الأم الفلسطينية بين الأحزان والأشواق: عيد بأية حال عدت
يوم الأم الفلسطينية ليس كأي يوم، فمعاناتها التي توزعت بين استشهاد ابنها أو اعتقاله على يدي الاحتلال.. هل يمكن أن تداويها الاحتفالات ؟
وردة وصورة .. هو كل ما قدمه فريق شبابي للتسرية عن أمهات الأسرى الفلسطينيات اللواتي احتفلن بعيد الأم اليوم الاثنين بالاعتصام في ساحة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة، للمطالبة بإطلاق سراح أبنائهن من سجون الاحتلال.
في عيد الأم وبهجتها .. غابت هذه الفرحة والبهجة عن آلاف العائلات الفلسطينية بعد أن تجرعن الأحزان، وكان هذا اليوم مناسبة لاستحضار الأحزان في بيوت الشهداء والأسرى بشكل خاص.
قبلة وهدية
وتوشحت أم الأسير محمد البسيوني بالكوفية ورفعت صورة ابنها الأسير وبيدها الأخرى وردة، بينما وردة قلبها هناك تذبل خلف القضبان، كما تقول.
لم تتمالك دموعها وهي تفتقد في هذا اليوم قبلة وهدية محمد.. "يوم الأم يذكرني بقبلة وهدية محمد قبل 6 سنوات عندما تقدم بهديته "الكيك والعصير" احتفاءً بهذا اليوم".
أم محمد والعشرات من أمهات الأسرى بجوارها شكرن مقدمي الورود، ولكنها قالت :"وردتنا الحقيقية هناك خلف القضبان.. هي تذبل ونحن نذبل وأخشى أن أموت قبل أن أحضنه من جديد".
لمسة وفاء
وقال حمد القرم من جمعية الثقافة والفكر الحر المشرف على الفريق الشبابي الذي وزع الورود: "أردنا تقديم لمسة وفاء لأمهات الأسرى، لنعوض ولو بشيء بسيط لمسة محبة لهن، ونكون نحن بمثابة أبنائهن نحمل الورد لهن".
وأقصى شمال قطاع غزة وقف العشرات من أبناء الأسيرات وأمهات الأسرى في وقفة أمام معبر بيت حانون/ ايرز الإسرائيلي، وحملن الورود وفاءً للأمهات الأسيرات.
13 أُمًّا في سجون الاحتلال
وجع آخر لانعكاسات الأسر على يوم الأم، هو في الأمهات الفلسطينيات المغيبات خلف قضبان الأسر. فوفقا لبيانات نادي الأسير الفلسطيني، فإن الاحتلال يعتقل في سجونه(13) أُمًّا فلسطينية يحرمهن الاحتلال من العيش مع أبنائهن ورعايتهم.
وأشار نادي الأسير في بيانٍ له تلقت بوابة "العين" نسخة منه، إلى أن سلطات الاحتلال تحرم الأسيرات الأمهات من الزيارات المفتوحة ومن تمكينهنّ من احتضان أبنائهن، إضافة إلى منع التواصل الهاتفي وإرسال وتلقّي الرسائل المكتوبة.
وأضاف النادي أن من بين الأسيرات، الأسيرة عبلة العدم (45 عاماً)، من محافظة الخليل، وهي أم لتسعة أبناء، وكانت قوات الاحتلال قد اعتقلتها بعد إصابتها بالرصاص في رأسها في 20 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ولا زالت تعاني وضعاً صحياً صعباً، وهي بحاجة إلى متابعة طبية حثيثة.
وجع آخر في بيوت الشهداء
معاناة أمهات الأسرى والأسيرات هي واحدة من جوانب معاناة الأم الفلسطينية، ففي منازل الشهداء وجع وألم أكبر.
وفق معطيات فلسطينية رسمية بلغ عدد الشهيدات منذ اندلاع انتفاضة القدس في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي سبعة أمهات من بين 18 فلسطيينة شهيدة.
وتوزعت الشهيدات ما بين الضفة وغزة والقدس وهن" نور حسان التي قتلت مع طفلتها رهف في قصف على غزة، هدى درويش، ثروت شعراوي، مهدية حماد، زينب الرشايدة، فدوى أبو طير، وأماني السباتين".
ومن غير الشهيدات، فقدت نحو 200 أم فلسطينية أبناءهن منذ أكتوبر / تشرين الأول الماضي، بالإضافة إلى ذلك ما زالت 15 أماً فلسطينية ينتظرن تسلم جثامين أبنائهن الشهداء المحتجزة منذ شهور في ثلاجات الاحتلال.
وتشعر أم الشهيد المقدسي بهاء عليان بالأسى بعد أن غيب رصاص الاحتلال ابنها شهيدا في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إثر عملية فدائية في جبل المكبر بالقدس.
وقالت أم بهاء لبوابة "العين": "بهاء اختار الشهادة ليصنع الحياة لنا، نحزن نتألم للفراق لكن نفرح ونرضى باختياره وطريقه؛ لأن الاحتلال هو أساس المعاناة ولا فرح حقيقي إلا بزواله".
أم بهاء لم تفوت اليوم دون مشاركة آلاف الطلبة في مدرسة جبل المكبر بالقدس، عيد الأم، في أول إطلالة لها منذ استشهاد ابنها بداية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. روت فيها محطات مضيئة من طفولة ابنها، وسعيه لغرس ثقافة الحياة بين الطلبة الفلسطينيين.