أطفال فلسطين .. أنين وحكايات وجع في سجون الاحتلال
الأطفال الفلسطينيون يتعرضون لانتهاكات واسعة من الاحتلال الإسرائيلي، ويعد الاعتقال أبرز تلك الاعتداءات التي تطال الأطفال
كان الطفل الفلسطيني زهير بصة (15 عامًا) نائمًا في منزله ببلدة العيزرية في القدس المحتلة عندما داهمته قوات الاحتلال، فجر اليوم الاثنين، لتعتقله تحت جنح الظلام دون أي اعتبار للتأثيرات النفسية عليه وعلى مستقبله.
وقال منذر بصة، والد الطفل المعتقل لبوابة "العين"، إنه فوجئ باقتحام قوات كبيرة من جيش الاحتلال منزله، وأن الهدف هو اعتقال نجله الصغير زهير، حيث اقتادوه بعد أن قيدوا يديه خلف ظهره.
تجربة مرة
ويروي الطفل محمد عودة (14 عامًا) لبوابة "العين"، بمرارة عن تجربة الاعتقال التي تعرض لها في 8 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قائلاً: "كنت متواجدًا في محل تجاري قرب منزلنا في بلدة سلوان بالقدس عندما اقتحم 3 جنود المحل واعتقلوني".
صمت الطفل عودة لحظات وهو يسترجع هذه الذكرى الأليمة قبل أن يقول: "أمسك بي أحد الجنود ووضع رأسي بين يديه، وسحبني لخارج المحل، ثم اقتادوني للبيت وفي الطريق ضربوني بكسات (ضربات بقبضة اليد) ثم اقتادوني لمركز الاحتلال في جبل المكبر".
لم يشفع بكاء الصغير له، أمام جنود الاحتلال فانهالوا عليه ضربًا واتهموه برشق الحجارة، وضغطوا عليه ليدلي بأسماء آخرين رشقوا حجارة، فأنكر معرفته، ثم واصلوا حجزه لساعات قبل أن يستدعوا والديه، حيث أطلقوا سراحه مع حبس منزلي لمدة 5 أيام مع غرامة بقيمة 5 آلاف شيكل (الدولار 3.88 شيكل).
40 % من المعتقلين أطفال
ووفق معطيات فلسطينية رسمية تعرض أكثر من 12 ألف طفل فلسطيني (دون 18 عامًا) للاعتقال من قوات الاحتلال منذ عام 2000، بينهم 1800 حالة اعتقال خلال الأشهر الستة الماضية.
ويقول عبد الناصر فروانة، مدير وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى، إن الزيادة في أعداد المعتقلين من الأطفال مقلقة ومخيفة، منذ اندلاع الانتفاضة الحالية مطلع أكتوبر الماضي، حيث طال الاعتقال 1800 طفل من أصل 4500 حالة اعتقال في أقل من 6 أشهر بمعنى أن 40 % من المعتقلين هم أطفال تتراوح أعمارهم بين 11 – أقل من 18 عامًا.
أصغر أسيرة في العالم
وأكد فروانة في حديثه لبوابة "العين" أن 450 طفلاً يخضعون للاعتقال حاليًا في السجون الإسرائيلية أصغرهم الطفلة ديما الواوي 12 عامًا التي تعد أصغر طفلة معتقلة في العالم.
وأشار إلى أن 100 % من الأطفال الذين يتعرضون للاعتقال تعرضوا للتعذيب والعنف سواء الجسدي أو النفسي في سجون الاحتلال، بينما لوحظ في الآونة الأخيرة إصدار الاحتلال أحكام ضد الأسرى الأطفال دون 15 عامًا، في حين كان يجري في السابق مجرد توقيفهم لحين وصولهم السن القانوني المسموح محاكمتهم فيه.
الحبس المنزلي
ويلفت فروانة إلى أن الاعتقال المنزلي الذي تعرض له الطفل مهند، هو نموذج لشكل جديد من أشكال الانتهاك الذي بدأ يمارسه الاحتلال بكثافة مؤخرًا خاصة لأطفال القدس، حيث يتهرب الاحتلال من مسؤولية الاعتقال الرسمي ويخضع الطفل لاعتقال جبري داخل منزله، مع وضع شروط وغرامات باهظة على ذويه إذا خرج، وبالتالي يحرمه من الحياة الطبيعية وتلقي العلم كباقي أطفال العالم.
