«انقسامات جديدة، تحالفات جديدة، وفوضى في كل مكان». هذا الوصف ينطبق تماما على عالم اليوم
حينما سألوا الزعيم الصيني «شواين لاي» عن توصيفه للعالم عام 1972، قال: «انقسامات جديدة، تحالفات جديدة، وفوضى في كل مكان». هذا الوصف ينطبق تماماً على عالم اليوم، المأزوم المضطرب، المشحون بالتوتر العميق المؤدي إلى احتمالات انفلات وسقوط للنظام الدولي العالمي.
والمتابع لاجتماعات الدورة الحالية لقمة العشرين في «لوساكا» باليابان، سوف يكتشف دقة وخطورة النظام العالمي.
القائمة لا تنتهى من الملفات المعقدة والمتداخلة التي تمتزج فيها مشاعر الشعبوية والنزعات الانعزالية تحت مبدأ «أنا أولاً»، مع ندرة الموارد وارتفاع تكاليف المتطلباتفي «لوساكا» يجتمع ممثلو وقادة 37 دولة، يمثلون 80٪ من الناتج القومي في العالم، ويسيطرون على ثلث الطاقة العالمية، وثلثي تجارة العالم، ويديرون أهم مكونات نقدية للعملات، وأهم مالكي الذهب والفضة والبلاتين.
هؤلاء المجتمعون في «لوساكا» فيهم أهم خمس قوى عسكرية في العالم، حائزو القنبلة النووية، بالإضافة للهند، وأيضاً يمثلون الدول الخمس الكبار دائمي العضوية في مجلس الأمن الدولي، ورغم ذلك هم في صراع، هذا الصراع هو الخطر الأكبر الآن، لأنه صراع منفلت، غير منضبط، وبالطبع لا نستطيع إيقاف حركة الصراع، لكن علينا أن ندرك أن راحة العالم ليست في غياب الصراع، لكن في مجاراته!
إذاً من في قاعة الاجتماعات بـ«لوساكا» يملكون -تماماً- كل القدرة على «هندسة وترتيب» النظام العالمي سياسياً، وتجارياً، واقتصادياً، وأمنياً، لكنهم لا يفعلون.
السؤال لماذا؟
الإجابة المباشرة لأن موارد العالم في نضوب، واقتصادات العالم في أزمة، وفاتورة توفير الخدمات والاحتجاجات الأساسية لشعوبهم أصبحت مكلفة للغاية.
من هنا، انتقلت الحروب من ساحات الجبهات العسكرية إلى حركة التجارة والمصارف والعملات والعقوبات والمقاطعة التجارية، باختصار إنه صراع على ما مجموعه 21 تريليون دولار، هو الناتج القومي لمجموعة الـ20!
إنه نظام عالمي جديد يتشكل بصعوبة، ليس على نتائج أعمال عسكرية أو حروب عالمية، لكنه ميلاد نظام جديد يعتمد على استخدام عضلات أسلحة العقوبات التجارية والمساومات الاقتصادية.
إن نظرة واحدة إلى الصعوبات غير المسبوقة في اتفاق المجتمعين في «لوساكا» للاتفاق على صيغة بيان ختامي يرضي -ولو بالحد الأدنى- مصالح وطلبات ورغبات الدول الكبرى المؤثرة، تكفي لمعرفة أزمة النظام العالمي الجديد.
تعالوا نتأمل بعضاً من إشكاليات المجتمعين.
1- الرئيس الأمريكي لديه خلافات مع الروس، والاتحاد الأوروبي، والصين، واليابان، وكوريا الجنوبية، وكندا، وفرنسا، وبريطانيا وتركيا وألمانيا.
2- الرئيس الروسي لديه ملفات معقدة مع الأمريكي، والتركي، والياباني، والفرنسي، والبريطاني.
3- الرئيس الصيني لديه مشاكل مع الأمريكي والياباني «نشر اجتماعات»، والكوري الجنوبي، والفرنسي.
4- والتركي لديه مشاكل مع الروسي والأمريكي والألماني والكندي والفرنسي، والبريطاني والياباني، والمصري، والسعودي والاتحاد الأوروبي كمنظمة إقليمية.
5 - الياباني، صاحب الدعوة، لديه مشاكل مع الأمريكي «تجارياً»، ومع الصيني «حدودياً»، ومع الكوري الجنوبي «اقتصادياً».
القائمة لا تنتهي من الملفات المعقدة والمتداخلة التي تمتزج فيها مشاعر الشعبوية والنزعات الانعزالية تحت مبدأ «أنا أولاً»، مع ندرة الموارد وارتفاع تكاليف المتطلبات.
هذا العالم المأزم يتشكل دون أن يعرف أحد على أي صورة سوف ينتهى تشكيله!
الخوف كل الخوف، أن يتحول النظام العالمي إلى مسخ عالمي!!
غداً الملف السياسي في قمة العشرين بإذن الله..
نقلاً عن "الوطن المصرية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة