يواصل ناشطون لبنانيون اعتصامهم في عدد من المناطق اللبنانية، رفضًا لقرار الحكومة إقامة مطامر صحية مؤقتة لحل أزمة النفايات المُستمرة
يواصل ناشطون لبنانيون اعتصامهم في عدد من المناطق اللبنانية، وتحديدا في ساحة رياض الصلح بالعاصمة بيروت، بعد أن قضوا ليلتهم فيها، رفضًا لقرار الحكومة إقامة مطامر صحية مؤقتة لحل أزمة النفايات المُستمرة منذ يوليو/تموز من العام الماضي.
وعاود الناشطون اعتصامهم أمام مدخل مطمر الناعمة المركزي جنوب بيروت منعًا لدخول شاحنات النفايات إليه.
كما حذّرت "الحركة البيئية اللبنانية" من معارضة الخطة الحكومية اتفاقية حماية البيئة البحرية والمنطقة الساحلية للبحر المتوسط، المعروفة بـ"اتفاقية برشلونة"، والتي وقّع عليها لبنان منذ أربعين عامًا، عبر إقرارها "أربعة مطامر ستملأ البحر عصارة، وتعتبر علميًا أخطر بمائة مرة من المجارير.
ويعتبر الخبير البيئي، الدكتور ناجي قديح، بأنه لم يعد مقبولا هذا الإصرار على المطامر لاستقبال مجمل النفايات، باعتبارها مرحلة انتقالية تمهد للانطلاق بالمحارق لحرق مجمل النفايات أيضا.
ولم يعد مقبولا، بحسب قديح، هذا الإصرار على الخيارات الفاشلة، والتي أكدت فشلها مرة تلو مرة، وهي بالأساس جوهر السياسات التي أنجبت الأزمة، التي تسحق لبنان وشعبه تحتها منذ حوالي ثمانية أشهر.
ويؤكد الخبير البيئي أن المطامر والمحارق ليست هي الحل لنفايات لبنان، بل هي ربما، حلقة أخيرة من حلقات الإدارة المتكاملة التي ترتكز على إنشاء مركز للفرز وتتوزع ما بين التدوير والتسبيخ والمعالجة، وهكذا يتم التعامل مع النفايات بطريقة بيئية سليمة واستراتيجية واضحة قابلة للتطور وبأقل تكلفة ممكنة، أي بكلفة تعادل عشر الأرقام التي يتم التداول بها.
ويقول قديح: لم يأخذوا بالخيارات البيئية السليمة وحصروا أنفسهم في بداية الأزمة في خيارات غير مدروسة وعالية الكلفة.
وكانت الحكومة اللبنانية قد تبنّت خيار طمر النفايات بعد استحداث مطامر جديدة في مناطق نائية جغرافيًا في شمال وشرق البلاد، وهو خيار أعلن عنه وزير الداخلية والبلديات، نهاد المشنوق، لافتًا إلى أنه سيحظى بـ"مؤازرة قانونية"، بالإضافة إلى دعم لجنة البيئة النيابية لهذا الخيار، في توافق علني بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في البلاد.
من جهة أخرى، كانت أشهر الأزمة الطويلة كفيلة بطرح عدد من الخبراء البيئيين والأكاديميين، بالإضافة إلى شخصيات سياسية، حلولًا قد تبدو أقرب إلى الواقع، من دون أن تلقى آذانًا صاغية لدى السلطة السياسية التي تبنت ثلاثة خيارات فاشلة لحل الأزمة، على الرغم من اعتراض حملات الحراك الشعبي وخبراء بيئيين.
وكان النائب، ميشال المر، قد أعلن عن إعداد المستندات اللازمة لترخيص إقامة معمل لمعالجة النفايات الصلبة من خلال الحرق، وذلك في اتحاد بلديات المتن الشمالي قرب العاصمة بيروت.
وأوضح أن المعمل "سينشأ على مساحة مائة ألف متر مربع من الأملاك العامة البحرية". وأضاف أن "هذا حل بيئي سيقلّص كلفة معالجة طن النفايات من 220 دولارًا أمريكيًّا للطن (كلفة الترحيل) أو 160 دولارًا للطن (لشركة سوكلين)، إلى 25 دولارًا خلال السنة الأولى و15 دولارًا خلال السنة الثانية. أما السنوات الخمس عشرة الباقية من العقد، فستكون من دون أية كلفة، لأن البلديات ستدفع 12 دولارًا عن كل طن نفايات ترسله إلى المعمل للمعالجة".
من جهته، قدّم خبير الكيمياء العضوية والأكاديمي اللبناني، محمد عبدالغني، مشروعًا لإنشاء معامل معالجة كيميائية للنفايات الصلبة إلى الوزراء والنواب المعنيين، من دون أي تجاوب.
ويقترح عبدالغني إنشاء نوعين من معامل معالجة النفايات، بهدف معالجة النفايات غير المفرزة والمتكدسة في الشوارع حاليًا، والنفايات اللاحقة التي ستنتج بعد فرزها، وصولًا إلى تحويل استراتيجية معالجة النفايات إلى إنتاج الطاقة.
ويقوم المشروع على معالجة النفايات العضوية وغير العضوية من خلال محفزات كيميائية تحولها إلى مواد بترولية (غاز وديزل).
وتختلف نوعية المواد البترولية المنتجة في المعملين، لكن مستوى الطاقة التي سيولدها الغاز المُنتج (11 كليوواطًا في الساعة للطن) يقارب تلك التي ينتجها الغاز الطبيعي (13 كيلوواطًا في الساعة للطن). ويمكن بيع المواد البترولية المنتجة أو إنشاء محطات لتوليد الكهرباء قرب المعامل مباشرة.
ويؤكد الأكاديمي اللبناني أن ارتفاع كلفة معالجة الطن عبر هذه التقنية (بين 50 و75 دولارًا)، بالمقارنة مع خيار المحارق، يقابله "الحدّ من مخاطر المواد المسرطنة التي تنتجها المحارق، عدا عن كونه أقل كلفة من الترحيل أو الطمر".
aXA6IDMuMTQ1LjU5Ljg5IA==
جزيرة ام اند امز