تعويم الجنيه يعيد توجيه أنظار الأجانب للبورصة المصرية
القرار الأخير للبنك المركزي بخفض الجنيه 14.5% نجح بصورة كبيرة في تبديد مخاوف المستثمرين الأجانب بالبورصة.
تترقب البورصة المصرية إعادة جذب المستثمرين الأجانب مرة أخرى للاستثمار في سوق الأسهم والسندات، بدعم من قرار البنك المركزي، أمس، بخفض سعر صرف الجنيه مقابل الدولار بنسبة 14.5% ليسجل 8.85 جنيه بدلًا من 7.73 جنيه.
وأكد خبراء الاستثمار أن قرار المركزي يبدد بصورة كبيرة مخاوف المستثمرين الأجانب من مخاطر تقلبات سعر الصرف بالسوق المحلية، والتي تسببت الفترة الماضية في إحجامهم عن التوسع في ضخ استثمارات جديدة بسوق المال.
هذا فضلًا عن أن السياسة الجديدة التي اعتمد عليها البنك المركزي في جذب مدخرات بالعملة الأجنبية من المصريين خارج وداخل البلاد عبر طرح شهادات ادخارية بعائد مُغرٍ، ستساهم في حل مشكلة تأخر تحويل أرباح الأجانب بالبورصة خارج البلاد.
وفي أول رد فعلي على قرار البنك المركزي، سجلت البورصة المصرية أعلى ارتفاعًا لها منذ بداية العام بنسبة 6.7% ليغلق عند 7003.85 نقطة، فضلًا عن تسجيل المستثمرين الأجانب صافي شراء بقيمة 26.8 مليون جنيه.
كما سجلت البورصة أعلى معدل تداول منذ مايو/آيار 2014 بقيمة 1.419 مليار جنيه، إلى جانب ارتفاع القيمة السوقية للأسهم بنحو 15.5 مليار جنيه.
من جانبه، قال هاني توفيق رئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر، إن خفض الجنيه بنسبة 14.5% أمس بالجهاز المصرفي هي خطوة أساسية نحو توحيد سعر الصرف الذي يمهد الطريق لعودة الأجانب للبورصة المصرية؛ نظرًا لأنه كان لا يمكن ضخ استثمارات في سوق تضم سعرين مختلفين للعملة.
وأوضح أن سوق المال في مصر تنقسم إلى شقين؛ الأول يتعلق بالأسهم، والثاني يضم أدوات دين تشمل سندات الشركات وسندات وأذون الخزانة الحكومية.
وأضاف أن سوق الدين الحكومية هي الأكثر أهمية بسوق المال في دعم الاحتياطي النقدي الأجنبي بالبلاد، وكذلك تستحوذ على اهتمام المستثمرين الأجانب حول العالم بشدة، ولكن يجب أن تتوافر بها بعض الشروط حتى تكتمل جاذبيتها في عيون المستثمرين بعد خطوة الجنيه.
وحدد توفيق هذه الشروط في تقديم مصر ضمانات بتثبيت سعر الصرف للمستثمرين الأجانب والعرب في أذون وسندات الخزانة تحوطًا ضد أي انخفاض مستقبلي في سعر الجنيه، وذلك منعًا لانخفاض قيمة الاستثمارات عند استدعاء واستحقاق أدوات الدين بنفس قيمة تراجع العملة المحلية مقابل الدولار.
وأكد رئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر أن مصر مرت خلال عامي 2003 – 2004 بفترة شبيهة للمرحلة الحالية، وكان تثبيت سعر الصرف بسوق الدين حينها سببًا رئيسيًّا في وصول رصيد احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي إلى مستوى قياسي عند 36 مليار دولار.
وقد أعلن عمرو مصطفى رئيس قطاع الخزانة وأسواق المال بالبنك الأهلي وهو أكبر بنك حكومي في مصري، أمس الأحد، لشبكة بلومبرج الأمريكية، أن البنك بدأ بتقديم عقود تحوط للمستثمرين الأجانب في أذون وسندات الخزانة لتشجعيهم على الاستثمار في الديون المصرية.
وأكد أن عقود التحوط تضمن التحوط الكلي ضد المخاطر؛ حيث ستضم خيار شراء يتيح للمستثمرين التخارج من أذون وسندات الخزانة بنفس سعر شراء في حالة انخفاض سعر الجنيه.
وتجدر الإشارة إلى أن حجم الاستثمارات الأجنبية في سوق الدين المصرية شهدت تراجعًا حادًّا بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011 حيث انخفضت تدريجيًّا على مدار 5 سنوات حتى سجلت 50 مليون دولار فقط في 2015 مقارنة بأكثر من 10 مليارات دولار في 2010.
