أبوأحمد.. سوري يبحث عن "مصدر رزقه الوحيد" تحت الركام (خاص)
مثل غيره من السوريين في مدينة سلقين يمضي أبوأحمد يومه برفع الأنقاض من أحد المواقع التي دمرها الزلزال، باحثا عن شيء ثمين لازمه أغلب سنوات عمره وكان مصدر نجاحه وإبداعه.
أبوأحمد يعمل بالطباعة منذ سنوات طويلة لازمه الشغف بالمهنة لتطويرها باستمرار حتى يبقى متصدرا بالسوق والرقم الصعب في عالم الطباعة وتجهيزاتها، وفجأة حدث ما لم يكن متوقعا.
كل ما سبق ذهب بلحظات ليتحول أبوأحمد لعمل لم يمارسه بحياته وهو الحفر ليس على الورق هذه المرة بل لاستخراج ما نجا من الزلزال.
يقول أبوأحمد في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية": "لم تمنعني سنوات الحرب الطويلة من ترك العمل الذي أحب ودائما ما كنت متنقلا بين بلدة وأخرى أحط فيها رحال أجهزتي التي باتت مصدر رزقي الوحيد وباب معيشة عائلتي المؤلفة من 8 أفراد، وفي كل مما مضى من حرب كنت حريصا على التجهيزات التي أعمل على تطويرها باستمرار حتى لا تبنى شبكات العنكبوت على أجهزتي، وطالما كنت مقصد الكثير من أعمال الطباعة بمختلف أنواعها ومتطلباتها، لكن اليوم من سيقصد عملي ومن سيبقى يسأل عني".
وبحسب إحصائية غير رسمية فإن ضرر المحال التجارية في مدينة سلقين وحدها وصل إلى 38 محلا تجاريا وخدميا دمرها الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا، وامتد تأثيره لمناطق مختلفة شمال غرب سوريا منها مدينة سلقين التي شهدت نهضة تجارية وخدمية وصناعية منذ عام 2020، الذي شهد نزوح سكان محافظة حماة وجنوب محافظة إدلب إلى المناطق الحدودية مع تركيا، مما أكسب مدينة سلقين حركة تجارية واقتصادية وعمرانية، ليتوافد إليها أصحاب المهن كحال أبوأحمد الذي تقع مكتبته على طريق العلاني ذي الشهرة الكبيرة في المدينة.
يضيف أبوأحمد: "أمضيت حوالي السنة في مدينة سلقين ملتزما بالعمل في مكتبتي وتفكيري مرتاح، حيث حركة العمل جيدة والموقع الاستراتيجي والكهرباء على مدى 24 ساعة ومياه الشرب والنظافة، بيد أن هذا الحال لم يدم حتى ابتلعت الأرض كل أحلامي التي بنيت عليها مستقبل عائلتي".
ويتابع: "إذا سألني أحد المارة عماذا أبحث ربما سيستهزئ بي حين أجيبه أنني أبحث عن تجهيزات مكتبتي ويبادرني بالقول (الناس تبحث عن مفقودين وأنت تبحث عن حديد) لكن هل يعلم ذلك الشخص أن الحديد الذي سأبحث عنه هو الكفيل باستمرار معيشة أسرتي ومصدر رزقها الوحيد وبدونه سنضطر للتسول من الناس، خاصة بعدما ذهب الزلزال ببيتي الذي أسكن وأعتقد أنني قدمت الكثير من المساعدة في استخراج المفقودين وبت الليالي الطويلة أبحث عن أقربائي إلا أن الحياة بالنهاية ستستمر ولن تنفعني الحسرات مستقبلا، واليوم سأبقى أبحث وأحفر عن مصدر رزقي الذي دمره الزلزال مثل ما دمر الكثير من المحال التجارية والخدمية".
في اليوم الرابع بعد الزلزال أدخلت الأمم المتحدة أول دفعة مساعدات إلى شمال غرب سوريا اقتصرت على بعض الطعام والإسفنج والأغطية، في حين لم يكن هناك أي معدات لوجستية أو فرق إنقاذ دولية أو إقليمية، الأمر الذي عبر عنه الدفاع المدني في المنطقة بأنه محبط ودون التوقعات من المؤسسات الدولية التي تركت السوريين وحيدين في مقارعة الموت.
ينوي أبوأحمد إذا استخرج بعض معداته أن يعود لعمله كما كان بحسب ما جاء على لسانه قائلا: "لا أستطيع المكوث بالمنزل ولا أجيد عملا آخر يمكن أن يدر عليّ المال سوى التصميم والطباعة والإعلان وكل ميليمتر بتلك الأجهزة يمثل لي ثروة كاملة فمن غير المعقول أن أتركها دفينة للأرض حتى لو تخلعت أظافري بحثا عنها ولو طالت الأيام لن أنكسر حتى أعود للطباعة والعمل".