"أزمة لوكربي".. تسليم مواطن ليبي لواشنطن يحيي جذوة قصة قبل 3 عقود
بعد شهر كامل من المد والجزر في قضية اختفاء مواطن ليبي، ظهر في وقت لاحق في واشنطن وراء القضبان أزيل الستار أخيرا عن بعض تفاصيل القضية.
ففي منتصف الشهر الماضي أعلن في ليبيا عن اختطاف مواطن ليبي يدعي أبو عجيلة مسعود من طرابلس، قبل أن تعلن الولايات المتحدة الأمريكية الأحد الماضي أنها "تحتجزه" على خلفية مزاعم مساعدته في صنع قنبلة فجرت طائرة ركاب أمريكية فوق بلدة لوكربي الاسكتلندية عام 1988.
ذلك الأمر أثار موجة من الغضب على الصعيد الشعبي والرسمي في ليبيا، كون قضية لوكربي أقفلت منذ عام 2008 بعد دفع ليبيا التي أدين مواطنها عبدالباسط المقرحي بالحادث لتعويضات مالية لأسر الضحايا بلغت أكثر من ملياري دولار أمريكي.
وفي حين كان اختفاء أبوعجيلة مسعود الذي اقتادته مليشيات من منزله بطرابلس سرا لشهر كامل اعترف رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية منتهية الولاية عبدالحميد الدبيبة، في كلمة مصورة له ليلة الخميس/الجمعة، أن حكومته "سلمت" مسعود لواشنطن "لتحاكمه".
وقال الدبيبة "أبوعجيلة أحد عناصر التنظيم الذي خطط لتفجير طائرة لوكربي وقام بصناعة القنبلة والمتفجرات ووضعها داخل الأمتعة الخاصة بالمسافرين، وهو المسؤول عن خلية صناعة المفخخات التي تستخدم في العمليات الإرهابية التي أودت بحياة قرابة 270 روحا بريئة".
وأضاف الدبيبة: "ملف لوكربي من حيث مسؤولية الدولة الليبية قد أقفل بسبب المليارات التي دفعت من أموال ليبيا -المتهم أبوعجيلة الذي يحمل الجنسيتين الليبية والتونسية- ورد اسمه في التحقيقات منذ عامين فقط، وتطور مسار التحقيق حتى قبل مجيء حكومتنا وصدرت بحقه مذكرة قبض من الإنتربول".
وتابع: "صار لزاما علينا التعاون في هذا الملف لمصلحة ليبيا واستقرارها، ومحو وسم الإرهاب من على جبين أبناء الشعب الليبي البرِيء".
الدبيبة قال أيضا خلال كلمته التي تعد التعليق الأول منه على الأمر: "أوفدت فريقا حكوميا للاطّلاع على حالة المتورط في أمريكا وباشرنا إجراءات تسفير عائلته لزيارته، ووجهت بتكليف مكتب محاماة بصرف النظر عن تورطه وإرهابه".
وشدد الدبيبة على أنه لن يرضى أن تتحمل ليبيا وشعبها تبعات عمليات إرهابية ارتكبت منذ أكثر من 30 عاما، وأن يصنف الليبيون بالإرهابيين بسبب وجود متهمين بالإرهاب على أرضها.
واعتبر رئيس حكومة الوحدة الوطنية أن "مصلحة الشعب الليبي تقتضي التعاون مع الدول الكبرى، ولعل أولى الأولويات التعاون في قضايا مكافحة وملاحقة الإرهاب".
والثلاثاء خضع أبوعجيلة مسعود لأول محاكمة في واشنطن، وسط مطالبات ليبية رسمية وشعبية للنائب العام بفتح تحقيق في "اختطافه وتسليمه لدولة أجنبية"، وهو الأمر الذي أعلن النائب العام الليبي الصديق الصور مباشرته.
ومنذ انفجار القضية تتوالى بشكل يومي ردود أفعال ليبية مستنكرة للحادث ورافضة فتح ملف قضية لوكربي من جديد.
ردود الأفعال الصادرة عبر بيانات لجهات رسمية ليبية على رأسها مجلس النواب تقول في مجملها إن "قضية لوكربي أغلقت وكل القضايا العالقة بين ليبيا والولايات المتحدة بموجب اتفاقية التسوية الليبية الأمريكية الموقعة عام 2008، والأوامر التنفيذية التي أصدرها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش في السنة ذاتها".
كما تقول تلك البيانات المتشابهة في النص أن "إغلاق القضية جاء أيضا بموجب القانون رقم 110/30 لسنة 2008 الذي أصدره الكونغرس الأمريكي، والذي ينص على أن تكون الممتلكات والأفراد الليبيون المعنيون بقضية لوكربي في مأمن من الحجز أو أي إجراء قضائي آخر".
إضافة إلى "إصدار بوش مرسوما رئاسيا ينص على التزام بلاده بالإنهاء التام لأي مطالبات مستقبلية وإقفال أي قضايا فتحتها عائلات الضحايا، سواء أكانت أمام المحاكم المحلية أم الأجنبية".
و"لوكربي" هي قضية دولية وقعت في 21 ديسمبر/كانون الأول 1988، حين انفجرت الطائرة بوينج 747 تابعة للخطوط الجوية الأمريكية أثناء تحليقها فوق قرية لوكربي بغرب اسكتلندا وقد نجم عن الحادث موت 259 شخصا هم جميع من كان على متن الطائرة و11 شخصا من سكان القرية.
وبعد أن أدين في الحادث ليبي يدعى عبدالباسط المقرحي (توفي في طرابلس في 20 مايو/أيار 2012) أعلن نظام معمر القذافي الحاكم في ليبيا آنذاك تحمله المسؤولية الجنائية.
وعلى خلفية هذا الاعتراف دخلت ليبيا وواشنطن في مفاوضات أسفرت عن الوصول إلى تسوية تدفع بموجبها ليبيا تعويضات إلى أسر الضحايا، وهو ما تم في أغسطس/آب 2008، وبذلك بدأت صفحة جديدة في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
aXA6IDMuMTM4LjMyLjUzIA== جزيرة ام اند امز