عبداللطيف الجواهري.. مايسترو بنك المغرب
عبداللطيف الجواري هو مصرفي وسياسي مغربي، يشغل منصب والي بنك المغرب منذ 2003.
لا يختلف اثنان حول كفاءته العالية، وضبطه الشديد لقواعد السوق النقدية في البلاد، ويُجمع الكُل، بما فيهم غير الراضين عن بعض قراراته، على كونه الرجل الصارم الذي لا تُحابي قراراته أي جهة كانت، وتقاريره السنوية المرفوعة إلى الملك، أقل ما يُمكن أن توصف به بأنها جريئة، تُشرح الواقع، ترفض الوصاية الخارجية، وتضع مصلحة البلاد فوق أي اعتبار.
هو عبداللطيف الجواري، ذلك الرجل قصير القامة، طويل الباع في تخصص اشتعل رأسه شيبا، وهو يقود البنك المركزي، أو ما يسمى بـ"بنك المغرب"، لما يُناهز العشرون عاماً.
مسار مهني حافل
التحق بمصالح البنك المركزي في ريعان شبابه، عبداللطيف الجواهري، المزداد في 1939 بمدينة فاس، عاصمة العلم والثقافة في المغرب، بدأ مساره المهني وهو ابن الثالثة والعشرين.
وعلى مشارف العقد الرابع من عمره عينه العاهل المغربي الملك الراحل الحسن الثاني، عام 1978، وزيراً مُنتدباً لدى الوزير المكلف بإصلاح المؤسسات العمومية. لينال مُجددا في عام 1986 الثقة الملكية، ويُعين وزيراً للمالية للفترة ما بين 1981 و1986.
وبعدها غادر من السفينة الحُكومية، عائداً إلى عالم النقديات، من باب البنك المغربي للتجارة الخارجية، الذي شغل منصب مديره العام في الفترة ما بين 1986 وحتى 1995. وهي الفترة ذاتها التي ترأس فيها المجموعة المهنية لبنوك المغرب.
المسار المهني الحافل لعبد اللطيف الجواهري، تكلل بتعيينه، مديراً عاماً للصندوق المهني المغربي للتقاعد في عامي 2002 و2003.
وفي عام 2003، ستبدأ حقبة جديدة في حياة عبداللطيف الجواهري، بعد تعيينه واليا لبنك المغرب، ويكون بذلك "المايسترو الصارم" للسياسات النقدية في البلاد.
رجل الأزمات
خبرته الطويلة في المجال المالي، والتي تكللت بقيادته المؤسسة النقدية الأولى في البلاد. التي نجح خلال ما يناهز العشرون عاماً في الصمود في وجه العديد من الأزمات الدولية، وحماية السوق النقدية الوطنية من تبعاته. جلعت عبداللطيف الجواهري يحمل لقب "رجل الأزمات".
هذه الحنكة الكبيرة، دفعت العديد من المُؤسسات الدولية لمنحه لقب أفضل مُحافظ بنك مركزي، تارة في الشرق الأول، وأحيانا كثيرة في شمال أفريقياً.
خبر الأزمات المالية العالمية بشكل دقيق، ما شكل لديه مناعة تدبيرية قوية، تُمكنه من تجاوز الهلع والقرارات الارتجالية، الشيء الذي ظهر جلياً في تدبير البنك المركزي للأزمة التي خلفتها جائحة كورونا، أو موجة التضخم العالمي الأخيرة، التي واجهها البنك المركزي المغربي بحنكة وثبات.
حنكة حافظت على قيمة الدرهم المغربي أمام العملات العالمية، وساهمت في الحفاظ على التوازنات المالية للبلاد. وجنبت العملة الوطنية الغرق في براثين التضخم العالمي.
رجل التواصل
في موعد ثابت مع الصحفيين يخرج عبداللطيف الجواهري كُل 3 أشهر ليُعطي تحليلاته للسياسات النقدية والمالية في البلاد والعالم، ويُعلن قرارات البنك المركزي بشأن نسب الفائدة وغيرها.
ببدله التي لم تتخل عن أصالة تصميمها يمشي مهرولا بخطى رشيقة، وهو الرجل الذي تجاوز الثمانين بأربعة أعوام، نحو قاعة القاعة التي ينتظره فيها الصحفيون، يحرص على السلام عليهم جميعاً، أياً كان عددهم. ثُم يتوسط القاعة، ويُقدم عرضه المُنتظر. ليس من طرف الإعلاميين فقط، بل حتى السياسيين والمستثمرين، وصُناع القرار الاقتصادي بها.
يكاد يضبط أسماء كُل الصحفيين المواظبين على إحاطته الدورية، بل بعضهم يرى فيها محطة للتعلم، أكثر مما هي مادة دسمة تتسابق عليها المؤسسات الإعلامية، في المغرب وخارجه، خاصة المتخصصة في الشؤون الاقتصادية والنقدية.
أسلوبه البسيط، المتسم بالصراحة والحديث المباشر، يُحيل الأرقام والمُعطيات المالية، وما معها من نظريات مُعقدة، إلى أفكار بسيطة مُتسلسلة، يفهمها الأمي قبل المُتعلم.
صوت صارم مسموع
حينما يُذكر اسم عبداللطيف الجواهري تُستحضر الصراحة المباشرة، بعيداً عن تنميق الكلام المعهود على السياسيين وبعض المسؤولين، يُشرح الأوضاع كما هي، ويضع بخبرته الطويلة الأصبع على مكمن الداء.
في تقاريره السنوية التي يعرضها أمام العاهل المغربي الملك محمد السادس يكشف كُل شيء، بدون أي مساحيق. ويتحدث عن الوضع كما هو، ما زاد من مصداقيته ورفع اسمه، وجعل حديثه من منطلق الواقع، وبمرآة الخبرة النقدية.
كثيراً ما أغضب الحُكومة أو السياسيين أو الفاعلين في المجال النقدي، لكن تتوالى الأيام ويتأكد الجميع من سداد رأيه، وصوابية تحليلاته. كقراراته المتشددة مع نسب الفائدة العامة، أو رفضه التعويم الكلي للدرهم، معتمداً التعويم الجزئي، مع التوجه نحو تقوية الاستثمار الوطني وتعزيز قوة الشركات المغربية.
aXA6IDE4LjExOS4xNDMuNDUg جزيرة ام اند امز