إيران ومحاولات تطويق الحراك العربي في لبنان وسوريا
حط وزير الخارجية الإيراني أمير عبداللهيان فجأة في لبنان، في توقيت ملتبس يتزامن مع إشارات إيجابية خليجية تجاه بيروت.
وجال عبد اللهيان على القيادات اللبنانية والتقى أمين عام مليشيات حزب الله حسن نصر الله، ناثراً الوعود حول تأمين الكهرباء وإقامة معامل وتقديم مساعدات.
الجمعة، زار عبد اللهيان الرئيس اللبناني ميشال عون، وقالت الرئاسة اللبنانية، في بيانٍ، إن الرئيس عون أبلغ وزير الخارجية الإيراني أن لبنان يعتبر أن "أي تطوير إيجابي في مفاوضات فيينا للتوصل إلى اتفاق نهائي بين ايران ومجموعة دول مجلس الأمن وألمانيا، ستكون له انعكاسات إيجابية على الاستقرار والسلام في دول المنطقة والعالم".
وأعرب عون عن "أمله في أن تستأنف جولات الحوار بين إيران والمملكة العربية السعودية، نظراً لدورهما على الصعيدين الإقليمي والدولي، فتنعكس الجهود إيجاباً على المنطقة وتساهم في تعزيز التقارب بين دولها".
كما تحدث عون عن ملف اللجوء السوري إلى لبنان، وتداعياته السلبية، متمنياً مساعدة إيران لـ"إيجاد حلٍّ لهذه الازمة التي أرهقت الاقتصاد اللبناني وباتت تشكل عبئاً اجتماعياً ومالياً كبيراً، ولا سيما أن معظم المناطق السورية باتت آمنة، ما يتيح العودة اليها".
وبحسب بيان الرئاسة اللبنانية فقد عرض الوزير الإيراني ما آلت اليه المحادثات بين بلاده والسعودية، والمفاوضات في فيينا ومواقف الدول المعنية منها، معربا عن تفاؤله بأن هذه المحادثات ستؤدي إلى نتائج إيجابية في وقت قريب.
ولفت عبد اللهيان إلى أن التطورات العسكرية بين موسكو وأوكرانيا ألقت بثقلها على المفاوضات، كما على الأوضاع في دول العالم.
كذلك، أطلع عبداللهيان الرئيس اللبناني على نتائج زيارته لسوريا.
وتحدث وزير الخارجية الإيراني عن العلاقات اللبنانية-الإيرانية، وجدد تأكيد بلاده تقديم المساعدات التي يحتاجها لبنان في مختلف المجالات، لافتا الى أنه تناول تفاصيلها مع المسؤولين الذين التقاهم ولا سيما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وأبرزها توفير مادة القمح وغيرها من المواد الغذائية الضرورية التي قد تسبب أزمة غذائية عالمية نتيجة الحرب الروسية - الأوكرانية.
واقترح عبداللهيان عقد اجتماعات ثنائية بين الوزراء المعنيين في كلا البلدين للبحث في التفاصيل وآليات العمل.
ونقلت وكالة الأنباء المركزية اللبنانية عن مصادر دبلوماسية قولها إن إيران وحلفاءها وأذرعها وساحات نفوذها، تعمل على مواكبة التطورات المتسارعة على الساحتين الإقليمية والدولية.
في هذا الإطار، تصب زيارة وزير خارجية إيران، حسين أمير عبداللهيان إلى سوريا ولبنان.
ولفتت المصادر إلى تصريح عبد اللهيان خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره السوري فيصل المقداد بمقر وزارة الخارجية السورية، قال فيه "تطرقنا إلى آخر التطورات الثنائية والإقليمية والدولية".
وتابع: "نحن نرحب بسعي بعض الدول العربية لتطبيع علاقاتها مع الجمهورية العربية السورية من خلال اعتماد نهج جديد. نحن مرتاحون لذلك".
"قلق إيراني"
وتعليقا على ذلك، قالت المصادر الدبلوماسية "هنا تحديدا، يكمن جوهر المحادثات الإيرانية – السورية ولبّها".
وأضافت "لم يكد الرئيس بشار الأسد يعود من زيارته لدولة الإمارات، حتى حطّ عبداللهيان في دمشق؛ فزيارة الأسد التي تعد الأولى من نوعها منذ سنوات، أقلقت إيران واستدعت تأهبا إيرانيا، خوفا من أن تكون سوريا في صدد الابتعاد عن طهران والتضحية بحلفهما مقابل العودة إلى حضن جامعة الدول العربية".
ووفق المصادر ذاتها، فإن زيارة عبداللهيان إلى لبنان تحمل عدة أوجه؛ الأبرز فيهما هو اللقاء مع الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، إذ يرمي الطرفان إلى تنسيق خطة لمواجهة الإشارات الإيجابية الخليجية والانتخابات النيابية.
وخلصت المصادر إلى أن "إيران مستنفرة، لمنع إفلات العواصم التي تسيطر عليها، من يدها".
وفي هذا السياق، قال الأستاذ الجامعي والباحث مكرم رباح "من الواضح أن إيران وبالتحديد عبد اللهيان يهتمان بالمظهر والصورة والتأكيد أن أي محاولة للإفلات من قبضة إيران تحمل مخاطرة".
"سياسة الترهيب"
وأضاف رباح في حديث لـ"العين الإخبارية" أن إيران تمارس سياسة الترهيب من خلال هذه الزيارة، وخصوصاً أنها تأتي بعد زيارة الرئيس بشار الأسد إلى دولة الإمارات، والحديث الإيجابي من الدول الخليجية تجاه لبنان، واقتراب عودة السفير السعودي إلى بيروت".
وأشار رباح إلى أن عبد اللهيان "لا يتصرف تجاه لبنان كوزير خارجية وإنما كمفوض سامي، ويريد تذكير الجميع، وخصوصاً الشيعة اللبنانيين والأشقاء العرب بهذا الواقع".
وعن علاقة هذه الزيارة بالانتخابات النيابية اللبنانية المقررة مايو/أيار المقبل، اعتبر رباح أنه "إذا استمرت الإشارات الإيجابية السعودية والعربية تجاه لبنان، وجرى دعم القوى المعارضة لحزب الله سياسياً ومالياً، قد يلجأ الحزب إلى إلغاء الانتخابات النيابية".
وتابع رباح: "على الرغم أن جميع القوى السياسية اللبنانية تتحضر للانتخابات، فإن حزب الله لا يزال متردداً تخوفاً من عدم فوزه بالأكثرية، وخصوصاً أن هناك انتخابات رئاسية ستلي الانتخابات النيابية ما يضع الاستحقاق البرلماني أمام ضغوط جدية".