في ذكرى الانهيار العظيم للنفط.. هل يتكرر سيناريو الأرقام السالبة؟
منذ قرابة عام تقريبا، وتحديدا في 21 أبريل/نيسان 2021 كان عالم النفط على موعد مع حدث غير مسبوق بهبوط الأسعار إلى ما دون الصفر.
أصل الأزمة
وباء كورونا الذي ما زال يطل برأسه علينا حتى هذه اللحظة، أفسد حركة التجارة العالمية وسلاسل الإمداد في ظل توقف حركة الطيران وإغلاق أغلب دول العالم لحدودها، مع إيقاف العديد منها عجلة الاقتصاد سواء كليا أو جزئيا.
كان هذا كاف لانهيار عقود النفط وسط بيئة اقتصادية هشة وركود يلوح في الأفق، ما ساهم في إغلاق عقود تسليم خام غرب تكساس الوسيط لشهر مايو/أيار عند سالب 38 دولارا، أي يتم بيع عقد برميل النفط، ويدفع البائع للمشتري 38 دولارا فوق البرميل.
كما أن خام برنت تسليم يونيو/حزيران في هذه الليلة تراجع بنسبة 9% إلى نحو 25.5 دولارا للبرميل، ثم فقد 25% من قيمته في اليوم التالي، وكذلك تراجعت عقود خام غرب تكساس لنفس الشهر في 21 أبريل/ نيسان إلى أقل من 13 دولارا.
الانهيار العظيم في أسعار عقود النفط كان يرجع إلى تراكم المخزون في ظل انكماش غير عادي في حجم الطلب، ومن ثم أصبحت مستودعات النفط باهظة الثمن.
وهذه العقود يتداول عليها مستثمرين، ويحصل على الكمية في النهاية شركات النفط، ولكن في ظل هذا الوضع الاستثنائي لم يجد المتداولون جهة ما لشراء العقود، وأصبح لزاما عليهم التخلص من العقود التي اقترب أجلها وسداد مبلغ للبائع حتى يوفر تكاليف تدبير شاحنات نقل النفط وتخزينه.
ولم يشفع اتفاق مجموعة "أوبك +" الذي يضم أعضاء منظمة الأوبك وروسيا، بخفض الإمدادات بمقدار 9.7 مليون برميل يوميا، اعتبارا من مايو 2021، في إيقاف الانهيار في الأسعار.
ويروي بيورنار تونهاوجين، كبير محللي أسواق النفط في شركة ريستاد إنرجي، ما حدث بأن العام الماضي أكد أننا لم نر كل شيء في عالم النفط، وفشل الكثيرون في إدراك خطورة ما كان قادما، بما في ذلك منتجو النفط ومنظمة البلدان المصدرة وحلفاؤها والحكومات والمحللون.
ويقول تونهاونجين، إنه من بين القصص المثيرة أن أحد المتداولين كان يعتقد أن 3.30 دولار مغري للغاية لعقد صفقة الشراء، ولكن بعد ذلك واصل السعر الانهيار حتى بات مطالبا في نفس اليوم بسداد 9 ملايين دولار بعدما بدأ تداولان ذلك اليوم بحساب فيه 77 ألف دولار.
الأسعار تتعافي
تمكنت أسعار النفط من استعادة أرقامها، وبل وتجاوزت ما كانت عليه في بداية الجائحة، إذ يتحرك خام غرب تكساس قرب 61 دولارا للبرميل، أي أعلى 99 دولارا عما كان عليه قبل عام.
هذا يعطي انطباعا عن التعافي المستمر للاقتصاد العالمي من تداعيات وباء كورونا.
لامست أسعار النفط أيضًا في مارس الماضي أعلى مستوياتها منذ يناير/كانون الأول 2020، وتشير توقعات المحللين إلى استمرارها حول هذه المستويات أغلب الأوقات من العام.
هل نرى الأسعار السالبة مرة أخرى؟
يقول كبير محللي أسواق النفط في شركة ريستاد إنرجي، "إنه على الرغم من الأسعار السلبية تحدث نتيجة افتقار السوق للخبرة، وكذلك جائحة لا تتكرر في الجيل الواحد عادة، ولكنها تظل ممكنة الحدوث".
واستدرك قائلا: "وحتى إذاعاد الطلب على النفط إلى المنطقة الحمراء مرة أخرى، فإن منتجي النفط وأوبك والحكومات أصبح الآن لديهم الخبرة للتعامل معه".
بينما يعتبر مارشال ستيفيز، محلل أسواق الطاقة في شركة آي إتش إس ماركت، إن تكرار سيناريو الأسعار السلبية للنفط وارد حدوثه، نتيجة خصائص تسليم خام غرب تكساس الوسيط في منطقة كوشينج.
ويشرح أن هناك قدرة استيعابية محدودة لخط الأنابيب لنقل الخام داخل وخارج مراكز التخزين في كوشينج، وإذا حدث أي ضغوط على عقود النفط مع اقتراب آجل تسليمها، سيعني ذلك تحركات غير طبيعية للأسعار.