أبو خليل القباني رائد المسرح الغنائي.. طموح التطوير أنهاه حريق وطاعون (بروفايل)
أينما ذُكر المسرح السوري، يظهر بشكل تلقائي اسم أبرز أعلامه ورواده أبو خليل القباني، الذي أبدع عروضا خرج صيتها عن حدود بلاده.
وتجلت عبقرية أبو خليل القباني في تماسك النص المسرحي وإتقانه للكتابة الشعرية، حتى كانت عروضه، التي قدم كثيرا منها على المسارح المصرية، قوية رصينة، وباتت علامة من علامات المسرح العربي بشكل عام.
هو أحمد أبو خليل القباني، وُلد عام 1833 في حي باب سريجة بالعاصمة السورية دمشق، ويعود اسم "القباني" نسبة إلى عائلته، التي كانت تستعمل آلة "القبان" في وزن البضائع، وهو نفس الأصل الذي يُنسب إليه الشاعر نزار قباني.
وتجلى حب الموسيقى في نفس "القباني" منذ صغره، فبخلاف مداومته على حضور الكتاتيب وكذلك دروسه في المدرسة الابتدائية، وجد نفسه منجذبا نحو الموسيقى، لما حضره من عروض الحكواتي وخيال الظل، التي كانت تحتضنها المقاهي.
خلال هذه العروض، وجد "القباني" ضالته في محمد علي حبيب، الذي دأب على تقديم مثل هذه الفعاليات على المقاهي.
كما استلهم" القباني" بيئة المحلية إلى أعماله المسرحية لاحقا مما حضره من عروض خلال هذه الفترة، بخلاف التقاطه لأصول الفن المسرحي من عروض قدمتها فرق فرنسية في دمشق.
ويُعد "القباني" عمودا فقريا في الأعمال المسرحية التي قدمها، فهو كان يؤلف ويلحن ويمثل ويغني، وفوق كل هذا بنى مسرحا في دمشق، كما أنه أول من دمج الألحان في العالم العربي بالعروض المسرحية بغرض إنشادها، بحسب إشارة بحث يحمل عنوان "المسرح الغنائي في بلاد الشام ومصر".
ظهر أول عروض "القباني" المسرحية إلى النور في عام 1871، وحمل اسم "الشيخ وضاح ومصباح وقوت الأرواح"، وأسس في سنة 1879 فرقته المسرحية، ووضع حجر أساس العروض المسرحية الغنائية ذات الفصول والموضوع الواحد في سوريا.
من أبرز الأعمال المسرحية التي قدمها "قباني" "ناكر الجميل"، و"عايدة"، و"أنس الجليس"، و"هارون الرشيد"، وغيرها.
انتقل "القباني" في وقت لاحق إلى مصر، التي قضى فيها 17 عاما، وفيها ساهم في ازدهار المسرح الغنائي، إلى أن انقلب الحال في سنة 1901، حينما تعرض مسرحه في منطقة العتبة الخضراء للحرق، حتى قرر الاعتزال.
عاد "القباني" بعدها إلى سوريا، وهناك أصيب بالطاعون وفارق الحياة عام 1903.