قمة العشرين هي قمة اقتصادية ذات طابع سياسي بحت، ورغم الخلافات التي تبدو في الظاهر سياسية يجتمع زعماء العالم للاتفاق على حلول اقتصادية
يجتمع في مدينة أوساكا اليابانية زعماء وقادة ومسؤولون من 37 دولة ومنظمة حول العالم، لحضور اجتماع قمة العشرين التي تشهد دورتها في هذا العام عددا من الخلافات بين الدول المشاركة تعد الأكبر منذ سنوات، وقد سادت ما اعتبره البعض أجواء ودية في الدقائق الأولى لجلسات القمة، حيث ارتسمت الابتسامات على وجوه الزعماء خلال التقاط الصورة التذكارية الجماعية، ولفت اهتمام الصحف العالمية المصافحة التي جمعت الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والصيني شي جين بينغ.
قمة العشرين هي قمة اقتصادية ذات طابع سياسي بحت، ورغم الخلافات التي تبدو في الظاهر سياسية يجتمع زعماء العالم للاتفاق على حلول اقتصادية قد تقود في النهاية إلى سلام ووفاق سياسي يفرض أمرا واقعا، يتبعه بالضرورة تقدم وتطور ونمو اقتصادي، ويستغل خلالها الزعماء موارد دولهم وإمكاناتها وقدراتها لعقد صفقات وتوقيع عقود
وبدأت أمس الجمعة أولى جلسات القمة التي افتتحها رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، الذي أكد في كلمته أهمية الاقتصاد الرقمي حول العالم، كما أشار إلى الخلافات القائمة بين الدول المشاركة، والتي قد تشكل حجر عثرة في طريق نمو الاقتصاد العالمي، وفيما كانت أبرز محاور الجلسة الأولى حول الاقتصاد الرقمي والمخاوف بشأن الخصوصية والأمان، إلا أن الجلسات لم تخل من مناقشات مثيرة للجدل فيما يتعلق بالتجارة والتوترات الجيوسياسية وتغير المناخ.
وفيما يترقب العالم مجموعة من الاجتماعات واللقاءات الثنائية بين الزعماء يبقى في المقدمة اللقاء المرتقب بين الرئيسين الأمريكي والصيني، والذي أطلق عليه تسمية القمة داخل القمة، حيث تحتدم المواجهة الاقتصادية بين البلدين، في سعي كل منهما للهيمنة الاقتصادية والتكنولوجية على مستوى العالم، خاصة بعد تصريحات تصعيدية أطلقها البلدان قبيل انعقاد القمة، فقد صرحت بكين على لسان وزير خارجيتها أن "النهج الأحادي والحمائية وأساليب المضايقة في تزايد، ما يشكل خطرا كبيرا على العولمة الاقتصادية والنظام الدولي، وتحديات كبرى للبيئة الخارجية للدول النامية".
وفي المقابل وقبل وصوله إلى اليابان، كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صرح أن "اقتصاد الصين ينهار، يريدون إبرام اتفاق"، وجاء ذلك بعد بذل عدة دول من بينها أوروبية وآسيوية جهودا كبيرة للتوصل إلى اتفاق تجاري بين العملاقين الاقتصاديين، ورغم الآمال المعقودة على لقاء الرئيسين غير أن الخبراء يرون "أن الفرص ما تزال ضئيلة للتوصل إلى اتفاق بينهما خلال قمة العشرين، معتبرين أن أقصى ما يمكن الوصول إليه هو هدنة تحول دون فرض الولايات المتحدة رسوما جمركية جديدة ومنع المزيد من التصعيد، وكان زعماء الاتحاد الأوروبي حذروا من الأضرار التي يتعرض لها الاقتصاد العالمي جراء تصاعد تلك الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
كما تبرز وبوضوح قضية الأمن التجاري والاقتصادي في الشرق الأوسط، وخطورة الوضع المتأزم الذي خلقته إيران في المنطقة، بعد تصاعد التوتر بين دول الخليج العربي والولايات المتحدة من جهة وإيران من جهة أخرى، إثر استهداف الأخيرة ناقلات نفط، وإسقاطها طائرة أمريكية مسيرة في المياه الدولية. وكانت المتحدثة باسم رئيسة الوزراء البريطانية صرحت أن "ماي ستجتمع مع ولي العهد السعودي السبت، لبحث الوضع في الخليج"، وسيجتمع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع الرئيسين الأمريكي والروسي خلال القمة.
ويلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أيضا نظيره الأمريكي ترامب، الذي أشاد "بعلاقاته الجيدة جدا" مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وقال "إنه شرف كبير لي أن أكون مع الرئيس بوتين"، مضيفا "علاقاتنا جيدة جدا"، وقد قال بوتين إن لقاءه مع الرئيس الأمريكي "سيكون فرصة طيبة لمواصلة الحوار بينهما بعد قمتهما في هلسنكي العام الماضي، مضيفا في تصريحات مقتضبة للصحفيين قبل الاجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين "لدينا أشياء لمناقشتها".
قمة العشرين هي قمة اقتصادية ذات طابع سياسي بحت، ورغم الخلافات التي تبدو في الظاهر سياسية يجتمع زعماء العالم للاتفاق على حلول اقتصادية قد تقود في النهاية إلى سلام ووفاق سياسي، يفرض أمرا واقعا يتبعه بالضرورة تقدم وتطور ونمو اقتصادي، ويستغل خلالها الزعماء موارد دولهم وإمكاناتها وقدراتها لعقد صفقات وتوقيع عقود، تسهم في استقرار العالم اقتصاديا، لتسود بعدها وعلى إثرها اتفاقات سياسية يستفيد منها العالم أجمع، وفي عالم تسوده هذه الأيام إشكالات تبدو بحجم مهول يبقى الأمل في أن تكون مثل هذه القمم والمؤتمرات بتنوعها سبيلا لتخليص العالم من مآسيهم، والنهوض بالأمم نحو مستقبل مشرق.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة