وضع معيشي صعب.. كيف أثّر الانقسام السياسي على حياة الليبيين؟
لكل معركة سياسية أطراف، منها من يربح ومنها من يخسر، لكن في ليبيا كان المواطن هو الخاسر الأكبر جراء الانقسام السياسي الذي ضرب البلاد.
وانعكست الأزمة السياسية الحالية في ليبيا على الوضع المعيشي وحياة المواطنين في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، وكذلك الأزمة الاقتصادية العالمية نتيجة للحرب الروسية الأوكرانية.
- أزمة ليبيا.. الشباب يمسكون بزمام المبادرة بحلول ومقترحات
- اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. ليبيا تحت المنظار الأممي
النزوح
وبعد أن كان الليبيون يحلمون بإجراء انتخابات وطنية عامة رئاسية ونيابية، وتوحيد المؤسسات السيادية، عادت الأوضاع أكثر سوءا، فانقسمت السلطة التنفيذية إلى حكومتين متوازيتين شرقا وغربا، ومليشيات تتقاتل فيما بينها.
هذه الأوضاع اضطرت آلاف الليبيين لترك منازلهم والنزوح قسرا أو طواعية خشية عودة الاشتباكات بمواقعهم خاصة في الغرب الليبي، ووفقا لآخر إحصائية للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فإن 143,419 ليبيا نزحوا داخليا خلال هذا العام 2022.
وتابعت المفوضية في تقريرها أن أكثر من 23 ألف ليبي ومهاجر غادروا ليبيا هربا من الأوضاع فيها وتم اعتراضهم أو إنقاذهم وإعادتهم إلى البلاد، خلال نفس العام.
أزمة الخبز
وشهدت بداية العام في ليبيا ضربة موجعة في السلعة الاستراتيجية الأولى في البلاد، حيث بدأ الشارع يحس بأزمة في نقص الدقيق وانفلات أسعار الخبز، حيث شهد شهر يناير/كانون الثاني 2022 نقصا في القمح لدى المطاحن وارتفاع أسعار الدقيق، ما دفع أصحاب المخابز إلى رفع سعر الرغيف.
هذه الأزمة التي كانت مجرد بوادر، اشتعلت فجأة مع ما ضرب العالم من نقص في توريد الحبوب جراء الحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت في 24 فبراير/شباط الماضي، لتزداد الأزمة وتصل إلى ذروتها في وسط مارس/آذار ما أدى لنفاد غالبية المخزون.
وكشف تطور الأزمة بشكل كبير حينما أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال إحاطته في 15 مارس/آذار أن ليبيا ضمن 18 بلدا أفريقيا يستورد ما لا يقل عن 50% من القمح.
وعلى خلفية تلك الأزمة الكبيرة اضطرت المخابز لاستخدام "المحسنات المسرطنة" مع نقص إمداد الحبوب، وهو ما أعلنته عدة بيانات من جهات رقابية، واضطر النائب العام الليبي لإرسال عينات إلى مراكز تحليل ومختبرات دولية للفصل في الملف وهو ما ثبت صحته.
نقص الخدمات
كما انعكس الانقسام السياسي على تردي الخدمات من توفير الوقود أو الأدوية خاصة بالعديد من المناطق الجنوبية والنائية.
وهو ما فضحه حادث انفجار شاحنة وقود بمنطقة بنت بية المعزولة في صحراء جنوب ليبيا، مطلع أغسطس/آب، والذي أودى وأصاب عشرات الليبيين الذين تجمعوا حول شاحنة انقلبت على جانب الطريق للحصول على كمية من الوقود منها نتيجة شحه في السوق.
أزمة الرواتب
معاناة الليبيين لم تقف عند هذا الحد فبالإضافة إلى الأزمة المالية العالمية وارتفاع الأسعار انقطعت الرواتب عن المواطنين في الإدارات المختلفة لعدة أشهر, وزادت هذه الأزمة مع الانقسام السياسي ووجود حكومتين متوازيتين شرقا وغربا، حيث امتنع المصرف المركزي وفقا لبيانات من مؤسسات حقوقية وتصريحات من مجلس النواب عن صرف رواتب ملايين الليبيين في مناطق الشرق والجنوب.
هذه الأزمة اعترفت بها وزارة المالية بحكومة طرابلس، حيث قدمت اعتذارها إلى "أبناء الشعب الليبي" عن التأخر في صرف رواتب شهر أكتوبر/تشرين الأول، بعد تصاعد غضب الموظفين من غياب الأجور في خضم الأزمة المعيشية التي تعرفها البلاد.
أزمة الرواتب أغضبت الليبيين ودعت عدة تجمعات حقوقية وسياسية أبرزها حراك "اغضب من أجل الوطن"، الليبيين للخروج في الساحات والميادين لرفض هذا الوضع الاقتصادي الصعب، معتبرين ذلك سياسة تجويع ممنهجة.
ووصلت الحالة -وفقا لتقارير الأمم المتحدة- إلى ارتفاع معدلات الفقر لأكثر من 40%، وقدرت من يحتاجون إلى مساعدات إنسانيّة بشكل ملح بـ1,3 مليون شخص من أصل 7 ملايين هم إجمالي السكان.
aXA6IDMuMTM4LjY5LjEwMSA= جزيرة ام اند امز