الصحافة الإماراتية.. محتوى متميز أم قرارات محفّزة؟
تعددية وانفتاح تعيشهما الصحافة الإماراتية، فيما تسير عربة الأخبار سريعًا لتلتحق بالركب العالمي، سواء في المتابعة أم الاحترافية
تعددية وانفتاح تعيشهما الصحافة الإماراتية يومًا بعد يوم، فيما تسير عربة الأخبار سريعًا لتلتحق بالركب العالمي، سواء في المتابعة أم الاحترافية، ولاسيما أن دولة الإمارات تحتضن صحافة أجنبية أيضًا على أراضيها.
لكن السؤال يتعلق بواقع الصحافة الإماراتية؟ وما موقعها وسط الأمواج الإعلامية المتلاطمة وصراع الإلكتروني مع الورقي؟
قصة القرارات المحفّزة
يتذكر الإماراتيون يوم الاتحاد جيدًا، وكيف غير المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الواقع العام، الإعلامي أيضًا، في الدولة، وصارت الإصدارات الإعلامية في يد الجميع لكميتها ونوعيتها الجادة.
هذا الأمر يسير عليه حكام الدولة الذين لا يبخلون بقراراتهم بين الفينة والأخرى، تلك التي تتعلق بالواقع الإعلامي وتطوير المحتوى وتحديثه بشكل دائم، بالإضافة إلى تعيينات رئيسية وهيكل تنظيمي جديد لقطاع النشر بمؤسسة دبي للإعلام (مثلًا)، وفي قطاع الإعلام بأبوظبي كذلك (هيئة منطقة أبوظبي للإعلام)، أو منتدى الإعلام العربي، وغيرها.
وينظر الإماراتيون بفخر إلى صحافتهم لما تتمتع من مكانة كبيرة في الساحة الإعلامية بالدولة، والنجاحات المتلاحقة وبرامج التطوير، بحسب كبار الإعلاميين.
ولعل آخر مفاجأة للإعلاميين كانت بقرارات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، ليس المتعلقة بتطوير المحتوى الإعلامي بقدر ما هي متعلقة بحزمة قرارات أعلنها على صفحته الشخصية على موقع التدوينات القصيرة (تويتر)، لا دفعة واحدة بل على عدة دفعات.
هذا المثال شكَّل حافزًا إيجابيًا للإعلاميين للتعامل مع الوسائل الإعلامية بشكل جديد وابتداع مسائل جديدة في هذا المجال المتجدد وعدم الارتكان للروتين، ويكفي إطلاق جائزة الصحافة العربية من دبي، وغيرها من المبادرات التي تطلقها الإمارات بحق الصحفيين وتشجعهم على المزيد من العطاء في مهنة المتاعب، التي يتوفر لها كل المستلزمات في الدولة.
وفي الإمارات السبع، تتعدد الصحف والمواقع الإلكترونية والتي بدأت تسابق الزمن وتنافس للوصول إلى أكبر عدد ممكن من القرّاء، وسط جو وأخبار باتت منطقة الخليج العربي مصدرًا هامًا للكثير من المواضيع والمصادر.
العلاقة بين المواقع الإلكترونية والصحافة الورقية
باتت موجة المواقع الإلكترونية في الإمارات ترتفع أكثر فأكثر، منها ما أخذت على عاتقها الاهتمام بالجانب الإماراتي، ومنها الخليجي، ومنها العربي والدولي، وبين هذه الاختيارات والجمهور المستهدف، لا يمكن الحكم على التجربة الإعلامية للمواقع إلا بمعرفة الأهداف التي تنطلق منها على الشبكة الافتراضية، والتي تجتمع كلها في خدمة السعادة في المجتمع.
ارتقت المواقع بمواضيعها، ولاسيما في مجال السبق الصحفي، من خلال السرعة في نقل الأخبار، رغم أنها تستقي الكثير من معلوماتها من وسائل التواصل الاجتماعي التي تنشط في منطقة الخليج بشكل كبير.
كما بات من الملاحظ تحسن المحتوى الذي يستفيد من عناصر الإعلام الإلكتروني، مثل الصور والفيديو والإنفوغرافيك والفيديوغرافيك، وغيرها تلك التي تميز الهوية البصرية للمواقع بشكل لا يقبل الشك في الناحيتين الاحترافية والمهنية، وهذه كلها تخدم المحتوى الإخباري بالطبع.
ومن جهة أخرى، تنوع الموظفين في هذه المواقع من محرر وفني وإداري، من الدول العربية والأجنبية المختلفة، يضيف سمة أخرى إلى هذا الإعلام ويتعلق بالتميز في المواد الإبداعية (الكرييتيف)، والتجانس بين الموارد البشرية والمادية.
لكن ما يمكن الحديث عنه أكثر، هو أن أغلبية مواقع الصحف الإماراتية باتت حيوية أكثر من الصحيفة نفسها وتعمل على مدار الساعة، سواء في العواجل أو المواضع الخاصة أو ما شابه ذلك من الفيتشر نيوز.
هذا الكلام ينطبق على الصحف الناطقة باللغة الإنجليزية أيضًا.
وهنا تعيش الصحافة الورقية مع الإلكترونية حالة من التجانس والتنافس، لتقدم المعلومات أولًا بأول.
وخلال السنوات الأخيرة، أتيح المجال وهامش الحرية والعمل للكثير من الصحف والمواقع للإطلاق والعمل بعيدًا عن الروتين والقيود مع الكثير من التسهيلات، ولاسيما في المناطق الإعلامية الحرة، في مختلف إمارات الدولة، سواء في دبي أو العاصمة أبوظبي التي باتت مثالًا بارزًا للإعلام المفتوح الذي يعتمد على الإبداع فقط في عرض مواده وباتت موطنًا للعديد من الوسائل الإعلامية.
قصة الإمارات في صحافتها
منذ أواخر عشرينيات القرن، يرجح مؤرخون أن تكون صحيفة عمان التي أصدرها إبراهيم محمد المدفع عام 1927 بالشارقة أول صحيفة تصدر في الإمارات، وتعد (الخليج) أول صحيفة يومية في الدولة، فـ (الاتحاد) صدرت في البداية أسبوعية ثم تحولت إلى يومية عام 1972.
ولكن، تقول مصادر تاريخية، إن عمر الصحافة في الإمارات يعود إلى 500 سنة مضت، حيث ظهرت على شكل روزنامات كتبها ربابنة السفن "النواخذة"، ومن أشهرهم أحمد بن ماجد الجلفاري الملاح المشهور والمثقف، وبحسب ابن ماجد الذي كتب يومياته خلال أسفاره في البحر وعندما يعود كانت هذه اليوميات تنسخ ويأخذها ربابنة آخرون حتى يعرفوا الأهوال التي رآها في رحلته، وهذه اليوميات أو التقارير كانت تنقل من يد إلى يد، أي أن أهل الإمارات عرفوا النشرات الصحافية منذ ذلك الوقت.
ويوجد في الإمارات 7 صحف يومية عربية و4 منها إنجليزية مع عشرات المواقع الأخرى.
ونتيجة لكل ذلك، توفر الإمارات بيئة جاذبة للعمل، محليًا أو عربيًا أو دوليًا، وتشهد على ذلك كثرة الإعلاميين المعروفين والوسائل الأكثر شهرة وتأثرًا والمحتوى الإبداعي الخاص.
aXA6IDMuMTUuMTQ4LjIwMyA= جزيرة ام اند امز