعلى التمييز بين جبهات المعارضة السياسية وبين المنظمات الإرهابية من جانب آخر.
فى كلمة »آبي« فى ختام المباحثات دلالات مهمة عندما قال: يسرنى أن أرى أفاق العلاقات والتعاون تتوسع.. نحن مستعدون لتقديم جميع أشكال الدعم «لشركائنا» فى مصر.. وقال أيضا: «مصر تحقق تقدما فى مجال التنمية والديمقراطية برغم ما تواجهه من تعقيدات واضطرابات فى المنطقة حولها». وأكد رئيس مجلس النواب أيضا على المعنى نفسه عندما أشار إلى أن مصر تمضى قدما فى بناء دولة ديمقراطية مدنية حديثة وهى تتغلب على التحديات التى تواجهها». وكذلك رئيس مجلس المستشارين، حيث أعرب فى كلمته بحضور السيسى فى «الدايت» عن ثقته فى أن مصر ستغلب على المشكلات التى تصادفها.
محطة كوريا الجنوبية
فى «البيت الأزرق» مقر الرئاسة فى سول، كان استقبال الرئيس السيسى أمس من جانب الرئيسة بارك كون هيه حافلا ويليق بعلاقات تنمو إلى مستويات رفيعة. ووقع الرئيسان تسع اتفاقيات ومذكرات تفاهم والتى تضمنت الاتفاق الإطارى لتنظيم القروض الكورية ومذكرة تفاهم بين بنك الاستيراد والتصدير الكورى والحكومة المصرية بشأن إتاحة حزمة تمويلية لمصر بقيمة ثلاثة مليار دولار، وإنشاء كلية للتكنولوجيا هى واحدة من الثمار الجيدة للعلاقات الثنائية بين القاهرة وسول والتى تؤكد النهج الذى وضعه الرئيس السيسى عن ضرورة الاستفادة من التقدم العلمى والتكنولوجى فى شرق آسيا لبناء قاعدة علمية على أسس جديدة فى مصر.
يقول الكوريون إنهم يتذكرون الأيام التى حددت مستقبل بلدهم فى فندق «مينا هاوس» فى الفترة ما بين 22 و26 نوفمبر عام 1943 عندما اجتمع ونستون تشرشل رئيس الوزراء البريطانى والرئيس الأمريكى فرانكلين روزفلت، والقائد العام فى الصين تشان كاى شيك وصدر إعلان القاهرة وأصبح آلية دولية أخرى لتحديد فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ثم صدر إعلان بوتسدام فى 26 يوليو 1945 بين قوات الحلفاء والاتحاد السوفيتى السابق حول ترسيم الحدود، ويعتبر الكوريون أن إعلان القاهرة يمثل أهمية خاصة باعتباره واحدا من الإعلانات التاريخية التى تبناها المجتمع الدولى الذى لفت الانتباه إلى أن كوريا يجب أن تصبح حرة ومستقلة. اليوم، يوجد فى مصر 125 مشروعا كوريا بإجمالى استثمارات أكثر من 9 مليارات دولار، وفقا للأرقام حتى مارس 2014، وتتمثل الاستثمارات الكورية فى عده قطاعات اهمها الالكترونيات، والصناعات النسيجية، ومكونات السيارات، الكيماويات، مواد البناء. وقد بلغ حجم التبادل التجارى بين مصر وكوريا الجنوبية 2٫5 مليار دولار فى عام 2015 وبلغت الصادرات المصرية الى كوريا الجنوبية حوالى مليار دولار فى عام 2013، مقارنة بنحو 802 مليون دولار خلال عام 2012 بنسبة زيادة بلغت 26 %، وتتمثل الصادرات المصرية فى صادرات بترولية، وصادرات غير بترولية تتمثل فى القطن الخام، وتفل البنجر، والميثانول الكحولي، الى جانب صادرات أخرى مثل الرخام والاسمنت الأبيض والمركزات والملابس القطنية.
وقد كانت تصريحات الرئيس السيسى لوسائل الإعلام الكورية مباشرة ومعبرة بصدق عن رغبة فى تعزيز التعاون فى مجالات الطاقة وإنشاء مناطق لوجستية والتعاون فى صناعات تحلية المياه والتصنيع وبناء مخازن لوجستية لتصدير المنتجات إلى إفريقيا وأوروبا ضمن مشروعات أخري.