وتتعدد الفئات العمرية داخل السجون الإسرائيلية، بحيث هناك عشرات المعتقلين ممن هم أقل من 15 عامًا وهو حالة تشكل انتهاكًا صارخصا لحقوق الطفل التي كفلتها المواثيق الدولية.
سجن ومحاكمات بلا خطوط حمراء
ويؤكد بشار جمال، مسؤول المناصرة في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، في حديثه لبوابة "العين" أن الاحتلال لا يضع أي خطوط حمراء في اعتقال الأطفال أو محاكمتهم ومن كل الفئات العمرية، لافتًا إلى أنه حتى شهر 12 الماضي كان هناك 116 طفلاً في سجون الاحتلال أعمارهم تتراوح بين 12-15 عامًا، لافتًا إلى أن هذا الرقم مهول مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي حيث كان عدد هؤلاء 15 طفلاً فقط.
وتتعدد أنماط اعتقال الأطفال الفلسطينيين سواء عبر مداهمة منازلهم، أو مطاردتهم في الشوارع وخلال المظاهرات الشعبية.
وينبه جمال إلى خطورة ظاهرة الاعتقال الليلي الذي تمارسه قوات الاحتلال للأطفال، حيث تداهم منازلهم ليلًا وهم نيام، ويقتادوا بعد تقييد يديهم لمراكز التحقيق.
العنف الجسدي
وأكد أن دراسة إحصائية أجروها على الأطفال المعتقلين تبين من خلالها أن 3 من بين كل 4 أطفال اعتقلوا تعرضوا للعنف الجسدي، فيما لم يسلم أحد من العنف النفسي، موضحًا أن العنف الجسدي يبدأ من لحظة الاعتقال مباشرة حيث يجري تقييد يديه خلف ظهره وعصب عينيه، وأحيانًا ضربه والاعتداء عليه، ودفعه إلى أرضية البوكس (الجيب العسكري) ومن ثم يقتاد لمركز تحقيق وهناك يتعرض للتعذيب والعنف الجسدي والنفسي خلال فترة التحقيق التي قد تصل لأربعين يومًا.
وقال: "وثقنا حالات جرى فيها استخدام أطفال كدروع بشرية بعد اعتقالهم، وآخرين مورس عنف جسدي كبير عليهم، إضافة للعزل الانفرادي وهو أمر خطير عندما يعاقب به طفل"، لافتًا إلى أنهم رصدوا 66 حالة حبس انفرادي لأطفال أكثرهم قضى 42 يومًا، وهو أمر مدمر للطفولة.
وأشار إلى أن الاحتلال يضرب بعرض الحائط كل مواثيق حقوق الإنسان وقوانين حماية الطفولة، فيعرض الأطفال للمحاكمات عبر نظام عسكري ينظر للأطفال كمجرمين.
أماكن الحجز وأنماط العقوبات
ويخضع الأطفال في الغالب للحجز داخل 3 سجون داخل الاحتلال، ويوضح جمال أن الاحتلال يحتجزهم داخل السجون الأمنية في أقسام منعزلة عن المعتقلين البالغين، وفي أحيان يكون هناك خلط.
وأشار إلى أن السجون الثلاثة موجودة داخل الخط الأخطر، ما يصعب من مسألة زيارتهم من قبل ذويهم حيث يستغرق استصدار التصريح 3 اشهر، كما لفت إلى أن من أخطر ما وثقوه في الآونة الأخيرة اعتقال أطفال على خلفية تعليقات وكتابات لهم على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تم توثيق 3 حالات لأطفال اعتقلوا لهذا السبب في الآونة الأخيرة.
كانت معطيات إسرائيلية تحدثت عن اعتقال 150 فلسطينيًّا خلال الانتفاضة الحالية على خلفية تعليقات لهم على فيس بوك.
ويتعرض الأطفال لأنواع مختلفة من العقوبة وفق محاكم الاحتلال، ويوضح مسؤول المناصرة في الحركة العالمية لحماية الطفولة أن العقوبات تتراوح بين السجن الفعلي، والسجن مع وقف التنفيذ بحيث يسجن فعلي إذا كرر الأمر، أو فرض الغرامات المالية، وحاليًا بدأت تنتشر مسألة الحبس المنزلي.
aXA6IDEzLjU4LjE2MS4xMTUg جزيرة ام اند امز