خبير لـ"العين": الدولة الكردية بسوريا مستحيلة
خبير الشؤون الكردية، رجائي فايد، يرى في حديث لـ"العين" استحالة إقامة منطقة حكم ذاتي للأكراد إلا بمساندة قوى خارجية.
قال رئيس المركز الكردي للدراسات السياسية والاستراتيجية، رجائي فايد، إن الأكراد لن يستطيعوا تحقيق حلمهم بإقامة منطقة حكم ذاتي لهم إلا بمساندة قوى خارجية.
وخلال حديث مع "بوابة العين"، الإخبارية ذكر الفايد أن حلم كل كردي في تركيا وإيران وسوريا والعراق، أن يتم تجميع المجزء في يوم من الأيام وإقامة دولة كردية كبرى، لكن هذا الحلم يواجه معطيات الواقع، ولو نظرنا للتاريخ الكردي في المنطقة سنجد أنه لم تتحقق أي خطوة بصالحهم إلا بتفاعل عاملين اثنين، داخلي وخارجي، معنى ذلك أن الأكراد وحدهم لن يستطيعوا تحقيق حلمهم إلا بمساندة عوامل وقوى خارجية.
وشرح الفايد في بداية حديثه معنى الدولة الاتحادية، وقال "الفيدرالية تعني الاتحادية، والفدرالية لا تعني التقسيم بقدر ما تعني الوحدة على أسس جديدة، فالعراق اسمها دولة فيدرالية، أي دولة اتحادية بنص الدستور، والولايات المتحدة دولة فيديرالية وهي دولة اتحادية أيضًا، كذلك الأمر بالنسبة لسويسرا وإسبانيا والهند، والأمر الوحيد الذي مكن الهند على سبيل المثال صاحبة القوميات والأعراق واللغات المتعددة، من الحفاظ على وحدتها هو النظام الفيدرالي والانفصال عن المركز".
وأبرز الفايد أهمية النظام الاتحادي المطبق في الهند بالمقارنة مع باكستان التي كانت جزءًا منها، وتتبع النظام المركزي حاليا، مبينًا أنه وعلى الرغم من عدم وجود طوائف وأعراق في باكستان كما الهند، إلا أن كم التخلف الموجود هناك ومدى القلائل في باكستان تعود إلى مركزية النظام المطبق هناك.
وأوضح الخبير أن شرط تحقيق الفيدرالية، سواء في سوريا أو في أي مكان آخر، مرتبط بتحقيق قيم المواطنة الكاملة وسيادة قيم العدل والقانون بين الجميع، وألا تكون هناك سيادة لأحد في الدولة على أحد.
لكن مسألة إقامة دولة فيدرالية بسوريا حسب الخبير تخضع للعوامل التالية: "أن الأكراد في سوريا لديهم 15 حزبًا، لكن الحزب المتسيد على الساحة، هو حزب الاتحاد الديمقراطي برئاسة صالح مسلم، الذي وصل إلى هذه الحالة بالتنسيق مع النظام السوري، عندما سحب قواته من المناطق الكردية منذ بداية الأزمة السورية لصالح حزب الاتحاد الديمقراطي بهدف ترك مسؤولية حماية مناطق الأكراد لوحدات حماية الشعب الكردي (الذراع المسلح لحزب الاتحاد الديمقراطي)، ومن أجل التفرغ لمقاتلة الجيش الحر ووأد المظاهرات المناوئة للنظام وإخماد ما يسمونه بـ"أعمال الشغب"، وفي الوقت نفسه لإحداث انشقاقات في صفوف المعارضة السورية، وهذا ما تحقق له بالفعل".
ووضح الفايد أن صالح مسلم وحزبه، يسعيان إلى ما هو أبعد من إدخال سوريا في النظام الفيدرالي، وهو إقامة الدولة الكردية الكبرى، ويتمنى أن يحقق لنفسه ولشعبه ما تحقق في شمال العراق من إقامة إقليم كردي مستقل.
لكن الوضع في العراق مختلف عن الوضع في سوريا، وأوضح الفايد أن الحزب الكردي الأقوى هناك بقيادة مسعود برزاني، الذي تمكن من إقامة إقليم كردي في الشمال، هو في حالة تحالف مع تركيا التي قبلت بالفدرالية كأمر واقع بعد احتلاله عام 2003، أما حزب الاتحاد الديمقراطي والذي يعتبر ذراع حزب العمال الكردستاني في سوريا، ليس على وفاق لا مع أشقائه في العراق ولا مع باقي الفصائل السورية المعارضة، وعلى عداء حقيقي مع الجار التركي القوي، الذي يقف في وجه طموحه بقوة خوفًا من التوسع ومن التداعيات المستقبلية على تركيا في حال تمكن من إقامة دولة كردية كبرى.