ومن المتوقع أن تزداد جاذبية سوق الدين الفترة المقبلة، في ظل ارتفاع متوسط العائد على أذون الخزانة أجل 364 إلى 12.444%، ومن المتوقع ارتفاعه في ظل ترجيحات مصرفيون بإصدار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي خلال اجتماعها، الخميس المقبل، قرارًا برفع سعر الفائدة بنسبة تتراوح بين 50 إلى 100 نقطة أساس.
من جانبه، قال هاني جنينة رئيس قطاع الأسهم ببنك الاستثمار بلتون، إن البورصة أثبتت ترحيبها بقرار البنك المركزي بتعويم سعر صرف الجنيه، حتى أن رأسمال المال السوقي للأسهم المتداول سجَّل ارتفاعًا بقيمة 15.5 مليار جنيه ليصل إلى 427.974 مليار جنيه.
وأضاف أن أسعار الأسهم المتدنية الآن تزيد من دور قرار خفض سعر الجنيه في إعادة الاستثمارات الأجنبية إلى البورصة بعد أن تراجعت خلال الفترة الماضية، نتيجة التخوف من انخفاض قيمة الجنيه بشدة عقب ضخ أية استثمارات، ما كان سيؤدي إلى تراجع قيمة الاستثمارات بنفس مقدار انخفاض الجنيه.
وقد سجلت تداولات المستثمرين الأجانب بالبورصة المصرية، أمس الأحد، صافي شراء بقيمة 26.8 مليون جنيه، وهو تحول في الموقف الاستثماري إزاء السوق المصرية.
فمنذ بداية العام تبنت المؤسسات الأجنبية اتجاهًا بيعيًّا حتى سجل الأجانب خلال أول شهرين من عام 2015 صافي مبيعات قدرها 744.54 مليون جنيه، منها 195.87 مليون جنيه خلال شهر فبراير/شباط الماضي.
وأكد جنينه أن هناك مستثمرين أجانب رحبوا بقرار البنك المركزي خلال اتصالات هاتفية مع بنك الاستثمار بلتون؛ نظرًا لأن سعر الدولار الحالي بقيمة 8.85 جنيه هو سعر متقارب للغاية من القيمة العادلة للجنيه مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيشجعهم على إعادة ضخ استثمارات في سوق الأسهم والسندات.
من جهة أخرى، كان يواجه الترويج الخارجي للاكتتاب في طروحات الشركات بالبورصة المصرية تحدي انخفاض سعر الصرف بمعدلات كبيرة، ولكن تبددت المخاوف الآن بصورة كبيرة بعد حدوث أكبر تخفيض رسمي في سعر الجنيه دفعة واحدة منذ أكثر من 10 سنوات.
كما أشار جنينة إلى أن هناك بُعدًا مهمًّا للغاية يتمثل في ارتفاع فرص استعادة ثقة الأجانب بقدرة مصر على تدبير سيولة دولارية في أي وقت عند حاجتهم لتحويل أموالهم للخارج، وذلك في حالة نجاح البنك المركزي في جمع حصيلة جيدة من النقد الأجنبي عبر شهادات الادخار المطروحة بالدولار واليورو للمصريين في الخارج وكذلك شهادات الادخار المطروحة في الداخل بعائد 15% لحائزي العملات الأجنبية بشرط استبدالها بالجنيه.
وقد واجه المستثمرين الأجانب والعرب بالبورصة منذ 2013 صعوبات في تحويل أموالهم للخارج بسبب شح السيولة الدولارية، ولكن المركزي خصص في ديسمبر/كانون الأول الماضي نحو 500 مليون دولار لتمكينهم من تحويل أرباحهم بالدولار.
ومع ذلك أكد رئيس قطاع الأسهم في بلتون أنه ما زال هناك أرباح متأخرة للأجانب بقيمة تربو على 100 مليون دولار، وفي حاجة لتدبير نقد أجنبي لتحويلها خارج البلاد.
وكان طارق عامر محافظ البنك المركزي قد عقد اجتماعًا، الأسبوع الماضي، مع صناديق استثمار أجنبية في لندن لمناقشة رؤيتهم وطلباتهم للاستثمار في مصر بشكل عام وسوق المال على وجه الخصوص.
فيما رأى أيمن إسماعيل رئيس قطاع الاستثمار المباشر بشركة جرافتون كابيتال، أن خطوة خفض الجنيه مهمة للغاية في طريق إعادة جذب استثمارات الأجانب في البورصة، ولكن آثار خفض الجنيه لن تنعكس سريعًا في صورة ضخ استثمارات.
وأضاف أن المستثمرين ما زالوا يترقبون انخفاضًا جديدًا في سعر صرف الجنيه، خاصةً أنهم اعتادوا على اتخاذ البنك المركزي قرارات مفاجأة في هذا الصدد، لذا سينتظرون بعض الوقت لحين اتضاح رؤية نهائية حول السعر الذي سيستقر عليه الجنيه لفترة طويلة.
aXA6IDMuMTMxLjEzLjE5NiA= جزيرة ام اند امز