منارة التسامح.. «بيت العائلة الإبراهيمية» وجهة ترامب الأخيرة في الإمارات

يختتم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الجمعة، زيارته الرسمية إلى دولة الإمارات، بزيارة رمزية إلى "بيت العائلة الإبراهيمية" في جزيرة السعديات بالعاصمة أبوظبي.
وتشكل هذه المحطة الأخيرة في جولته تأكيدًا لالتزام البلدين المشترك بقيم التسامح والتعايش بين مختلف الأديان والثقافات.
ويُعد "بيت العائلة الإبراهيمية" صرحًا حضاريًا فريدًا يعكس روح الأخوة الإنسانية، إذ يجمع في تصميمه ثلاثة دور عبادة متماثلة مخصصة للمسجد والكنيسة والكنيس، إلى جانب مركز تعليمي يُعزز الحوار والتفاهم بين أتباع الديانات السماوية الثلاث: الإسلام والمسيحية واليهودية.
ويستمد المشروع رؤيته من "وثيقة الأخوة الإنسانية" التي وقّعها البابا فرنسيس وفضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب خلال زيارتهما التاريخية إلى أبوظبي في فبراير/ شباط 2019، والتي أرست مبادئ السلام والاحترام المتبادل بين الشعوب.
يقع هذا المعلم في قلب جزيرة السعديات، التي تحتضن عددًا من أبرز المشاريع الثقافية والفنية في أبوظبي، ويُفتح أمام الزوار من جميع أنحاء العالم، ليكون منصة دينية وثقافية للفعاليات والصلوات واللقاءات الفكرية، ما يعكس رؤية الإمارات في تعزيز مفاهيم العيش المشترك والانفتاح الحضاري.
ويأتي تصميم المباني الثلاثة متساويًا في الحجم والارتفاع، تأكيدًا لمبدأ المساواة، بينما يحافظ كل مبنى على طابعه الديني الخاص، في تجسيد معماري حي لفكرة "الوحدة في التنوع".
التصميم المعماري للموقع من توقيع السير ديفيد أدجاي، المعماري الغاني البريطاني الحائز على وسام الإمبراطورية البريطانية، والذي يُعرف بأسلوبه المبتكر وقدرته على تجسيد القيم الإنسانية من خلال لغة البناء.
وقد تم الكشف عن مشروع "بيت العائلة الإبراهيمية" للمرة الأولى خلال الاجتماع العالمي للجنة العليا للأخوة الإنسانية في نيويورك، في سبتمبر 2019.
وتتسم تفاصيل المباني الدينية الثلاثة بعمق رمزي ومعماري. فالمسجد يوفّر لغير المسلمين فرصة مراقبة الصلاة من خلال نوافذ مخصصة دون المشاركة، في تعبير عن الانفتاح واحترام الخصوصية الدينية.
أما الكنيسة، فتغمرها المسطحات المائية والضوء الطبيعي، ما يعزز أجواء القداسة ويعكس أهمية الجماعة في العبادة المسيحية. في حين يتخذ الكنيس اليهودي طابعه من تقاليد "عيد الصمت"، ويشجع على التأمل والتواصل من خلال فراغاته المتداخلة التي توحي بالحوار والانفتاح.
وتعكس زيارة ترامب لبيت العائلة الإبراهيمية دعم بلاده لمبادرات السلام التي تقودها الإمارات في المنطقة، وتؤكد في الوقت ذاته مكانة هذا الصرح كرمز عالمي للتسامح الديني والحوار الحضاري.
إذ لا يُنظر إليه كمعلم معماري فحسب، بل كبوصلة فكرية وثقافية تسعى إلى ترسيخ قيم مشتركة بين الأديان، وتقديم نموذج إنساني للتعايش في عالم يزداد تعقيدًا وانقسامًا.