أطفال سوريا : "نار" الوطن أرحم من"رمضاء" الملجأ
الكارثة الإنسانية هو المصطلح الأكثر دقة لما يعيشه أطفال السوريين اليوم، لما خلفته الحرب من انعكاسات سلبية ظهرت جلية عليهم.
الكارثة الإنسانية هو المصطلح الأكثر دقة لما يعيشه أطفال السوريين اليوم، لما خلفته الحرب من انعكاسات سلبية ظهرت جلية عليهم، على الصعيد النفسي والجسدي معًا.
لكن بالرغم من الصدمات النفسية التي خلفتها الحرب دون أن تميبز بين كبيرهم وصغيرهم، إلا أنها تركت كذلك صنعت جيلًا من الأطفال لم تستطع أن تنتزع منهم قوة الإرداة في الحياة، وكانوا مثالًا تجسدت فيه قوة الإلهام الحقيقية لمن حولهم.
تروى كارولين هولي، مراسلة " البي بي سي "، قصصًا عن لقاءات عدة جمعتها مع مجموعة من هؤلاء الأطفال في مخيمات اللجوء، قائلة: جاءني الفتى إبراهيم "12 عامًا"، وكان في مقتبل العمر، يملك مقومات النجم الشاب، مع ابتسامة واسعة وإطلالة جميلة، إلا أنه يقطن في مبنى مظلم غير قابل للوصف في ضواحى العاصمة الأردنية عمان.
كان إبراهيم يتدرب لأداء مسرحية، وجاء بانسياب على عكازتيه ليلتقيني، وامتدت يداه بود لإلقاء التحية، حينها سألني إبراهيم إن كنت شجاعه بما فيه الكفاية لأشاهد قدمه التي تضررت وأصابها التشوة إثر قصف جوي، تسبب في مقتل والدته وأختين، إضافة لـ 3 أشقاء، وليس هذا فحسب، بل كان عمه و5 من أبناء عمومته ضمن تلك القائمة.
وكان إبراهيم الذي استحق ووالده حق اللجوء إلى كندا، يعدد أفراد عائلته القتلي كما لو أنه من الطبيعي أن تخسر نصف عائلتك".
وعلى الرغم من دنو موعد رحيله، كان إبراهيم يتوق للعودة إلى وطنه سوريا بدلًا عن ذلك ليعمل مراسل حرب، وقال: "أريد إظهار حقيقة ما يجرى في سوريا؛ لأن نصف العالم يجهل ذلك".
وتقول هولي: "الآلاف من الأسر السورية باتجاه الاستيطان في أوروبا، هربًا من فظائع لا يمكن تصورها، لكن الأطفال الذين التقيتهم في الأردن وفي لبنان بالإجماع يريدون العودة إلى ديارهم".
طفلة أخرى شاركت إبراهيم رغبة العودة لديارها، حسب رواية كارولين هولي، قائلة إن صح لها الرحيل غدًا إلى سوريا إنها "لن تتررد"، تقول رؤى "5 أعوام" إنها تريد استعادة دميتها التي خبأتها في الجارور داخل المنزل، بعد أن قررت العائلة تركها خشية الهجوم الكيميائي على الحي الذي تقطنه في عام 2013.
وكان شقيق رؤى "4 أشهر" في المستشفى، وهي تعيش مع والديها، و5 أشقاء لها داخل خيمة في جبال لبنان، وأكثر ما تفتقده تلك الطفلة البريئة، قدرتها على إعداد ما تشتهي من الطعام.
وفي الأردن، التقت المراسلة هولي بفتى صغير كان مثالاُ حقيقيًا للقوة، بعد أن فقد كلتا ساقيه وخسر إحدى عينيه، إضافة لبتر إحدى يديه إثر انفجار لغم أرضي.
وتقول كارولين هولي: "هذا الطفل الشرس المفعم بالطاقة عندما سألته، ماذا في وسعه أن يغير، لو استطاع، من السنوات الخمس الماضية؟ أجابني ببساطة أنه يفضل أن يمضي وهو ينظر إلى الأمام وليس إلى الوراء.
في اليوم التالي، حصل هذا الطفل على قدمين اصنطاعتين في المستشفى، ولم يكن هناك أي أحد من أفراد عائلته ليشاهد خطواته الأولى التي كانت في صيف عام 2014.
وفي قصة مماثلة، تحكى المراسلة البريطانية عن صبي صغير آخر، يدعى مصطفى، كان أيضًا يتعلم المشي من جديد بعد انفجار برميل متفجر سقط على منزل عائلته في ضواحي حلب، متسببًا في قتل كل من والديه وقضى على إثرها سنة في المستشفى.
عندما دخل المستشفى، كان في أسوء حالاته، وما يزال بحاجة إلى استبدال مفصل، حسبما ذكرت المستشفى، بإدراة منظمة "أطباء بلا حدود" التي أشرفت على علاجه في عمان، كما أنه كان مشلولًا جزئيًّا بسبب الشظايا التي لا يمكن إزالتها من دماغه.
وتقول هولي، على الرغم من صغر سن مصطفى إلا أنه كان مصدر إلهام حقيقي للآخرين، عند وصوله إلى المستشفى، لم يكن يستطيع الوقوف، وكان يعاني من سوء التغذية بسبب الصدمات التعي تعرض لها، وكان عنيدًا يصرخ كلما رأى طبيبًا، لكنه اليوم غادر سيرًا على قدميه، وكان شخصًا مختلفًا عما كان عليه سابقًا.
وقالت: "لم أستطع تخيل قوة صبي في مثل عمره، أراه اليوم يشارك في الحضانة ويغني عن الأم، إني أتخيل الكم الهائل من الضرر النفسي والجسدي الذي تسببت به الحرب على أطفال سوريا".
aXA6IDMuMTQ1Ljg1Ljc0IA== جزيرة ام اند امز