عبد الله رشدي.. داعية صاعد سقط في فخ "نون النسوة"
شاب مفتول العضلات. له لسان عربي فصيح، وحجة دينية تبدو متماسكة، مؤهلات وضعت عبدالله رشدي في حيز اهتمام قطاع عريض من المجتمع المصري.
بزغ نجم الداعية الشاب، في سماء الإعلام، بعد مناظرة مع الباحث إسلام البحيري في عام 2015، كان رشدي يرد على أمور فقهية أثارها البحيري، في برنامج تلفزيوني، لتحدث الحلقة جدلا كبيرا في الشارع المصري.
لم يرتد عبدالله رشدي الزي التقليدي لأبناء الأزهر في المناظرة، تخلى عن العمامة والجلباب، وظهر وهو يرتدي ملابس كلاسيكية عصرية، توحي بانفتاح فكري، وبمعاصرة، تخلٍ عن الزي بدا تاليا أمر شكلي، صار مصحوبا بعد ذلك بتخل عن الأفكار الوسطية.
بدت أفكار بحيري في المناظرة غير متماسكة لقطاع من الجمهور، على نقيض رشدي، الذي كان يتحدث بلغة عربية سليمة، لا يقع في خطأ نحوي، ولا يخرج الحرف من فمه إلا من مخرج سليم، عزز موقفه وإقناع الجمهور حفظه آيات القرآن بلا خطأ، فبدا وكأنه فارس جديد يذود عن حمى الدين، فتلقف قطاع من الجماهير أخباره، وصار متابعوه كثر، وإن كان ظهوره على الشاشة قد سبق ذلك الموعد.
أعقب ذلك اللقاء للشاب الذي ولد في عام 1984، والحاصل على ليسانس في الشريعة الإسلامية، من كلية الشريعة القانون بجامعة الأزهر، عدة لقاءات أخرى وبرامج تلفزيونية خصصت له، كان ذلك إلى جانب عمله كإمام وخطيب بوزارة الأوقاف،حتى منع من الخطابة على إثر تصريح له يكفر فيه غير المسلمين، لكن محكمة مصرية حكمت بعودته للعمل.
على مدار سنوات، وعبد الله رشدي، أيقونة لإثارة الجدل، في أمور شتى. لكن "نون النسوة" باتت كما لو كانت شغله الشاغل. تصريحات مختلفة عن المرأة، مع كل حدث وفي كل حين، لتتحول الهالة حول الرجل إلى مادة للضحك، صارت معها "الميمز والكوميكس" مصحوبة بصوره، على شاكلة "لا تنظري في ذلك الاتجاه.. سيكتب عبدالله رشدي عنك منشورا إن فعلتِ ذلك"، على أنه صار "تريند" منذ ساعات بسبب تدوينة على حساب تقول صاحبته إن اسمها "جيهان" وتتهمه بأمور أخلاقية، تنافي حديثه، ولم يعلق رشدي على الأمر بعد، أو يتضح صدق الشكوى أيضا.
تشتعل مصر على إثر حادث اغتصاب، أوتمتلأ وسائل التواصل الاجتماعي بقضية تحرش، فيخرج الرجل بتغريدة أو منشور، فتقوم الدنيا ولا تقعد. يصف المرأة تارة بـ"السيارة" وبأن الشيطان يستخدمها للإيقاع بالرجل، وبأن أسباب التحرش كثيرة، لكن الملابس غير المحتشمة جزء منها بقوله "ليس من الطبيعي أن تخرج فتاة بملابس لا تصلح إلا للنوم ثم تشكو من التحرش". وهو قول ينافي التحرش بمنتقبات،يشتكين من الأمر.
بدأ رشدي يتخلى عن وقاره، مصطلحاته باتت أقرب للشباب، يغازلهم بملابسه وبعضلاته ولغته التي أضحى فيها وصف رأي معارضيه بـ"الهري" فانصرف عنه كثيرون بعدما انصرف آخرون، وبقي خلفه "أولتراس" من "الهتيفة" على شاكلة "عاش يا مولانا"، وهي لغة لا تستقيم مع وقار الأزهر وأبنائه، الذي يرد على الحجة بحجة لا بـ"إيموجي وميمز".
وصف البعض عبد الله رشدي بممثل الأزهر.. وصف نفاه رئيس تحرير جريدة صوت الأزهر الناطقة بلسان المشيخة، ليوضح أنه لا متحدث باسم شيخ الأزهر ولا الأزهر. ويؤكد أن رشدي لم يعمل في مشيخة الأزهر، وإنما هو إمام بوزارة الأوقاف المصرية.
الرجل الذي خضع للتحقيق بالأوقاف، ومنعته من الخطابة قبل عودته بحكم، عده البعض لسانا لوزارة الأوقاف، لكنها نفت الأمر على لسان الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الديني، بالوزارة آنذاك، موضحا أن ما يمثلها ما ينشر عبر موقعها الرسمي فحسب.
مع ذلك الوصف الواضح، والنفي لصلة التحدث باسم الأوقاف أو الأزهر، قال عبد الله رشدي في تدوينة له إن الأوقاف لم تتبرأ منه، وإنما نفت حديثه باسمها، وهو أمر صحيح "أتحدث باسمي وليس باسم أحد آخر"، توضيح لن يغير كثيرا في مجريات عالم التواصل الاجتماعي الذي صار فيه رشدي نجما، ثم هبط إلى ما دون ذلك بتصريحات أزعجت "تاء التأنيث".
أصبح لرشدي "أولتراس" يدافع عنه، يشنون هجوما على منشورات تتناول حديثه بالنقد. وحده عبدالله رشدي يعلم وغيره لا يعلمون، في منظور جمهوره الافتراضي. لكن النجم الذي كان عليه منذ سنوات خفت ضوؤه، وانطفأ بريقه، فصار يصرح في غير مواضع التصريح بعبارات تدهش المجتمع، سواء عن المرأة وغيرها، عله يستعيد الضوء من جديد على مسرح وسائل التواصل.