مبادرة فرنسا لعقد مؤتمر للسلام تصطدم بتعنت إسرائيل
رغم تأكيد خبراء، في تصريحات لبوابة "العين"، أن المبادرة نفسها تحمل جوانب في غير الصالح الفلسطيني
ينظر الفلسطينيون بشكوك كبيرة لفرص نجاح المبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر دولي للسلام في ظل التعنت والمماطلة الإسرائيلية، رغم تأكيد الخبراء أن المبادرة نفسها تحمل جوانب في غير الصالح الفلسطيني.
وقال المحلل السياسي هاني حبيب، إن المبادرة الفرنسية هي الوحيدة المطروحة الآن وتحظى بالتأييد الأوروبي، لكن على ما يبدو هناك محاولات للالتفاف عليها عبر السعي لتقديم مباردة أو أفكار جديدة خلال زيارة نائب الرئيس الأمريكي جون بايدن الأخيرة.
وأشار حبيب، في تصريحل لبوابة "العين" الإخبارية، إلى أن هذه المرة الثالثة التي تطرح فيها باريس مبادرتها بعد أن طرحت للمرة الأولى عام 2014، وللمرة الثانية منتصف العام الماضي، مبديا قناعته أنه ليس هناك مبادرة قابلة للنجاح في ضوء تعقيدات الواقع والصلف الإسرائيلي.
عودة للأضواء
المبادرة الفرنسية عادت للأضواء في ظل زيارة الموفد الخاص الفرنسي إلى الشرق الأوسط، بيار فيمون، إلى المنطقة، حيث بحث مع مسؤولين فلسطينيين وإسرائيليين المشروع الفرنسي لعقد مؤتمر دولي، رحَّب به الفلسطينيون، بينما شكك الإسرائيليون بفرص نجاحه.
والتقى فيمون، الذي شغل في السابق منصب سفير فرنسا في الولايات المتحدة، مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية دوري غولد، كما التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزير الخارجية رياض المالكي وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات.
لم تأت بجديد
ورغم أن عريقات، قال عقب لقائه فيمون، برام الله، إن "الأفكار الفرنسية جاءت في الوقت المناسب وهي واقعية والاقتراح الوحيد الموجود"، إلا أنه أضاف "لم يأتِ الفرنسيون بشيء جديد، بل يقولون نحن بحاجة للإبقاء على حل الدولتين على أساس حدود عام 1967".
وبحسب عريقات فإنه "لن يستفيد أحد من نجاح المبادرة الفرنسية أكثر من الفلسطينيين، ولن يخسر أحد في حال الفشل أكثر من الفلسطينيين".
ورأى حبيب أنه ليس هناك فرصة في ظل التعنت الإسرائيلي، والمساندة الأمريكية لموقف إسرائيل.
وتمسكت إسرائيل في اللقاء مع المبعوث الفرنسي بضرورة إجراء المفاوضات المباشرة ثنائية الجانب دون أي شروط مسبقة.
نص المبادرة
وتنص المبادرة الفرنسية على العودة إلى حدود عام 1967 بين إسرائيل والدولة الفلسطينية المستقبلية، وأن تكون القدس عاصمة للدولتين، وهي تحدد مدة عامين حدًّا أقصى أمام المفاوضات للتوصل إلى اتفاق نهائي.
وتدعو المبادرة إلى مواكبة دولية لعملية السلام، مع ترك المفاوضات لإسرائيل والفلسطينيين، فيما تعلن أنها ليست لصنع السلام ولكن دفع هذه الأطراف نفسها لتصنع السلام، كما تدعو إلى رعاية المفاوضات من قبل مجموعة دعم دولية تضم دولًا عربية والاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء بمجلس الأمن الدولي.
وتتجاهل المبادرة قضية اللاجئين الفلسطينيين، وكذلك هناك جدل حول طرحها الطلب من الفلسطينيين الاعتراف بيهودية إسرائيل.
الجدول الزمني
ويؤكد حبيب أن أهم ما في المبادرة الفرنسية تبنيها للبرنامج الزمني حال عدم التوصل لاتفاق في المفاوضات حيث تنص على أن فرنسا ستعترف بالدولة الفلسطينية بعد عامين.
وهذا الأمر الذي دعا رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى اعتبار أن الموقف الفرنسي هذا يشكل تشجيعا للفلسطينيين، كي لا يقدموا تنازلات، مدعيًا أن "جوهر المفاوضات هو الحل الوسط، والمبادرة الفرنسية، بحسب ما وردت، تقدم للفلسطينيين الأسباب الكافية كي لا يقدموا تنازلات".
وأضاف "أن موقفنا واضح للغاية، وهو أننا مستعدون للدخول في مفاوضات دون شروط مسبقة، ومن دون إملاءات ثلاثية المراحل".
وفي إطار الترويج للمبادرة الرامية لتحريك عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين المتوقفة منذ 2014 زار وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت، الأربعاء والخميس الماضيين، مصر.
وبحسب ايرولت، فإن المراحل التي ستنفذ بها المبادرة الفرنسية تتمثل في خلق مجموعة دعم ومواكبة دولية، وعقد مؤتمر دولي، ثم الذهاب إلى مجلس الأمن لإقرار النتائج، وقال ايرولت، إن "أبرز المراحل الثلاث التي ستنفذ بها المبادرة الفرنسية للسلام، تتمثل أولًا في خلق مجموعة دعم ومواكبة من الدول المؤثرة في العالم، إضافة إلى الدول العربية الملتزمة بعملية السلام والراغبة في استمرار السلام حتى تحقيق هدفها في فترة لا تتعدى نهاية أبريل/نيسان المقبل".
الفراغ السياسي
ويشير المحلل السياسي جورج جقمان، إلى أن المبادرة الفرنسية التي تطرح مجددًا تأتي لتملأ الفراغ السياسي منذ توقف جولات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري للمنطقة، مبينًا أن التعطيل السابق للمبادرة لم يكن ناجمًا فقط من الرفض الإسرائيلي إنما أيضًا من عدم الترحيب الأمريكي.
وأشار جقمان في حديثه لبوابة "العين" إلى أن طرح المبادرة هذا العام يواكب أنه آخر عام للرئيس الأمريكي باراك أوباما، وبالتالي في ظل عدم وجود مباردة حقيقية أخرى لا منطق في الرفض الأمريكي له، ورأى أن الرفض الإسرائيلي يأتي في سياق رفض الاحتلال الدائم عدم تدخل أية أطراف أخرى باستثناء أمريكا في طرح المبادرات، كونها تطلع عليها مسبقًا وتملك لوبي قوي يملك التأثير في هذه المبادرات.
وينبه جقمان إلى أن المبادرة الفرنسية ورغم الرفض الإسرائيلي والترحيب الفلسطيني بها، لا تلبي التطلعات الفلسطينية، فهي تطرح الاعتراف بيهودية إسرائيل، وتتجاهل قضية اللاجئين، وتعترف السلطة الفلسطينية بإسرائيل، لكنها ترفض الاعتراف بها كدولة يهودية؛ لأن ذلك من شأنه الإقرار بحرمان ملايين الفلسطينيين اللاجئين من حقهم، فضلًا عن إعطاء مشروعية لإسرائيل لترحيل الفلسطينيين المسلمين داخل أراضي 48.
aXA6IDE4LjIyNS45Mi42MCA= جزيرة ام اند امز