حرب على عدة جبهات.. جهود مغربية لمكافحة التطرف وخطاب الكراهية
شدد عبد اللطيف وهبي، وزير العدل المغربي، على أن بلاده تخوض حرباً على عدة جبهات لمحاربة التطرف وخطاب الكراهية.
جاء ذلك في كلمة لوزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي، خلال افتتاح أعمال الملتقى الدولي رفيع المستوى، المنظم من قبل المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان والأمم المتحدة، بمدينة فاس وسط المغرب.
- المغرب وأمريكا.. تعاون استخباراتي يحارب الإرهاب
- رابطة علماء المغرب.. مواجهة الإرهاب بـ"التكوين" و"التنوير"
أهمية قصوى
وشدد وهبي، على أن المغرب يولي أهمية قصوى لمسألة التحريض على الكراهية ونبذ العنصرية والعنف المفضي إلى الجرائم البشعة، ويجعلها تدعم التوجهات الدولية الهادفة إلى تعزيز الحوار والنقاش الدولي حول نشر قيم التسامح والاعتدال.
خاصة من خلال الحرص على احتضان لقاءات ومنتديات دولية تنبثق عنها وثائق مرجعية.
وساق المسؤول الحكومي في هذا الصدد، مثال الاستقبال الرسمي الذي خصه العاهل المغربي الملك محمد السادس، لقداسة البابا فرانسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، للمغرب خلال عام 2019 والخطاب الذي ألقاه الملك بالمناسبة والذي ذكّر فيه بقيم التسامح والتلاحم الذي تجمع بين المغاربة، بغض النظر عن اختلاف معتقداتهم، نموذجا ساطعا في مجال التعايش والحوار بين الأديان والحضارات.
تقويض للسلم والأمن
واعتبر الوزير أن التطرف الديني والفكري والعنف المفضي إلى ارتكاب الجرائم، يقوض السلم والأمن والتنمية المستدامة.
كما أنه يشكل تهديدات مباشرة وانتهاكات جسيمة لجميع أصناف حقوق الإنسان، وفي مقدمتها الحـق في الحيـاة والحـق في الحريـة والأمـن الشخصـي وحريـة التعـبير وحريـة الفكـر والضمير والدين.
هذا الخطر، يقول وهبي، دفع بالأمم المتحدة إلى تسخير مختلف الإمكانيات والوسائل والعمل على تطوير المعايير والآليات المناسبة واتخاذ المبادرات الدولية والإقليمية لمواجهة هذا التحدي الكوني.
وأكد أن المغرب، واصل طيلة الخمس سنوات الأخيرة، تجسيد إرادتها الراسخة لمكافحة كل تطرف أو انتشار لخطاب الكراهية أو التحريض عليه من خلال منجزاتها الميدانية في مختلف المجالات الدينية والأمنية والتشريعية والحقوقية والثقافية والتنموية.
إعادة هيكلة
وعلى مستوى مجال تدبير الشأن الديني، ولأجل تعزيز مقاربة المملكة المغربية الوطنية في نشر قيم الاعتدال الديني والوسطية والتسامح ونبذ العنف، تتم مواصلة جهود إصلاح وإعادة هيكلة الحقل الديني.
هذا الإصلاح، يتم من خلال برامج تكوين وتأهيل الأئمة والمرشدين الدينيين والمرشدات الدينيات بخصوص الوظائف الاجتماعية للمساجد، وتيسير نقل فهم صحيح وسليم لإسلام منفتح ومعتدل.
كما تم في نفس السياق، اتخاذ مبادرات جديدة تمثلت في مراجعة مناهج ومقررات التربية الدينية بمؤسسات التربية والتكوين العمومية والخاصة والمعنية بالتعليم العتيق.
كما تمت إعادة تنظيم وتحديد مهام جامعة القرويين وتجديد وظيفتها ونظام الدراسة والتدريب بها، بهدف تعزيز دورها في التعريف بالفقه المالكي وتاريخ المغرب والتواصل الخارجي، اعتبارا لمكانتها التاريخية كمؤسسة للعلوم الدينية والدراسات والفكر والحضارة الإسلامية.
انخراط جاد
وأكد الوزير، أن المغرب، واصل انخراطه الجاد في جهود مكافحة الخطاب المتطرف والحد من انتشاره، من خلال الملتقيات والندوات التي ما فتئت تنظمها المؤسسات المختصة أو تدعم تنظيمها أو تشارك فيها.
كما واصل المغرب جهوده كبلد أفريقي من خلال عدة مبادرات نوعية للتعريف بنموذج سلوكها الديني ونشره وتوطيد سبل التعاون وتبادل التجارب، كان أبرزها إحداث المجلس الأعلى لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة خلال عام 2017.
وهي المؤسسة التي تهدف إلى تنسيق جهود العلماء في التعريف بالصورة الحقيقية للدين الإسلامي وقيمه القائمة على الاعتدال والتسامح والتعايش، وجعلها في خدمة الأمن والاستقرار والتنمية.
وجدد الوزير التأكيد على أن المملكة المغربية المنخرطة بشكل جاد ومسؤول في تفعيل استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب.
كما أنها راكمت خبرة وطنية في هذا الصدد جعلتها نموذجا مطلوبا للاسترشاد والاستعانة به من طرف دول عديدة، ما مكن من مواصلة تنفيذ سياسة أمنية فعالة أساسها اليقظة والرصد والاستباق ومنع أعمال الإرهاب والتطرف العنيف وتلافي آثار هذه الآفة وإبعاد مخاطرها.
وأشار إلى أن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التطرف والإرهاب تجاوزت المرتكز الأمني الناجع، إلى تنمية القدرات وتوفير فرص التكوين من أجل مكافحة الظاهرة وتيسير عمليات الإقناع والتصحيح والمراجعة.
وأسفر ذلك مؤخرا عن إحداث مكتب برنامج بالمغرب لمكافحة الإرهاب والتكوين في أفريقيا، تابع لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، بهدف تعزيز قدرات الدول الأعضاء ببلورة برامج وطنية للتدريب في مجال مكافحة الإرهاب.
مصالحة
وعرج الوزير على برنامج مصالحة الذي تم إطلاقه منذ العام 2017 لمواكبة وتأطير السجناء في قضايا الإرهاب والتطرف، ويرتكز على مداخل التأطير الديني السليم، والتأطير القانوني والحقوقي، والتأهيل السوسيو-اقتصادي، والتأهيل النفسي.
وأكد أن هذا البرنامج مكن من المراجعة الفكرية لعدد مهم من المعتقلين الذين كانوا يعتنقون "الفكر المتطرف"، وأطلق سراح عدد كبير منهم استفاد من الاندماج مجددا في المجتمع ونبذ خطاب التطرف.
وأضاف أن المغرب اعتمد نموذجا تنمويا جديدا، كمشروع مجتمعي وطني في أفق عام 2035، يسعى إلى توفير شروط مشاركة جميع المواطنات والمواطنين في عملية التنمية المستدامة وإدماجهم في كل مناحي الحياة العامة.