خبراء لـ"العين": القانون الأردني يكافئ المغتصب بزواج الضحية
مادة بقانون العقوبات تواجه رفضًا مجتمعيًّا
القانون الأردني يكافئ الشخص الذي يقوم بهذا الفعل المشين، ويقدم للجاني زوجة دون أن يعاقب على ما اقترفه، بحسب خبراء أردنيين.
يرى خبراء وقانونيون أردنيون، أن المادة (308) من قانون العقوبات تكافئ الشخص الذي يقوم بهذا الفعل المشين، وتقدم للجاني زوجة دون أن يعاقب على ما اقترفه.
ففي القديم كان تداول كلمة الاغتصاب من الكلمات التي تقشعر لها الأبدان، ومن الخطوط الحمراء التي تحاول الأسرة تجنب ذكرها، من بشاعة الفعل وخطورته، ولكن مع هذه المادة يصبح الاغتصاب أحد الطرق التي تقود للزواج.
حملات نسائية وحقوقية عديدة قامت بالاعتراض على مادة (308) التي تعفي المغتصب من العقاب في حالة زواجه من الأنثى.
نشطاء بحملات رفض القانون طالبوا بإلغائه متسائلين: هل الخوف على سمعة الفتاة وأهلها، سيجبرها على الزواج من شخص اغتصبها وألحق بها أضرار نفسية وجسدية طويلة المدى؟! وكيف للفتاة المغتصبة أن تعيش مع المغتصب في نفس البيت رغبة منهم في إنشاء أسرة سليمة؟
وبحسب التقرير الإحصائي السنوي لعام 2014 والصادر عن إدارة المعلومات الجنائية في الأردن، وهو آحدث تقرير تم نشره، فقد بيَّن أنه في 2014، وقعت 140 جريمة اغتصاب، و181 جريمة خطف، و 766 جريمة هتك عرض و122 جريمة زنا وغيرها.
وأظهرت دراسة قامت بها جمعية معهد "تضامن النساء" الأردني لعام 2015 هي الأولى من نوعها في الأردن، حول "الجرائم الجنسية ضد النساء- المادة 308 من قانون العقوبات الأردني نموذجًا"، أن 70.8% من الأردنيين مع إلغاء مادة (308) من قانون العقوبات، كونها تشكل انتهاكًا صارخًا لحقوق النساء، وتُعرّض المجني عليهن لمعاناة نفسية وجسدية شديدتي الخطورة على حياتهن، وتعفي المغتصب من العقوبة.
تناقض بين القوانين:
يقول إبراهيم الساحوري الناطق الإعلامي لحملة "ضحية لا تخليها هدية " أن المادة تشكل منفذًا واضحًا للجاني للإفلات من العقوبات، مؤكدًا أن مادة 308 تتناقض مع المادة 292.
ونصت المادة 292: "الحكم بالسجن 15 عامًا لمن اغتصب فتاة فوق السن القانوني مع الاشغال الشاقة، ومن سن 15- 18 - 20 عامًا مع الأشغال، والإعدام إذا كانت مع القاصر".
ويضيف الساحوري في حديث لـ"بوابة العين": على الرغم من وجود ثغرة في المادة القانونية، تمثلت في "إفلات الجاني من العقاب بزواجه من الضحية مع صلاحية طلاقها بعد 3 سنوات-جنحة، أو 5 سنوات-جناية، ففي جميع الحالات يعد الزواج بالنسبة للجاني مخرجًا ومهربًا من العقوبة، فما يقارب 95% من الجناة، خلال الأعوام الخمسة الماضية، "نفذوا من العقوبة لمجرد الزواج من الضحايا"، و62% من الجناة اعترفوا بزواجهم لتلاشي العقوبة، أما حالات الزواج بالإكراه بلغت 90%.
وتابع: لقد تمت مقابلة نسبة كبيرة من الفتيات التي تم تزويجهن بعد الاغتصاب، واعترفن أنهن يمارسن البغاء، وأن معظمهن يطلبن الطلاق بعد المدة التي حددها القانون وهي 3 سنوات أو 5 لعدم قدرتهن على العيش بشكل مستقر مع المغتصب، ويتعرضن خلال فترة زواجهن إلى العنف اللفظي والجسدي، فهذا القانون ما هو إلا سجن للمغتصبة بمدة محددة.
الخوف من الفضيحة:
الأخصائي الاجتماعي الدكتور حسين الخزاعي يرى أن المجتمع الأردني مجتمع محافظ ولا يتقبل صورة الفتاة المغتصبة، وحل القصة عن طريق زواج المغتصب بها ليس هو الأسلوب العلاجي الصحيح.
وأضاف الخزاعي لـ"العين": نحاول أن نعدل القانون أو نلغيه حتى يعاقب الجاني، ويصبح الردع عامًّا وخاصًّا.
وشدد الخزاعي على أنه يجب أن تتآزر أطراف المجتمع المختلفة لمساعدة المغتصبة كونها ضحية، فهي تتعرض بشكل مستمر لضغوط نفسية ومجتمعية تحيط بها، وغاية هذا الزواج تختلف عن أي زواج آخر وهو "ستر" عليها خوفًا من الفضيحة، ولن تعيش هذه الأسرة باستقرار ولن يكون بينهم المودة والرحمة.
اتفق مع الرأي السابق المستشار القانوني محمد عاصي الذي اعتبر أن هذا القانون ما هو إلا دعوة مبطنة للاغتصاب، ويكافئه بالزواج، وهو يتعارض مع عدد من القوانين، مثلًا من شروط الزواج الرضى؛ فالمادة 34 من قانون الأحوال الشخصية (لا يتحقق الزواج بالإكراه). وأيضًا من المشكلات التي ستواجه الفتاة المغتصبة قد لا تستطيع إثبات نسب أطفالها، إن لم يوافق الجاني.
في السياق نفسه، يقول مستشار جمعية معهد تضامن النساء الأردني، منير إدعيبس: في بداية العام الحالي قدمنا مذكرة لرئاسة الوزراء طالبنا خلالها إلغاء وتعديل مادة (308)، ولم يتفق مجلس النواب خلال مناقشة المادة على ردها أو تعديلها، ما استدعى تأجيل مناقشتها حتى إشعار آخر، لكن مؤخرًا دار نقاش المجلس حول تعديلها وليس إلغائها، معتبرًا أن "بقاء المادة حيز التنفيذ يشجع على إفلات الجاني من العقاب بدعوى زواجه من الضحية".
ويشير إدعيبس لـ"العين" أنه تم تشكيل التحالف المدني الأردني لإلغاء المادة (308)، والذي يضم أكثر من 50 هيئة ومنظمة وجمعية من مختلف محافظات المملكة، وأن عدد أعضاء التحالف في تزايد مستمر.
aXA6IDMuMTM5LjY3LjIyOCA= جزيرة ام اند امز