مسجد أبي الحجاج الأقصري.. تحفة معمارية في قلب معبد الأقصر
ابن بطوطة يذكر المسجد في كتابه "تحفة النظار"، قائلا "سافرت إلى مدينة الأقصر وهي صغيرة حسنة، وبها قبر الصالح العابد أبي الحجاج الأقصري
تصميمه الفريد وتوسطه لكتلة أثرية يقصدها السياح جعله يخطف أنظار الزوار إليه، حيث بني مسجد أبي الحجاج الأقصري في قلب معبد الأقصر الأمر الذي ميزه عن غيره من المساجد.
وذكره ابن بطوطة في كتابه "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار"، قائلا "ثم سافرت إلى مدينة الأقصر وضبط اسمها بفتح الهمزة وضم الصاد المهمل، وهي صغيرة حسنة، وبها قبر الصالح العابد أبي الحجاج الأقصري.. وعليه زاوية".
ويقول جبرائيل أنور، مرشد سياحي، إن مسجد أبي الحجاج يرجع إلى الصوفي "يوسف بن عبدالرحيم بن يوسف بن عيسى الزاهد" المعروف بأبي الحجاج الأقصري والذي دفن بداخله.
تم بناء المسجد منذ 900 عام حين نزح "أبوالحجاج" من المغرب لنشر الدعوة الإسلامية في مصر، وهو مشيد على الجانب الشمالي الشرقي من معبد الأقصر، وقيل إن العارف بالله أبي الحجاج كان كثير الاعتكاف والانعزال بمعبد الأقصر، ولهذا السبب أقام مسجده بقلب المعبد، ودفن بضريحه القائم فوق معبد الأقصر بعد أن توفي الشيخ بالأقصر عام 642هـ.
ويضيف: "يرجع تاريخ إنشاء المسجد إلى العصر الأيوبي، ولكنه يشبه في شكله المعماري المساجد الفاطمية القديمة، وهو عبارة عن مساحة صغيرة مربعة، مغطاة بسقف خشبي، يبلغ ارتفاع مدخله 12 متراً، ويخلو من الزخارف الهندسية والنباتية واللوحات الخطية المعروفة في العمارة الإسلامية، ويعلو المسجد شريطا من الشرفات المبنية بالطوب الأحمر".
ومن داخل معبد الأقصر يمكن أن ترى حائط المسجد، كما يوجد بداخله عدد من العواميد المزينة بالرسومات الفرعونية، وبداخله يوجد أكثر من مقام أهمهم مقام "أبي الحجاج" وعدد من تلامذته، كما إنه يضم بقايا كنيسة قبطية قديمة طمرت تحت مبنى المسجد الذي يرتفع فوق سطح أرض المعبد أكثر من 10 أمتار.
ويتابع أنور: "تعلو المسجد مئذنة مبنية بالطوب اللبن، هي من أقدم مكونات المسجد الحالية، إذ تعود إلى عصر أبي الحجاج نفسه، وتتكون من ثلاثة طوابق الأولى مربعة الشكل، والثانية والثالثة أسطوانيتان، وفي أعلاها مجموعة من النوافذ والفتحات، والجزء السفلي المربع مقوى بأعمدة خشبية".
ومن أهم محتويات المسجد القبة التي تغطى الضريح، وهي مكونة من قاعدة غير منتظمة الأبعاد، وتدرج حتى تصل إلى الشكل الدائري للقبة وقد طرأت على المسجد عدة عمارات وتوسعات على مر العصور الأيوبي والمملوكي والعثماني والحديث، حيث أضيف للمسجد مئذنة أخرى في فترة لاحقة، ولم يعتبرها الأثريون شاذة عن الشكل الجمالي للمبنى.
ومن المعروف أن لـ"أبي الحجاج" مكانة عند أهل الأقصر، حيث إن العروس تقوم بزيارة المقام والمسجد على سبيل البركة حاليا، كما كان له مجلس علم يقصده الناس من كل مكان قديما.