غداة هجمات بن قردان تونس تقول إنها ربحت معركة ضد الإرهاب، والخبراء يحذرون من نشاط الخلايا النائمة على الحدود مع ليبيا.
بينما أعلنت الحكومة التونسية، الثلاثاء، أنها "ربحت معركة ضد الإرهاب"، وذلك غداة إحباط قوات الأمن هجمات متزامنة على ثكنة عسكرية ومركزيْ أمن في مدينة بن قردان الحدودية مع ليبيا، يبدو جليًّا أن "الخلايا النائمة" لتنظيم داعش الإرهابي استيقطت على شريط الحدود بين البلدين الذي يمتد بطول نحو 500 كيلومتر لمحاولة تأسيس "دولة".
ويربط محللون بين الهجمات الأخيرة في بن قردان وقصف جوي أمريكي استهدف في 19 فبراير/شباط الماضي مقرًّا لتنظيم داعش الإرهابي في صبراتة في غرب ليبيا التي تبعد نحو 100 كلم عن الحدود التونسية، وقتل في هذا القصف 50 شخصًا، أغلبهم تونسيون ويرجح ان بينهم التونسي نور الدين شوشان الذي وصف بأنه مسؤول ميداني في داعش بليبيا.
وبعد 5 أيام من الغارة الأمريكية في صبراتة، احتل نحو 200 إرهابي لساعات وسط هذه المدينة قبل أن تطردهم منها مجموعات مسلحة تابعة لتحالف "فجر ليبيا" الذي يسيطر على منطقة طرابلس.
ويقول الباحث في مركز "كارنيجي" حمزة المؤدب، إنه بعد القصف الأمريكي في صبراتة، قال عدد من الإرهابيين المصابين، إن تنظيم داعش يريد الانتقام بشن هجمات في تونس، وتحدثت تقارير عن تحركات مشبوهة على الحدود.
ولم يستبعد الصحفي الفرنسي المتخصص في الشبكات الإرهابية ديفيد طومسون، أن تكون هجمات بن قردان "عملًا انتقاميًّا لتونسيي صبراتة"، لكنه لم يستبعد أيضًا أن يكون مخططًا لها قبل ذلك، لأن تنفيذ مثل هذه الهجمات التي أوقعت 55 قتيلًا بين مهاجمين وعناصر أمن ومدنيين يحتاج إلى "أسابيع أو أشهر من التحضير".
خلايا نائمة:
ورجح كل من حمزة المؤدب وديفيد طومسون وجود "خلايا نائمة في تونس" شاركت في تنفيذ هجمات بن قردان.
والتحق أكثر من 5500 تونسي، غالبيتهم تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عامًا، بتنظيمات إرهابية في الخارج لا سيما في سوريا والعراق وليبيا، بحسب تقرير لمجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة حول استخدام المرتزقة.
ويقول ديفيد طومسون: "عاد بعضهم (إلى تونس) منذ 2013 وحلقوا لحاهم واختبأوا، وإن أضفنا إليهم آخرين ما زالوا يجتازون المعابر الحدودية دون أن يتم رصدهم، فهذا يجعل مسألة تعزيز أمن الحدود أمرًا غير فعال".
عبد الباسط الرباعي أحد عناصر "الغرفة الأمنية المشتركة بالمنطقة الغربية" في ليبيا، يقول لبوابة "العين" الإخبارية، إنهم يمتلكون معلومات مؤكدة عن تمكن 4 سيارت تابعة لعناصر من داعش من الدخول لتونس، ولكن لا يمكنه التأكيد عما إذا كان لهؤلاء علاقة بما حصل في بنقردان أم لا.
وفي تصريح لـ"العين" يقول محمد جرافة رئيس منفد رأس جدير الليبي الحدودي مع تونس، إن السلطات التونسية هي التي قامت مباشرة بغلق جميع المنافد مع ليبيا بعد حدوث الهجمات كإجراء احترازي.
وتمثل الهجمات الجهادية الدامية في مدينة بن قردان التونسية امتدادًا للفوضى التي تشهدها ليبيا المجاورة نحو هذه المنطقة الحدودية، وتعكس ما تواجهه تونس من صعوبات في تأمين حدودها البرية الطويلة مع جارتها.
ويرى المحلل الرئيسي لشؤون تونس في "مجموعة الأزمات الدولية" مايكل العياري، أن هجمات بن قردان تعكس "توسع منطقة الصراع المسلح الذي اقتصر حتى الآن على ليبيا".
ويلفت إلى أن الإرهابيين من تنظيم داعش يعتقدون أن بن قردان يمكن أن تكون مركزًا استراتيجيًّا لمنطقة "محررة" تشمل الجنوب الشرقي التونسي ومنطقة طرابلس العاصمة الليبية.
وقال رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد في مؤتمر صحفي، إن "نحو 50 شخصًا أكثرهم توانسة" هاجموا بشكل "متزامن" الثكنة العسكرية ومديريتيْ "الحرس الوطني (الدرك) والأمن الوطني (الشرطة)" في بن قردان بهدف "احتلال" هذه المنشآت الأمنية و"إحداث إمارة داعشية" في المدينة.
وأفاد بأن الاشتباكات بين المهاجمين وعناصر الأمن والجيش أسفرت -وفق حصيلة نهائية- عن مقتل 36 "إرهابيًّا" و12 عنصر أمن، "أحدهم تم اغتياله في منزله"، و7 مدنيين. كما أصيب 7 من عناصر الأمن و7 من الجيش و3 مواطنين بجروح.
وقال الحبيب الصيد في مؤتمره: "ربحنا معركة ولم نربح الحرب ضد الإرهاب"، مضيفًا أنها "حرب متواصلة"، و"(نحن) جاهزون للمعارك الأخرى".
aXA6IDE4LjE5MS4yMTIuMTQ2IA== جزيرة ام اند امز