غارات إسرائيل على غزة.. رسائل مفتوحة على كل الاحتمالات
غارات الاحتلال الجوية على قطاع غزة تهدف لتسخين الأجواء وفق خبراء ومحللين سياسيين
يستشعر خبراء ومحللون فلسطينيون مخاطر موجة التصعيد الأخيرة على قطاع غزة، التي توجت بأربع غارات أدت لاستشهاد طفل وإصابة شقيقيه، ما اعتبروه حالة من التسخين ورسائل القوة المفتوحة على احتمالات متعددة.
وقال الخبير الأمني والعسكري اللواء واصف عريقات: "إسرائيل مأزومة على كافة الأصعدة، ولديها النية لتصعيد العمل العسكري والعدوان ضد قطاع غزة، لكن هل هذا يؤدي إلى حرب لا أعتقد ذلك".
وشنت الطائرات الإسرائيلية 4 غارات استهدفت 3 مواقع عسكرية تابعة لكتائب القسام الذراع المسلح لحركة "حماس" وأرضًا خالية في أرجاء متفرقة بالقطاع، تسببت إحداها باستشهاد الطفل ياسين أبو خوصة (10 أعوام) وإصابة شقيقيه إسراء (6 أعوام) بجروح خطرة وأيوب (13عامًا) بعد تضرر منزلهم المجاور لأحد المواقع المستهدفة.
وقال الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي افيخاي ادرعي، إن سلاح الجو أغار على ٤ أهداف تابعة لحركة حماس في شمال قطاع غزة، معتبرًا أنها "تأتي ردًّا على إطلاق مخربين من القطاع رشقة من القذائف الصاروخية باتجاه بلداتنا مساء أمس"، في إشارة إلى 4 صواريخ أعلن الليلة الماضية إطلاقهم من غزة وسقوطهم على سديروت والنقب دون وقوع إصابات.
وحمل جيش الاحتلال حركة حماس التي وصفها بـ"الإرهابية" مسؤولة عما يحدث في قطاع غزة، معلنًا أنع "سيواصل التحرك بقوة للحفاظ على الهدوء في بلدات الجنوب".
ورأى عريقات أن ما يجري عبارة عن "مرحلة تسخين وجس نبض بالقوة"، موضحًا أن إسرائيل تستخدم سلاح شفير الهاوية عبر رسائل القوة.
عمل أمني في الخفاء
ويقدر الخبير الأمني الفلسطيني الذي يقطن بالضفة الغربية، أن إسرائيل "المأزومة" في ظل استمرار الانتفاضة بالضفة، يمكن أن تلجأ للتصعيد ضد غزة، من باب حرف الأنظار، وتشتيت المعارضة الداخلية الواسعة في إسرائيل ولكن يبقى هذا التصعيد تحت سقف الحرب، ويمكن أن يشمل اغتيالات محدودة واجتياحات محددة.
وشهدت الأسابيع الماضية تسخينًا إعلاميًّا إسرائيليًّا تمثل وفق خبراء في تضخيم القدرات العسكرية لقطاع غزة، والحديث المتكرر عن استكمال بنية الأنفاق الهجومية، ما رآه الخبراء مؤشرًا على نوايا لتهيئة الرأي العام لأي عدوان قادم.
وأشار عريقات إلى حادقة مقتل أحد أعضاء الشاباك الإسرائيلي في عملية أمنية لم يكشف الكثير عن ملابساتها على تخوم غزة، معتبرًا أنها أحد دلائل وجود عمل أمني وعسكري يجري في الخفاء من طرف إسرائيل، تجابهه المقاومة بعمل مماثل وتحضيرات على صعيد الأنفاق والصواريخ.
حماس: تصعيد خطير
حماس التي تحملها إسرائيل المسؤولية، اعتبرت على لسان القيادي فيها إسماعيل رضوان ما جرى بأنه "تصعيد خطير".
وقال رضوان لبوابة "العين": "التصعيد الإسرائيلي يهدف إلى لفت الأنظار عن انتفاضة القدس"، محملًا الاحتلال الإسرائيلي كامل المسؤولية عن هذا التصعيد وتداعياته.
وتشهد الأراضي الفلسطينية مواجهات مع الاحتلال الإسرائيلي منذ مطلع أكتوبر الماضي، يطلق عليه البعض هبة شعبية والبعض يطلق عليه انتفاضة القدس، استشهد خلالها حتى الآن 197 فلسطينيًّا بينهم 45 طفلًا و9 نساء، فيما قتل 34 إسرائيليًّا بينهم اثنان يحملان الجنسية الأمريكية وأثيوبي، إضافة إلى سوداني واحد.
وفيما بدا رسالة تحذير للإسرائيليين قال رضوان: "على الاحتلال ألا يختبر صبر المقاومة"، مطالبًا المجتمع الدولي بالتدخل لوقف أي تصعيد وتدهور في المنطقة، ولم تعلن أي جهة فلسطينية حتى الآن عن إطلاق صواريخ الليلة الماضية، فيما تبنت جماعات صغيرة غير معروفة، هجمات مماثلة في الأشهر الماضية.
عملية تسخين متدحرجة
وينظر الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل بخطورة إلى موجة التصعيد، معتبرًا أننا "أمام عملية تسخين متدحرجة".
ورأى أن أحد أهداف هذا التصعيد تحويل الأنظار عن الانتفاضة في الضفة الغربية وفرض التهدئة عليها من خلال التصعيد على غزة.
وتسببت العمليات الفردية التي تنوعت بين عمليات الطعن والدهس وإطلاق النار، في زعزعة الأمن الإسرائيلي، وإثارة غضب الإسرائيليين على حكومة اليمين بقيادة بنيامين نتنياهو، الذي اتهم بالفشل في قمع هذه الأحداث المستمرة منذ 5 أشهر، ويربط الخبراء الفلسطينيون بين الحملة الإسرائيلية على القنوات الإعلامية الفلسطينية التي شملت إغلاق قناة فلسطين اليوم بالضفة، وحجب قناة الأقصى عن قمر يوتل سات، واعتقال عدد من الصحفيين، وبين تهيئة الأجواء لأي تصعيد قادم.
وقال عوكل: صحيح أن استهداف وسائل الإعلام مرتبط بشكل أساسي بالانتفاضة في الضفة تحت ذريعة التحريض، إلا أنه يمكن اعتبار ما يجري مؤشرًا إلى أن إسرائيل يمكن أن يكون أحد خياراتها اللاحقة ارتكاب العدوان".
ويرى عوكل أن إسرائيل تتذرع بالصواريخ التي أطلقت من غزة، رغم إدراك الجميع أن حماس لا علاقة لها بذلك، وأن هذه الصواريخ تطلق خارج إطار المسؤولية الوطنية المعروفة والمتمثلة في الفصائل البارزة"، لافتًا إلى أن إسرائيل لم تتوقف عن العدوان طيلة الفترة الماضية وإن كان هذه المرة مختلفًا فهو تحضير للميدان.
واستشهد 26 فلسطينيًّا من قطاع غزة، منذ مطلع أكتوبر الماضي، برصاص الاحتلال الإسرائيلي على الحدود الشرقية، وبينهم أم وطفلتها استشهدتا في غارة مماثلة على القطاع في الشهر الأول لاندلاع الانتفاضة.
aXA6IDE4LjIyMi4xNjQuMTc2IA==
جزيرة ام اند امز