انقسام حاد داخل قطبي السياسة الأمريكية
الجمهوريون في حالة حرب داخلية، والديموقراطيون تتخللهم التناقضات
ظهور معالم لانقسامات تتخلل الأحزاب الأمريكية، حيث وجد الجمهوريون أنفسهم في حرب داخلية بين المرشحين، والديموقراطيون تتخللهم التناقضات
تشهد السياسة الأمريكية حاليا أكثر أوقاتها انقساما، حيث تتعالى أصوات الحرب الداخلية في معسكر الجمهوريين بسبب الانشقاقات بين مرشحي السباق الرئاسي الأمريكي، والتناقضات العميقة بين مرشحي الديموقراطيين.
المعسكر الجمهوري:
يأتي ترشح دونالد ترامب للرئاسة كمعضلة للجمهوريين، لعدم وجود سياسة أو استراتيجيات واضحة تمثل توجه الجمهوريين في برنامج ترامب. هذا بالإضافة إلى المشاكل العديدة والصورة السلبية التي كوّنها الرأي العام الأمريكي عن الجمهوريين بسبب تصريحاته السلبية عن المهاجرين والأعراق الأخرى التي تسكن الولايات المتحدة. بل وصل الأمر إلى إهانة المرشحين الآخرين من نفس الحزب، خصوصا المرشحين تيد كروز وماركو روبيو، علنا في أحد خطاباته.
فيديو لدونالد ترامب يهين تيد كروز على الهواء في مناظرة لقناة السي إن إن:
السبب الوحيد الذي يساعد ترامب على الاستمرار هي قابليته على تمويل حملته من ماله الخاص، نظرا لكونه أحد أكبر رجال الأعمال في الولايات المتحدة والعالم. حيث إن استقلاله المالي ساعده في التعبير عن أجندته بشكل واضح، على عكس الضغوط التي يتعرض لها المرشحون الآخرون لعرض أجندات مموليهم.
لكن الجمهوريين يرون في ترامب المرشح الذي تسبب في انخفاض شعبية الجمهوريين في الانتخابات الحالية لكونه مرشحاً جمهورياً من قبل الرأي العام الأمريكي. ستلعب الدراما السياسية دورا بارزا في مؤتمر الحزب القادم بحسب تصريحات السناتور رينيس بريبوس، رئيس اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري، الذي قال إن "الوضع الآن في الحزب حرج للغاية، ولم نرَ مثل هذا الانشقاق من قبل"، وأضاف "على السيد ترامب مراجعة تصريحاته وسياساته إذا كان يريد الاستمرار في هذا الحزب" في تصريح لجريدة الجارديان البريطانية الجمعة الماضية.
والجدير بالذكر أن المراقبين في الشأن الأمريكي يتوقعون أن الانقسامات الداخلية ستطغى على أجندة المؤتمر القادم للحزب في شهر يوليو/تموز القادم.
المعسكر الديموقراطي:
النزاع بين هيلاري كلينتون وبيرني سانديرز أعمق مما قد يعتقد الكثيرون. توجه سانديرز الاشتراكي يميل ناحية الشباب الأمريكي والأقليات بشكل عام، بينما تحاول هيلاري التركيز على الوصول لمقعد الرئاسة بشتى السبل. لكن مواقفهما المتناقضة تزيد من تشكك الناخبين الديموقراطيين لكليهما.
قامت هيلاري بالتراجع عن الكثير من التصريحات، فمثلا إذا كانت الجماهير غير راضية من الحرب، فهيلاري غير راضية من الحرب. وإذا كانت أمريكا غاضبة من البنوك، فتصبح هيلاري غاضبة من البنوك، باستثناء التي تصوت لإنقاذها. ولذلك يجد الكثير من الناخبين الديموقراطيين هيلاري متناقضة في توجهاتها السياسة، رغم أنه في بعض الأحيان تنجح سياسة هيلاري الانتخابية تلك في جمع الاصوات مثلما حدث في حالة الثلاثاء الكبير.
أما بالنسبة لساندرز، فموقفه متناقض أيضا. فعلى سبيل المثال، جهوده لرفع الأجور وتوسيع حقوق العمال يمكن أن تدخل في صراع مع دعمه لإصلاح نظام الهجرة في أمريكا. حيث دعم ساندرز مبادرات لتوسيع حقوق المواطنة للمهاجرين غير الشرعيين، لكنه دعم مقترحات لإنشاء وضع خاص يسمى بـ"العامل الضيف" من دون المواطنة الكاملة. قائلا إن الاقتراح هو من قبل الشركات الكبيرة، والذي يؤدي إلى مزيد من البطالة وانخفاض الأجور للعمال الأمريكيين.
وفي النهاية، ستشهد مؤتمرات الحزبين الديموقراطي والجمهوري حالات جدل واسعة حول من سيمثل الحزبين في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. لكن حالة الانقسام الحالية قد تمتد إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث إن الصراع داخل الجمهوريين يمثل تطورا خطرا في السياسة الداخلية الأمريكية، بينما التناقض الواضح في السياسات الديموقراطية سيتسبب في تشكيك الأصوات الجمهورية في مدى قدرة مرشحيهم على تولي منصب الرئاسة الأمريكية.
aXA6IDMuMTQxLjEyLjMwIA== جزيرة ام اند امز