وحرص الرئيس فى محادثاته وحواراته الإعلامية على التأكيد على الرؤية التنموية لمصر فى عام 2030 والتى تتضمن تهيئة مناخ الاستثمار الحديث فى البنية التحتية وتوفير فرص عمل للشباب وتوفير شبكة الطرق والكهرباء والموانئ والمطارات والاستفادة من تجربة كوريا فى الوصول إلى أهداف استراتيجية التنمية.
وقد أكد الرئيس أن التجربة الكورية قدمت مثالاً للنشاط والإخلاص واحترام قيمة العمل وأشار إلى أن مصر سبق واستقبلت بعثة كورية فى أوائل حقبة الستينيات من القرن الماضى للتعرف على تجربة مصر فى التنمية آنذاك، مشيداً بما حققته كوريا الجنوبية فى الوقت الراهن وهو ما يدفع مصر إلى مزيد من التعاون على أصعدة عدة.
شينزو آبى ودرس المادة التاسعة
يدور جدل فى اليابان حول تفسير المادة التاسعة من دستور عام 1947حيث يتضمن الباب الثانى منه وتحت مسمى »نبذ الحرب« مادة واحدة فقط هى المادة التاسعة تقول: «نطمح إلى السلام الدولى القائم على العدل، الشعب اليابانى ينبذ الحرب كحق سيادى والتهديد أو استخدام القوة كوسيلة لتسوية الخلافات الدولية».
وتضيف: «ومن أجل تحقيق هذا الهدف فى الفقرة السابقة فإن القوات البرية والبحرية والجوية وسائل الحرب المحتملة لن تدوم ولا يعترف بحق الدولة فى إعلان حالة الحرب». وقد وضعت المادة بنصها السابق قيودا تمنع إرسال اليابان قواتها إلى الخارج وأصبح الجيش يقوم بمهام دفاعية فقط لحماية الأراضى اليابانية حتى جاء رئيس الوزراء شينزو آبى ليدفع فى اتجاه تفسير جديد للمادة من أجل إعطاء السياسة الخارجية زخما أكبر يتناسب مع مكانة اليابان على الصعيد العالمي. ينتظر أن يسمح القانون الجديد بإرسال القوات اليابانية إلى خارج الحدود لمساعدة الحلفاء وبالتالى ستصبح اليابان لاعبا مهما على الساحة الدولية فى إطار مشاركتها فى «الدفاع الجماعي» . التحركات اليابانية فى الإطار السابق وتفعيل القدرات اليابانية لإبراز قدراتها على الساحتين الإقليمية والدولية يمثل درسا مهما فى كيفية مواجهة التحديات وتنظيم دوائر حركة السياسة الخارجية لخدمة المصالح العليا وهى تجربة يتعين أن ندرسها فى مصر فى إطار إعادة تفعيل السياسة الخارجية.
تجربة كويكى ورد الجميل لمصر
قبل 12 عاما التقيت السيدة يوريكو كويكى وزيرة البيئة اليابانية فى حكومة رئيس الوزراء جونشيرو كويزومي، ثم وزيرة الدفاع فى عام 2007، والتى كانت المسئولة الوحيدة بين الدول الصناعية التى تخرجت من جامعة القاهرة بعد حصولها على منحة للدراسة فى مصر عام 1971 وفى زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى التقيت السيدة كويكى مرة أخري. فى تلك المرة كانت كويكى تتحرك بابتسامة رقيقة وسط الوفدين المصرى واليابانى وتشعر بقدر سعادتها وهى تروج لعلاقات الصداقة بين البلدين. فى حوارنا الأول عام 2004، قالت الوزيرة السابقة إن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قد تبنى سياسة مهمة وهى تقديم منح دراسية لطلاب الدول الأجنبية فى الجامعات المصرية وأشارت إلى أنها كانت تحصل من الحكومة المصرية على منحة مالية قدرها (8 جنيهات) وحينها قالت إن ما قام به عبد الناصر كان استثمارا مفيدا وناجحا وقالت مازحة فى حوارها فى إشارة إلى تجربتها »أليس كذلك؟«.. اليوم تقف كويكى مؤيدة ودافعة فى اتجاه إعطاء الطلاب المصريين منحا دراسية على نطاق واسع للمساعدة فى برامج تحديث الدولة وبناء اقتصاد جديد ووضع مصر على طريق العلم والتكنولوجيا بما يليق بتاريخها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة