بعد عثرات "النهضة" وأزمة الفخفاخ.. دعوات لانتخابات مبكرة بتونس
الدعوات لاقت صدى عند نشطاء تونسيين أكدوا أن انتخابات 2019 شهدت صعود تيارات إخوانية متطرفة داخل البرلمان
أمام تعطل إمكانيات الانفراج السياسي في تونس بين الأحزاب البرلمانية وحركة النهضة الإخوانية، قفزت إلى الساحة دعوات ملحة بضرورة الذهاب إلى انتخابات مبكرة.
دعوات يراها مراقبون ذات بعد جدي ولها مدلولاتها السياسية بعد قضية "التربح" المالي التي يواجهها رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ.
الفخفاخ أكد في جلسة برلمانية يوم 25 يونيو/حزيران بأنها قضية "كيدية" تهدف إلى شيطنته، وأن أسهمه في الشركات الخاصة لا تشوبها أي مؤاخذات قانونية.
الدعوات لاقت صدى عند نشطاء تونسيين الذين أكدوا أن انتخابات 2019 التي شهدت صعود تيارات إخوانية متطرفة داخل البرلمان، يجب أن تنتهي بإعادة الانتخابات التشريعية.
ويبقى أمام الرئيس التونسي قيس سعيد الإمكانيات الحصرية بحل البرلمان والإذن للهيئة العليا المستقلة للانتخابات (دستورية مستقلة )لتنظيم انتخابات جديدة بعد حل البرلمان.
هذه الفرضية دعا لها النائب المستقل الصافي سعيد الذي اعتبر أنه من الضروري العودة إلى الامتحان الشعبي للحسم بين مختلف الأحزاب.
وقال الكاتب الحصفي الصافي سعيد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" إن "الشعب يجب أن يتجه من جديد لصناديق الاقتراع لاختيار ممثليه، متهما البرلمان الحالي بالفشل وعدم القدرة على حل مشاكل المواطنين".
من جهته، اعتبر نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، أن "الساحة السياسية تعيش تجاذبات متعلقة بمسألة توسيع الحزام السياسي للائتلاف الحاكم"، واصفا ذلك بـ"الغوغائية والمناكفات".
وأكد الطبوبي في تصريحات إعلامية: "لو كان للأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان إرادة حقيقية لحسن إدارة البلاد وإصلاح الأوضاع والتقدم بالبلاد، لأعادوا تنقيح القانون الانتخابي واتفقوا على بعث المحكمة الدستورية".
وعجز البرلمان التونسي عن انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية (المحكمة العليا) والتي تتمثل مهامها الأساسية في البت في التأويلات الدستورية وخاصة في الصلاحيات بين الرئاسيات الثلاث الجمهورية والبرلمان والحكومة.
كما أن المحكمة الدستورية وقع النص على إنشائها في دستور 2014، إضافة إلى العديد من المؤسسات الدستورية الأخرى مثل مراقبة الإعلام ومكافحة الفساد وهيئة الانتخابات.
وأكد الطبوبي أنه يجب على الكتل السياسية في البرلمان أن تتفق فيما بينها على إعادة القرار للشعب بالذهاب لانتخابات مبكرة.
وأوضح أنه لا يجب السكوت على الوضع الحالي والاكتفاء بمشاهدة الصراعات والتجاذبات السياسية الحاصلة في البرلمان فقط بل من الأفضل تكريس مبدأ الديمقراطية والذهاب إلى انتخابات مبكرة للوصول لبر الأمان.
ورغم تحصلها على أغلبية المقاعد البرلمانية إلا أن حركة النهضة الإخوانية (52 مقعدا) تجد أغلبية معارضة تمتد من الائتلاف الحاكم المتمثل في الكتلة الديمقراطية (41 مقعدا) ، وكتلة "تحيا تونس " (14 مقعدا) إلى الكتل المعارضة مثل الإصلاح (15مقعدا) والدستوري الحر (17مقعدا).
توازنات جديدة
واعتبر قيس الفضلي، الناشط السياسي اليساري، أن إعادة الانتخابات ستطرح توازنات جديدة، وتحالفات من خارج دائرة حركة النهضة التي تراجعت في مستوى القبول الشعبي.
وقد كشفت شركة "سيجما كونساي" لاستطلاعات الرأي أن 72 بالمائة من التونسيين يرون في راشد الغنوشي أسوأ شخصية سياسية خلال الثلاثة أشهر الأخيرة.
وأضاف الفضلي لـ"العين الإخبارية" أن دعوة اتحاد الشغل إلى إعادة الانتخابات جاءت بعد لقاء أمينه العام نور الدين الطبوبي مع الرئيس قيس سعيد، والتي قد تكون مؤشرا لتحالف بين رئاسة الجمهورية والمنظمة النقابية ضد الاستراتيجيات الإخوانية".
سيناريوهات حل البرلمان
ويطرح الدستور التونسي فرضية واحدة لحل البرلمان وهي بيد رئيس الدولة وفق دستور 2014، وفي حال استقالة رئيس الحكومة ستطرح هذه الفرضية نفسها بقوة وفق العديد من المراقبين.
وقد اقترح سعيد شخصية الفخفاخ لترؤس الحكومة بعد فشل حركة النهضة الإخوانية من تمرير حكومة الحبيب الجملي ،التي فشلت في انتزاع الثقة برلمانيًا في جلسة 10 يناير/كانون الثاني 2020.
ورغم أن دعوات حل البرلمان مازالت في بداياتها إلا أن تواصل المناكفات بين حزبي التيار الديمقراطي (22مقعدا) والنهضة الإخواني سيجعل من العودة إلى الصناديق آلية حاسمة لفض الإشكاليات السياسية العالقة.
ونهاية الشهر الماضي، كشف ياسين العياري، النائب المستقل في برلمان تونس، أن شركة خدمات خاصة يملكها رئيس الحكومة تمتعت بعقود عمل مع الدولة خلال فترة الحجر الصحي بمبلغ قدره 46 مليون دينار (نحو 15 مليون دولار).
واعتبر النائب، في رسالة على صفحته على شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن "العقود غير قانونية وتمثل تضاربا للمصالح يرتقي إلى جريمة فساد مالي؛ لأن القانون التونسي يحرم على رؤساء الحكومات إبرام صفقات لحسابهم الخاص".
وأشار العياري إلى أن الفخفاخ يملك 66 بالمائة من شركة خدمات تحمل اسم "فيفيان"، ولم يتخل عن أسهمه في الشركة منذ توليه رئاسة الحكومة في أواخر شهر فبراير/شباط 2020 .
ورفض الفخفاخ اتهامه بالفساد المالي أمام جلسة للبرلمان، واصفا الأمر بـ"شيطنة مجانية".
ويرى سياسيون أن القضايا التي يواجهها الفخفاخ مفتعلة سياسيًا من أجل استهدافه ومن ورائه الرئيس التونسي، قيس سعيد، الذي اقترحه، خاصة وأن الخلاف بين الأخير والإخوان وصل ذروته في الفترة الأخيرة.
وأيضا محاولة من حركة النهضة للضغط على رئيس الحكومة للقبول بضغوطاتها ولمطالبها بتوسيع الحكومة وضم حلفائها.