متى قرر الدبيبة تسليم أبوعجيلة؟ إعادة فتح لوكربي ليبيا تكشف تفاصيل مثيرة
رغم مرور أيام على تسليم ضابط المخابرات الليبي السابق أبوعجيلة مسعود إلى أمريكا، إلا أن تفاصيل ذلك "الزلزال" الذي أحدث هزة "عنيفة" في ليبيا ما زالت تتكشف.
وظهر أبوعجيلة مسعود، مساء يوم الإثنين الماضي، أمام محكمة جزئية في العاصمة الأمريكية واشنطن، بعد أن قررت حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا برئاسة عبدالحميد الدبيبة منتهية الولاية تسليمه، على ذمة قضية انفجار طائرة لوكربي، قبل 34 عامًا.
وفيما اعترف الدبيبة يوم الخميس الماضي، بأن حكومته من "سلمت" مسعود لواشنطن لتحاكمه، معتبرًا أن مسعود مذنب وقاتل "الأبرياء"، كانت ردود الفعل الرسمية والشعبية داخل ليبيا "غاضبة" إلى حد كبير، كون "قضية لوكربي أغلقت وكل القضايا العالقة بين ليبيا والولايات المتحدة بموجب اتفاقية التسوية الليبية الأمريكية الموقعة عام 2008، والأوامر التنفيذية التي أصدرها الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش في السنة ذاتها".
تفاصيل "مثيرة"
ورغم مرور أيام على إثارة تلك القضية، إلا أن خيوطها وطريقة تسليم الضابط الليبي ما زالت تتكشف، يومًا تلو الآخر، كان آخرها ما كشفت عنه وكالة "أسوشيتد برس"، مساء السبت، والذي أكدت فيه بعضًا مما نشرته "العين الإخبارية" في وقت سابق.
وتقول "أسوشيتد برس"، إنه في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وصل عناصر من الميليشيات المسلحة في شاحنتين من طراز تويوتا بيك أب إلى مبنى سكني في أحد أحياء العاصمة طرابلس، وما إن اقتحموه حتى أخرجوا رجلاً معصوب العينين في السبعينيات من عمره، وانطلقوا.
كان هدفهم ضابط المخابرات الليبية السابق أبو عجيلة مسعود، المطلوب من الولايات المتحدة بزعم صنع القنبلة التي أسقطت رحلة بان آم 103 المتجهة إلى نيويورك فوق قرية لوكربي باسكتلندا، قبل أيام قليلة من عيد الميلاد عام 1988، مما أسفر عن مقتل 259 شخصًا كانوا على متنها، و11 آخرين كانوا على الأرض.
ضغوط أمريكية
وبعد أسابيع من تلك الغارة الليلية في طرابلس، أعلنت الولايات المتحدة أن مسعود كان محتجزًا لديها، مما أثار دهشة الكثيرين في ليبيا، إلا أن أربعة مسؤولين أمنيين وحكوميين ليبيين كانوا على دراية مباشرة بالعملية التي انتهت بتسليم مسعود لأمريكا، كشفوا تفاصيل تلك الليلة وما تلاها.
وقال المسؤولون إن الأمر بدأ بنقله من منزله في حي أبو سليم بطرابلس إلى مدينة مصراتة الساحلية، ليتم تسليمه في نهاية المطاف إلى عملاء أمريكيين نقلوه جواً خارج البلاد.
وتحدث المسؤولون إلى وكالة "أسوشيتد برس" بشرط عدم الكشف عن هويتهم خوفًا من الانتقام، قائلين إن الولايات المتحدة تمارس ضغوطا منذ شهور لتسليم مسعود.
وقال أحد المسؤولين: "في كل مرة يتواصلون فيها، كان أبو عجيلة على جدول الأعمال"، فيما قال آخرون إنه إنه بعد إطلاق سراح مسعود من السجن في يونيو/حزيران الماضي بعد انقضاء مدة عقوبته، كثفت إدارة الرئيس الأمريكي بايدن من مطالبتها بتسليم ضباط المخابرات الليبي السابق.
وقال مسؤول في مكتب حكومة الدبيبة، إن الأخير كان مترددًا في البداية، بسبب المخاوف من التداعيات السياسية والقانونية، مشيرًا إلى أن المسؤولين الأمريكيين واصلوا إثارة القضية مع حكومة الدبيبة ومع المليشيات المسلحة التي تتعامل معها.
لحظة اتخاذ القرار
وأضاف المسؤول أنه مع تصاعد الضغوط، قرر الدبيبة ومساعدوه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي تسليم مسعود للسلطات الأمريكية.
ولتنفيذ اعتقال مسعود، دعت حكومة الدبيبة عبدالغني الككلي الملقب بـ"غنيوة" والذي يقود مليشيات ما تعرف بجهاز دعم الاستقرار، بحسب المسؤول الذي قال إن الدبيبة ناقش قضية مسعود في اجتماع في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني مع الككلي.
وقال مسؤول حكومي إن الدبيبة أبلغ المسؤولين الأمريكيين بعد الاجتماع بقراره، ووافق على أن يتم التسليم في غضون أسابيع في مصراتة التي تتمتع فيها عائلته بنفوذ.
وتقول "أسوشيتد برس"، إنه بعد هذا الاجتماع، جاءت مداهمة منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، ليندفع عناصر الميليشيات المسلحة إلى غرفة نوم مسعود لاحتجازه، ونقله معصوب العينين إلى مركز احتجاز تديره تلك العناصر في العاصمة طرابلس.
وبحسب المسؤول، فإن أبوعجيلة مسعود، مكث هناك لمدة أسبوعين قبل تسليمه إلى مليشيا أخرى في مصراتة، تعرف باسم القوة المشتركة، والتي تتبع الدبيبة مباشرة.
استجواب مسعود
وفي مصراتة، استجوبت تلك المليشيات، مسعود، بحضور ضباط المخابرات الأمريكية، بحسب مسؤول ليبي مطلع على الاستجواب، قال إن مسعود رفض الإجابة على أسئلة حول دوره المزعوم في هجوم لوكربي، بما في ذلك محتويات مقابلة تقول الولايات المتحدة إنه قدمها إلى السلطات الليبية في عام 2012 اعترف خلالها بأنه صانع القنابل. وقال المسؤول إنه أصر على أن اعتقاله وتسليمه غير قانونيين.
وفي ليبيا، تساءل الكثيرون عن شرعية القبض على مسعود، بعد أشهر فقط من إطلاق سراحه من سجن ليبي، وإرساله إلى الولايات المتحدة.
ورفض البيت الأبيض ووزارة العدل التعليق على التفاصيل الجديدة بشأن تسليم مسعود، فيما قالت وزارة العدل الأمريكية في 12 ديسمبر/كانون الأول الجاري، إنها طلبت من الإنتربول إصدار مذكرة توقيف بحقه.
وقال جليل حرشاوي الزميل المشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، إن تسليم أبو عجيلة يتناسب مع حملة أوسع نطاقا يقودها الدبيبة، والتي تتمثل أساسًا في تقديم الهدايا إلى الدول ذات النفوذ، أملا في مساعدته للبقاء بالسلطة.
وأكد أن تسليم مسعود يشير إلى أن الولايات المتحدة تتغاضى عما وصفه بأنه سلوك غير قانوني، مضيفًا: "ما تفعله الدول الأجنبية هو أنهم يقولون إننا لا نهتم بطريقة صنع النقانق. فقط نحصل على الأشياء التي نحبها".
aXA6IDEzLjU4LjE4LjEzNSA= جزيرة ام اند امز