وتابع الفايد: "نحن الآن نقف أمام معادلة حسابية معقدة في حاجة إلى استعراض السيناريوهات المستقبلية المتوقعة بالنسبة لسوريا لمعرفة إمكانيات نجاح أوفشل مخطط الأكراد في سوريا".
وكان السيناريو الأول حسب وجهة نظر الخبير بالشأن الكردي؛ هو أن يظل النظام السوري هو النظام الحاكم، ثم يقوى ويسيطر مرة أخرى وتنتهي المسألة، وهو أمر "مستبعد جدا"، بسبب استحالة عودة سوريا كما كانت عليه قبل خمسة أعوام، "فهناك متغيرات سياسية ضخمة جدا حدثت فضلا عن الدمار الحاصل على الأرض".
وتابع الخبير: "بافتراض أن المسائل انتهت إلى صالح النظام، فأعتقد أن تصريح النظام الرافض للاعتراف بمنطقة موحدة تتمتع بحكم ذاتي خاصة بالأكراد ليس إلا أجراء تكتيكيًّا بهدف عدم عرقلة المحادثات الجارية في جنيف، وسيكون له رأي آخر مختلف عن رأيه الحالي في المستقبل وسيخصص حصة للأكراد في مستقبل سوريا".
أما السيناريو الثاني، من وجهة نظر الفايد، كان انهزام نظام الأسد ورحيل حكمه، واستلام القوى المعارضة للحكم، ومن ثم سيكون الاتحاد الديمقراطي بهذا الشكل محاصرًا من جهاته الثلاث، ألا وهي تركيا وأشقائه في العراق والقوى المعارضة التي حكمت سوريا، فاحتمال تحقيق مطالبهم حين إذن سيكون "ضعيف جدًّا"، لأنه لايمكن أن تقوم تلك الدولة، وهي محاصرة من كل تلك الجهات ولا منفذ لها على البحر؛ لأن إمكانية محاصرتها اقتصاديا أمر يمكن تطبيقه ببساطة، ومسألة دخولها في نزاعات مع جيرانها أيضا هو احتمال وارد الحدوث بشكل كبير ومستمر أيضًا.
وعن السيناريو الثالث، قال الفايد "إن احتمال أن يتم تطبيق النظام الفيديرالي في سوريا سيتم فقط في حال قررت القوى الكبرى ذلك، وبهذا لن يبقى هناك حلا على الإطلاق، وحينها سيتم تقسيم سوريا إلى أربعة أقاليم، واحد للأكراد في الشمال السوري على محاذاة الحدود التركية، ومنطقة علوية على امتداد الساحل السوري، ومنطقة لداعش في الوسط، ومنطقة عربية سنية تضم ما تبقى من الأرض".
وعن توقعات الفايد بإمكانية تشكيل الدولة الكردية الكبرى، قال إنه من الممكن أن تتحقق في حالة واحدة، وهي إذا حققت الأجزاء الأربعة وضعًا مشابهًا لما تحقق في العراق، حين إذن ممكن أن تنهض وتقوم تلك الدولة، لكن هذا الأمر صعب التحقق وهناك قسم كبير من الأكراد موجود داخل إيران، ومنفي تماما ويكاد يذوب في المجتمع الإيراني، وبسبب التقارب الشديد بين الثقافتين الكردية والإيرانية، أي التباين الثقافي بين الثقافتين ليس بالحدة الموجودة في الموضوع السوري أو التركي أو العراقي، فكيف يمكن لقضية فئة غير مطروقة نهائيا على الساحة أن تتحد مع قسم كاد يقترب من الاستقلال.
وعن عدم دعوة الاتحاد الديمقراطي لجنيف، ذكر الفايد أن السبب الرئيس هو اعتراض تركيا من جهة، فهي تعتبره ذراع حزب العمال الكردستاني في سوريا، واعتراض وفد المعارضة السورية من جهة ثانية، لأنها تعتبره جزءًا من النظام، ومن ثم يمكنه أن يشارك فقط من ضمن أعضاء الوفد الحكومي.