فتاوى عبلة الكحلاوي.. رؤى أنارت درب محبي "الإسلام الوسطي"
صدمة كبيرة خلفتها وفاة الدكتورة عبلة الكحلاوي متأثرة بإصابتها بكورونا، القيمة والقامة والعالمة التي أفنت عمرها في مجال الدعوة الإسلامية
الدكتورة الراحلة، التي عملت أستاذة للفقه بجامعة الأزهر، بدأت منذ ثمانينيات مشوارها الملهم في إلقاء دروس للسيدات لشرح النصوص الدينية ومساعدة الفتيات على التفقه في الدين، ثم انتقلت إلى شاشات التلفزيون لتعلم الناس المزيد عن دينهم وتجيب عن تساؤلاتهم الفقهية وما استجد بحياتهم اليومية.
ابنة "مداح النبي" لها باع طويل في الأعمال الخيرية، بلغت ذروتها بتأسيس جمعية "الباقيات الصالحات" الخيرية لرعاية الأطفال الأيتام ومرضى السرطان وكبار السن من مرضى ألزهايمر، ومجمع يحمل الاسم ذاته لا يزال قيد الإنشاء.
وعلى مدار أكثر من 35 عاما كشفت "ماما عبلة" عن آرائها في المواقف الجدلية، وخلدت عبر برامجها عشرات الفتاوى التي تعبر عن "الإسلام الوسطي" تستعرضها "العين الإخبارية" في هذا التقرير.
1- فتاوى زوجية
شغلت المشاكل الزوجية وكل ما يتعلق بالحياة الأسرية مساحة كبيرة من وقت السيدة الجليلة، ومن بين فتاويها ما يتعلق بحق الزوج التعرف على ماضي زوجته.
وقالت الكحلاوي إن ليس من حق الزوج التعرف على ماضي زوجته طالما كان بعيدا عن المحرمات، لأنَّ هناك العديد من الأزواج لديهم وسواس قهري، ما يدفعه للتربَّص بها عند كل مكالمة أو الخروج من المنزل.
حذرت الداعية الإسلامية من العناد بين الزوجين، ورأت أن "المرأة تعاني من مشكلة العناد أكثر من الرجل لعدم قدرتها على الصبر أو التكيف مع واقع الحياة أو نشأتها الخطأ"، معتبرة أنه يؤدي إلى فتور الحياة بينهما وانحراف بعض الأزواج.
بشأن خيانة الزوجة لزوجها قالت إن هذا الأمر هو ابتلاء كبير، ورأت في واقعة "خيانة زوجة لزوجها المسافر مع ابنه الأكبر" إن الخطأ الأول والأخير يقع على الأب الذي لم يرب أولاده واهتم بتوفير الغذاء فقط ولم يغذ العقول والأرواح، كما أنه وقع في خطأ ثان لزواجه من سيدة غير أصيلة.
الكحلاوي كان لها رأي فيما يتعلق بالاختلاف الدائم بين الزوجين على أمور الحياة، وقالت إنه لا ينبغي للمرأة أن تعارض زوجها.
وعلقت على واقعة شجار سيدة مع زوجها بسبب السفر، إن عليها أن ترافقه في السفر وتقنعه بالعودة إلى بلده لكن لا تتركه وحده في الخارج.
2- فتاوى رمضان
عشرات الأسئلة وصلت للدكتورة الراحلة بشأن تفاصيل يوم المسلم في شهر رمضان، وما ينبغي فعله وما يجب تركه.
ورأت الكحلاوي أن المكالمات العاطفية تفسد الصوم، وقالت إن مبدأ الكلام العاطفي بين شاب وفتاة أجنبيين عن بعضهما حرام شرعاً، مشيرة إلى أن الكلام العاطفي ليس من المفطرات الصريحة لكنها تخشى أن يقلل ثواب الصائمين.
بشأن وجوب صوم الفتيات، أفتت بأنه "كوجوب يترتب عليه الأجر أو الإثم عند الترك يكون إذا بلغت الفتاة، وعلامة البلوغ هي نزول دم الحيض، وإذا تأخر فعلامة البلوغ 16 عاماً".
حذرت العالمة أيضا من السهر في رمضان لمشاهدة التلفزيون، وقالت: "إن عقوبة السهر في اللهو والمعاصي أشد من عقوبة المعاصي في الأيام العادية، لأن مرتكبها لم يحترم حرمة وقدسية هذا الشهر".
