رغم ترحيب مجلس الأمن..انسحاب بوتين من سوريا يثير قلق واشنطن
قرار بوتين المفاجىء بسحب القسم الأكبر من القوات العسكرية الروسية من سوريا،مازال يثير قلق أمريكا رغم ترحيب مجلس الأمن به.
في الذكرى الخامسة لنزاع أودى بحياة أكثر من 270 ألف شخص وشرد الملايين، أعلن الرئيس الروسي أمس الأثنين قراره المفاجىء بعد اتصال هاتفي مع الرئيس السوري بشار الأسد، بسحب القسم الأكبر من القوات العسكرية الروسية من سوريا، وذلك بعد أسبوعين على بدء العمل بوقف لاطلاق النار، وبالتزامن مع بدء جولة من المفاوضات في جنيف بين وفدي النظام والمعارضة.
واعتبر مجلس الأمن القرار ايجابيا، فيما تمهلت المعارضة السورية وواشنطن، أبرز حلفائها، في الإدلاء بموقف واضح قبل التحقق من الانسحاب.
وقال بوتين عبر التلفزيون: "المهمة التي طلبت من وزارة دفاعنا والقوات المسلحة انجزت عموما، لذلك أمرت وزارة الدفاع ببدء انسحاب القسم الأكبر من قواتنا العسكرية من الجمهورية العربية السورية اعتبارا من الغد الثلاثاء".
وجاء في بيان الكرملين أن الطرف الروسي سيحتفظ بقوة جوية على الأراضي السورية لمراقبة وقف اطلاق النار. ولم توضح الرئاسة الروسية أي نوع من الطائرات ستؤمن هذه المراقبة، لكن منذ دخول وقف اطلاق النار حيز التنفيذ في 28 فبراير/ شباط، لجأت القوات الروسية إلي طائرات بدون طيار.
كما لم يوضح الكرملين مكان تمركز هذه القوة الجوية، لكن من المرجح أن يكون قاعدة حميميم الجوية في محافظة اللاذقية في شمال غرب سوريا.
ونشرت موسكو منذ سبتمبر/ ايلول الماضي أكثر من خمسين طائرة حربية مع قوات في هذه القاعدة.
وأكد الكرملين أن قرار الرئيس الروسي تم بالاتفاق مع نظيره السوري و"أن الرئيسين أكدا أن تدخل القوات الجوية الروسية سمح بتغيير الوضع جذريا في محاربة الإرهاب وضرب البنى التحتية للمقاتلين (الأعداء) وتوجيه ضربة كبيرة إليهم".
وقامت الطائرات الحربية الروسية خلال خمسة أشهر من التدخل بآلاف الغارات الجوية واستهدفت آلاف المواقع التي قالت موسكو ودمشق إنها عائدة لـ"ارهابيين"، بينما نددت المعارضة ودول غربية باستهدافها مواقع للمعارضة المصنفة "معتدلة". كما أطلق الجيش الروسي خلال عملياته صواريخ من سفن حربية راسية في بحر قزوين أو من غواصات في البحر المتوسط.
وساعدت القوة الضاربة الروسية الجيش السوري على تحقيق تقدم على الأرض، بعدما كان في وضع صعب الصيف الماضي.
وأعلنت الرئاسة السورية من جهتها في بيان مقتضب أن "الجانبين السوري والروسي اتفقا خلال اتصال هاتفي بين الرئيسين الأسد وبوتين على تخفيض عديد القوات الجوية الروسية في سوريا مع استمرار وقف الأعمال القتالية، وبما يتوافق مع المرحلة الميدانية الحالية".
كما أوضحت الرئاسة السورية في بيان آخر أن الإعلان الروسي لا "يعكس خلافا سوريا روسيا، وهو خطوة تمّت دراستها بعناية ودقّة منذ فترة، على خلفية التطوّرات الميدانية الأخيرة، وآخرها وقف العمليات العسكرية".
ترحيب في مجلس الأمن وحذر في واشنطن
واعتبر مجلس الأمن الدولي في ختام مشاورات مغلقة حول سوريا الإعلان الروسي "أمرا إيجابيا"، بحسب ما قال الرئيس الحالي للمجلس السفير الأنغولي إسماعيل غاسبار مارتينز.
وقال مارتينز: "أخذنا علما بقرار روسيا بدء سحب جزء من قواتها، هذا شيء جيد"، مضيفا أن هذه المبادرة "أصبحت ممكنة بسبب التعاون الجيد بين الولايات المتحدة وروسيا".
لكن مسؤولا أمريكيا رفض الكشف عن اسمه، قال إنه من السابق لأوانه التكهن بالتداعيات المحتملة لقرار من هذا النوع على المفاوضات الجارية في جنيف. وقال المتحدث باسم البيت الابيض جوش ايرنست "لا بد لنا من أن نعرف بدقة ما هي النوايا الروسية".
وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي باراك أوباما تناقش هاتفيا مع نظيره الروسي في "الانسحاب الجزئي" للقوات الروسية، "والخطوات المقبلة اللازمة للتنفيذ الكامل لوقف الأعمال القتالية".
في برلين، اعتبر وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أمس الاثنين أن انسحاب الجزء الأكبر من القوات الروسية من سوريا، في حال تأكد، "سيزيد من الضغوط على نظام الرئيس الأسد للتفاوض أخيرا بجدية في جنيف حول عملية انتقال سياسي تحافظ على استقرار الدولة السورية ومصالح جميع السكان".
في جنيف، صرح المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لاطياف واسعة من المعارضة السورية سالم المسلط تعليقا على الإعلان الروسي، بالقول: "لا بد من أن نتحقق من طبيعة هذا القرار وما المقصود به"، مضيفا "إذا كان هناك قرار بسحب القوات (الروسية) فهذا قرار ايجابي ولا بد من أن نرى ذلك على الأرض".
وجاء القرار في اليوم الأول من انطلاق المحادثات غير المباشرة في جنيف حيث التقى الموفد الدولي ستافان دي ميستورا كبير مفاوضي وفد الحكومة السورية بشار الجعفري.
وأطلع دي ميستورا مجلس الأمن خلال جلسته على أجواء اليوم الأول من المفاوضات غير المباشرة. وكان صرح قبل بدء المحادثات أن الانتقال السياسي "هو أساس كل القضايا" التي ستتم مناقشتها.
وقال في مؤتمر صحافي في مقر الامم المتحدة "إنها لحظة الحقيقة"، وأضاف متسائلا "ما هي النقطة الأساسية؟ الانتقال السياسي هو النقطة الأساسية في كل القضايا" التي ستتم مناقشتها بين وفدي الحكومة والمعارضة.
ويتعارض كلام دي ميستورا مع ما قاله رئيس وفد النظام السوري بشار الجعفري الأحدالماضي، والذي اعتبر فيه أنه "لا يوجد شيء اسمه مرحلة انتقالية. وهذه المصطلحات يجب أن ننتبه لها كثيرا".
ويلتقي دي ميستورا غدا الأربعاء الوفد المعارض وكبير مفاوضيه محمد علوش، الممثل السياسي لفصيل "جيش الاسلام".
aXA6IDMuMTQ3LjgyLjI1MiA= جزيرة ام اند امز