جيولوجيون إسرائيليون: أحجار القدس إسلامية وليست يهودية
يدحض مزاعم الإسرائيليين بوجودهم التاريخي في أرض فلسطين
"آباؤهم وليس أباؤنا" بحث جيولوجي اسرائيلي يقرّ بأن سلاسل أحجار القدس إسلامية وليست يهودية
خلُصت نتائج أحدث بحث علمي صدر مؤخراً عن المعهد الجيولوجي الإسرائيلي، إلى تأكيد "إسلامية" السلاسل الحجرية والزراعية المنتشرة في جبال وتلال القدس، وذلك بخلاف الرواية اليهودية التي تروّج إسرائيلياً حول توراتية تلك السلاسل.
والبحث العلمي الذي جاء تحت عنوان "آباؤهم وليس أباؤنا"، وآثارت نتائجه جدلاً واسعاً بين الإسرائيليين، ليس الأول الذي يدحض مزاعم الإسرائيليين في وجودهم التاريخي في أرض فلسطين، فقد تكررت الدراسات التي صدرت عن مجموعة من باحثي الآثار والمؤرخين، وتوصلت إلى حقائق عربية فلسطينية تاريخية تروَّج على أنها حقائق يهودية منذ عقود.
والجدر أو السلاسل الحجرية السندية الزراعية، "تتمثل بوضع حجارة ذات أحجام متوسطة وقريبة من بعضها البعض، على شكل سلاسل متراصّة لا يتجاوز ارتفاعها المتر وتعتمد الشكل الطولي المتواصل على منحدرات الجبال والتلال، وذلك بهدف منع انجراف التربة. وتوجد تلك السلاسل الحجرية في جبال فلسطين، لكنها واضحة المعالم في جبال القدس. ولعقود طويلة اعتمدت المؤسسة الإسرائيلية رواية تدّعي أن هذه السلاسل هي جزء أصيل من منظور توراتي حفظ لآلاف السنين.
ويقول خبير عمارة القدس وعضو الهيئة الإسلامية العليا في القدس د. جمال عمرو: هذا بحث من سلسلة أبحاث بدأت تنهال في العقدين الأخيرين من باحثين ومؤرخين وجهات إسرائيلية تتمتع بسمعة علمية وأكاديمية في الأوساط الإسرائيلية والدولية، توصلت نتائجهم إلى ما يدحض الرواية التلمودية المزيفة حول حق اليهود بفلسطين.
ويشير إلى أن البحث الذي تنسف نتائجه ادعاءات الإسرائيليين، وخصوصاً المتطرفين منهم، ليس الأول في هذا المضمار، فهناك سلسلة أبحاث ودراسات، أشهرها، كتاب "إسرائيل المصطنعة" للمؤرخ الإسرائيلي الشهير موشي راند، وقد جاء فيه بحقائق دامغة تبطل كل مزاعم اليهود في فلسطين.
ونشرت مصادر إسرائيلية نتائج البحث الذي أعدّه المعهد الجيولوجي الإسرائيلي وجامعات إسرائيلية مشهورة كجامعة تل أبيب والجامعة العبرية وسلطة الآثار الإسرائيلية، من خلال طريقة علمية حديثة لتحديد التأريخ (OLS)، نفّذها عدد من الباحثين الإسرائيليين المختصين بالاعتماد على مواد كيميائية تكشف تأريخ وتوقيت الرذاذ الترابي المدفون في الأرض، للعودة الى آخر فترة انكشفت فيه على الشمس قبل أن تغطي أسفل السلاسل الحجرية المذكورة.
وبعد فحص عشرات العينات من عدة جبال وتلال القدس وما حولها، تم تحليل النتائج في المعهد الجيولوجي، حيث وُجد في العينات المأخوذة من السفوح الجنوبية الغربية للقدس بين القدس وبيت لحم، أن من بين 18 عينة، تعود 12 منها إلى الفترة العثمانية - أغلبها للقرن السابع عشر ميلادي وحتى القرن التاسع عشر ميلادي - وثلاث عينات تعود للفترة المملوكية قبل نحو 700 -800 عام، كما تعود إحدى العينات للفترة الإسلامية المتقدمة قبل 1200 سنة، أي في الفترة العباسية ونهاية الفترة الأموية، بينما تعود عينة واحدة للفترة الرومانية المتأخرة وهي الفترة المتاخمة لبدايات الفتح الإسلامي.
واللافت أن البحث العلمي لم يتوصل إلى أي إثبات أو دليل واحد يبين أن بناء السلسلة الحجرية السندية في الموقع المذكور يعود إلى ما يطلقون عليها فترة الهيكل الثاني المزعوم، في جبال القدس الغربية الشمالية.
ويؤكد عمرو لبوابة "العين" أن البحث الجيولوجي الأخير، يدعم نتائج دراسة ميدانية (حفريات) أعدها فريق بحثي إسرائيلي بعد أشهر من البحث والتنقيب عن آثار يهودية تحت الزاوية الجنوبية الغربية للمسجد الأقصى، فإذا بالفريق البحثي يكتشف 16 قطعة أثرية تعود الى عهد هيردوس في القرن الرابع قبل الميلاد.
تلك الاكتشافات أذهلت اللجنة المؤلفة من باحثين مشهورين من جامعة حيفا، ودفعت رئيسها البروفسور "فايس" إلى التشكيك بصدق الروايات عن بناء سليمان للجدار، وتساءل يومها "كيف يبني سليمان الجدار ثم نجد قطعا أثرية أسفله وضعت بعد رحيله بـ900 سنة". وحسب عمرو فإن هذه الواقعة صدمت خبراء الحفريات (55 حفرية قاموا بها تحت الأقصى من العام 1967)، "لم يجدوا بعد كل الحفريات أي أثر للهيكل".
وأشار إلى محاولة بعض المتطرفين اختلاق آثار وتاريخ لإثبات حق اليهود في فلسطين، مبيناً أن الإسرائيليين أنفسهم اكتشفوا قبل فترة وجيزة أن "رأس صولجان سليمان" كان صناعة يدوية حديثة، صنعه متطرفون يهود في معمل اكتشف أمره خلال إدخال الصولجان للتحقق والتوثق.
ولفت عمرو إلى أن الجهات التي تقف خلف تلك الأبحاث تريد أن "تنقذ وجه إسرائيل من سوءة جماعات المتطرفين، وقوى اليمين المتطرف الحاكمة"، وأشار إلى "أن جزءا من هؤلاء الباحثين -الليبراليين واليساريين- علقوا الجرس أمام القوى الفاعلة في إسرائيل لتتحرك لإنقاذ نفسها من خطر المتطرفين ليس على الفلسطينيين فحسب بل على إسرائيل ذاتها".
وحثّ عمرو الجهات الفلسطينية الرسمية والسياسية والأهلية الفاعلة إلى "أخذ تلك الدراسات في عين الاعتبار عند الدفاع عن الحق الوجودي للفلسطينيين"، وتابع "مطلوب من الفلسطينيين التحرك دبلوماسيا وسياسيا وإعلاميا وأكاديمياً لنشر تلك الأبحاث التاريخية المهمة على المستوى العالمي"، لأنها تدحض رواية الإسرائيليين المنتشرة بزيفها على نحو واسع من دول العالم خصوصاً في المجتمعات الغربية.
aXA6IDMuMTIuMTIzLjQxIA== جزيرة ام اند امز