استعمال أدوات التجميل خلال نهار رمضان ليس محرما، وفقا لما أفتت به الكحلاوي، لكنها حذرت من الإسراف في الزينة، وقالت: "الكحل لا يفطر النساء، لكن لا يجب الإسراف في الزينة حتى لا تكون لافتة للأنظار ويقل ثواب الصائمة".
بعض الأزواج يمنعون زوجاتهم من صلاة التراويح في المساجد، وردت الكحلاوي بأن موافقة الزوج ضرورة لذهابها إلى المسجد، وقالت: "من حق الزوجة أداء التراويح في المسجد إذا رضي الزوج، ولا يجوز أن تشتعل الخلافات الزوجية بسبب ذلك".
3- فتاوى تخص المرأة
فتاوى جدلية كثيرة وردت للعالمة الراحلة التي أدلت بدلوها فيها مثل زوج المسيار، الذي كشفت أنها تؤيده وترى أنه حلال.
وقالت الكحلاوي إن "زواج المسيار جائز وعلينا أن ننظر إلى الجوهر وليس المظهر، فهذا زواج من خلال ولي وشهود ومهر غايته أنه زواج نهاري فقط والرجل يتعفف لوجود زوجة ثانية".
أيضا أفتت بصحة أن تصبح المرأة مفتيا، وقالت إن النساء يصلحن لذلك، لأن الإفتاء ليس مهنة ذكورية فقط، وأم المؤمنين السيدة عائشة ضربت لنا مثلاً للمرأة الفقيهة، والسيدة نفيسة التي أطلق عليها "نفيسة العلم"، وكذلك السيدة زينب التي عرفت بـ"صاحبة الديوان" من كثرة طلاب العلم الذين يفدون إليها.
الفرق بين حرية المرأة في الإسلام ومفهومها في الغرب من الموضوعات التي تحدثت عنها، وقالت إن "الإسلام منح المرأة حرية حقيقية وأعاد إليها كرامتها التي أهدرتها الحضارات المتعاقبة. أما غير المسلمين فلم يحرروها إلا من ملابسها وأخلاقها وحيائها وعفتها، ما جعلها في صراع مع الرجل، وأضحت سلعة تباع وتشتري".
أيدت الكحلاوي إقامة مساجد خاصة بالنساء، وقالت إن "ليس هناك ما يمنع شرعا من إقامة مساجد نسائية ورسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)، فلم يمنع الدين المرأة من هذا".
4- مشاكل مجتمعية
تطرقت الداعية الإسلامية لعدد من المشاكل المجتمعية، وأوضحت رأي الدين فيها، منها ما يخص مسألة أكل حقوق المواريث وأموال الأيتام.
وقالت إن أكل المال الحرام سواء من خلال الرشوة أو السرقة أو الربا أو أكل أموال الأيتام من أكثر أسباب الفساد في المجتمعات بشكل عام، وحذرت من خطورته كونه من الذنوب التي يَصعب على العبد التوبة منها.
"كثرة الضحك" كان من بين الأسئلة التي وصلت للداعية، فأوضحت أن الضحك المنهي عنه ليس مجرد الضحك بل كثرته، وكذلك الضحك بدون سبب أو افتعال الضحك بالكذب أو النكات الفاضحة.
حذرت الكحلاوي من خطورة المعاصي على رزق الإنسان، ورأت أنها تقلل الرزق وتذهب ببركته، موضحة أن الفرق شاسع بين رزق حلال مبارك تحل به اللقمة ويهنأ معه العيش، وبين مال يأتي به صاحبه من حرام.
أيضا أجابت عن تساؤل بشأن "مد الله الطغاة بالمال الوفير"، موضحة أن "ما يمد الله به الكافرين والعصاة من أموال فما ذلك إلا زيادة في ابتلائهم، وليظلوا في طغيانهم يعمهون، كما أنها ممحوقة البركة تورث صاحبها الهم والخوف ولذريته الأنواء والعلل".
وحذرت من طريق الكفر وارتكاب المعاصي؛ خوفا من حرمان الله للسلم من الرزق الحلال الذي يجعل صاحبه موفور العيش معافى في بدنه، مباركاً له في ذريته.