هل بعد هذا الإخلاص والوفاء والأمانة التي قدّمها أبناء قطر الأصليون لدولتهم وقادتها تتم مكافأتهم بتجريدهم من الوطنية؟
إن الحالة السياسية القائمة في دولة قطر تدلّ على أن صناعة القرار السياسي لم تعد بيد قادة دولة قطر.. فالعشرون عاماً الماضية التي تم فيها جلب المرتزقة والمأجورين للإقامة في قطر، كانت كفيلة بتغيير تركيبة صناعة القرار السياسي..
عندما يقدم قادة دولة قطر على سحب الجنسية القطرية من أبناء قطر الأصليين، فهذا يعني أن صانع القرار السياسي في دولة قطر يعاني من عدم اتزان في رؤيته لمستقبل الدولة واستقرارها. وعندما يقدم قادة قطر على تجريد كبار رجالات القبائل من جنسياتهم التي تعتبر حقاً أصيلا لهم، فهذا يعني أن صانع القرار السياسي في دولة قطر فقد القدرة على التمييز بين واقع الحال الاجتماعي، الذي قامت عليه دولة قطر وبين الأوهام والتخيلات التي يتطلع لتحقيقها.
وعندما يقدم قادة دولة قطر على منح حق المواطنة للمرتزقة والمأجورين المطاردين دولياً والمتهمين بالتطرف والإرهاب، فهذا يعني أن صانع القرار السياسي في دولة قطر تنازل عن متطلبات الأمن الوطني لدولة قطر لصالح المتطرفين والإرهابيين. وعندما يعمل قادة دولة قطر على سحب الجنسية من أبناء قطر الأصليين، وفي نفس الوقت منح حق المواطنة الكاملة للمرتزقة والمأجورين والمطلوبين دولياً، فهذا يعني أن صناعة القرار السياسي في دولة قطر لم تعد بيد قادة دولة قطر. وهذا يطرح تساؤلاً عميقاً حول من يقود دولة قطر؟.
هل بعد هذا الإخلاص والوفاء والأمانة التي قدمها أبناء قطر الأصليون لدولتهم وقادتها تتم مكافأتهم بتجريدهم من الوطنية؟ فكيف يُفكِّر قادة دولة قطر؟.. إن الحالة السياسية القائمة في دولة قطر تدل على أن صناعة القرار السياسي لم تعد بيد قادة دولة قطر
بمثل هذه القرارات السياسية المتطرفة في مضمونها والشاذة في مفهومها؛ يصل قادة دولة قطر لمرحلة متقدمة من عزل أنفسهم عن مجتمعهم الحقيقي الذي كوّن دولة قطر. وبمثل هذه القرارات السياسية غير العقلانية وغير المتزنة يواصل قادة دولة قطر عزل دولتهم عن محيطها الخليجي. وبمثل هذا القرار السياسي المُتعجل بسحب الجنسية القطرية من أبناء قطر الأصليين وضع قادة دولة قطر نهاية علاقتهم بمجتمعهم الحقيقي. فهؤلاء القطريون الذين تم تجريدهم من الوطنية القطرية هم أكثر من ساند ووقف مع الدولة القطرية في جميع مراحلها، وساهموا في استقرارها ونمائها. وهؤلاء القطريون الذين تم سحب الجنسية منهم كانوا الأكثر وفاءً لدولتهم خلال العقود الماضية، على الرغم من تحفظهم على سياسات قادة دولة قطر. وهؤلاء القطريون الذين تم إرهابهم بالملاحقة الأمنية ومصادرة أموالهم كانوا الأكثر أمانةً وإخلاصاً لدولتهم، التي عزّ عليهم أن تُصنَّف بأنها دولة راعية للإرهاب. فهل بعد هذا الإخلاص والوفاء والأمانة التي قدمها أبناء قطر الأصليون لدولتهم وقادتها تتم مكافأتهم بتجريدهم من الوطنية؟ فكيف يُفكّر قادة دولة قطر؟
إن الحالة السياسية القائمة في دولة قطر تدل على أن صناعة القرار السياسي لم تعد بيد قادة دولة قطر. فالعشرون عاماً الماضية التي تم فيها جلب المرتزقة والمأجورين للإقامة في قطر، كانت كفيلة بتغيير تركيبة صناعة القرار السياسي. فمن دولة تنتمي سياسياً لمجموعة دول مجلس التعاون إلى دولة قطرية جديدة تنتمي سياسياً إلى مجموعة الدول المصدرة للفوضى. ومن دولة تنتمي فكرياً لمجموعة الدول الإسلامية الوسطية المعتدلة إلى دولة قطرية جديدة تنتمي فكرياً لمجموعة الدول الحالمة والواهمة بإعادة دولة الخلافة. هذا التحول الكبير في مفهوم الدولة القطرية، الذي أتى به الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني هو الذي تسبب الآن بمثل هذه السياسات المتطرفة، التي تبنتها الدولة القطرية حتى أصبحت دولة منعزلة عن مجتمعها الحقيقي ومنبوذة من محيطها الخليجي.
إن ما وصلت له حالة صناعة القرار السياسي في دولة قطر تدعو إلى كثير من التأمل والتفكير حول مستقبل دولة قطر. فكيف يمكن أن يكون مستقبلها بعد استمرار عزلتها عن محيطها الخليجي؟ وكيف يمكن أن يكون مستقبل قادتها بعد استمرارهم في تبنيهم للسياسات غير العقلانية وغير المنطقية؟ وكيف يمكن أن يكون مستقبل الدولة القطرية في حالة استمرار سيطرة المرتزقة والمأجورين على صناعة القرار السياسي فيها؟
وفي الختام يمكن القول إن من يدرك واقع الحال داخل الدولة القطرية يدرك بأنها سوف تعاني كثيراً في المستقبل على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. فما تتمتع به دولة قطر من إمكانات وما تملكه من قدرات أقل بكثير مما يتوقعه صانع القرار. فالأحلام الكبيرة والطموحات السياسية اللا متناهية التي يتطلع لتحقيقها قادة دولة قطر في المنطقة تحتاج إمكانات وقدرات مختلفة تماماً عما هو قائم. فكيف سيكون الحال بعد أن تراجعت هذه الإمكانات والقدرات بعد سحب الجنسية من أبناء قطر الأصليين الذين يشكّلون أساس المجتمع القطري؟
نقلا عن "الرياض"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة