لا تراجع ولا استسلام.. COP28 و"مهمة" ملفات التكيف العالقة
قضية التكيف مع آثار تغير المناخ من أبرز الملفات التي ستطرح خلال مفاوضات COP28 بدبي نهاية 2023.. فهل تجتاز القمة المهمة الشائكة؟
ويمثل التكيف أولوية بالنسبة للبلدان النامية، حيث إن هذه الدول تواجه أسوأ آثار للتغير المناخي، في حين أنها، في كثير من الأحيان، أقل استعدادًا للتعامل معها.
لذلك تريد البلدان النامية المزيد من الأموال لمساعدتها على تجهيز مجتمعاتها للمرونة مع درجات حرارة أعلى وظواهر جوية أكثر قسوة، ما يتطلب مضاعفة التمويل الموجه للتكيف.
- مجتمع خال من السموم.. التحديات الصحية أمام COP28 "مقابلة"
- سفير تركيا بالاتحاد الأوروبي لـ"العين الإخبارية": نخطط لاستضافة قمة المناخ COP29
كما تريد المزيد من "التوازن" في عملية الأمم المتحدة، التي يقولون إنها كانت تركز منذ سنوات في المقام الأول على التخفيف وحمل البلدان على خفض انبعاثاتها، بدلاً من التكيف والاستعداد لتأثيرات المناخ.
تعهدت رئاسة COP28 بأن يحمل مؤتمر المناخ المقبل في دبي حلًا نهائيًا لجميع الأمور العالقة بشأن التكيف، على رأسها الهدف العالمي للتكيف، ومضاعفة تمويله، وتحقيق التوازن بينه وبين التخفيف، ووضعه في طليعة العمل المناخي.
ما هو التكيف مع تغير المناخ؟
يعمل العالم الآن على مواجهة أزمة تغير المناخ من خلال استراتيجيتين، الأولى يطلق عليها "التخفيف"، أي الإجراءات الرامية إلى الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية، وتقليل الانبعاثات المسببة للاحترار، والثانية هي "التكيف" أي الإجراءات الرامية للحد من تعرض المرء لآثار تغير المناخ والاستعداد لها.
تعرف الأمم المتحدة التكيف مع تغير المناخ بأنه تغيير في السياسات والسلوكيات بهدف المرونة مع آثار تغير المناخ التي حدثت بالفعل أو متوقع حدوثها مستقبلًا.
وفق الأمم المتحدة، بلغ عدد المتضررين من أثار تغير المناخ في العالم ما يقرب من ملياري شخص يعيش معظمهم في البلدان الأكثر فقرا.
سيزداد العدد مع ارتفاع درجات الحرارة والتأثيرات المناخية الأخرى في السنوات المقبلة، حتى لو اتخذنا بالفعل الإجراءات المناسبة فيما يخص التخفيف، لأننا لا نستطيع وقف الانبعاثات بين عشية وضحاها، ومن هنا تأتي أهمية التكيف كاستراتيجية موازية لحماية المتضررين المحتملين من الآثار المناخية التي لا مهرب منها.
لذا، يعد التكيف والتخفيف ضرورتين مزدوجتين، فالتخفيف ضروري للحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى قدر يمكن البشر من البقاء على قيد الحياة، والتكيف يساعدنا على التأقلم مع التأثيرات المناخية القوية التي لا مفر من حدوثها بعد ارتفاع درجة الحرارة بالفعل.
يمكن أن تشمل تدابير التكيف مشروعات وإجراءات مثل: بناء سدود البحر، وتكييف الهواء، وأنظمة الإنذار المبكر، وتحسين تغطية الهاتف المحمول والإنترنت، وإدخال تغييرات في أساليب الزراعة.
تمويل التكيف
على مستوى المفاوضات المناخية المستمرة منذ أكثر من 30 عامًا، لم تحظ استراتيجية التكيف أبدا بالاهتمام الذي حظيت به استراتيجية التخفيف، سواء من حيث التمويل أو التخطيط.
لعل السبب في ذلك، أن البلدان الغنية ذات الانبعاثات العالية، كانت طوال سنوات التفاوض السابقة تهتم بـ "التخفيف" على حساب "التكيف"، لأنها تمتلك اقتصادات قوية وبنية تحتية وتكنولوجيا متطورة ستمكّنها من مواجهة الآثار المناخية بمرونة، على عكس الدول النامية التي تعتبر إجراءات التكيف "أولوية" بالنسبة لها.
تواجه الدول النامية والفقيرة أزمة كبيرة في ممارسات "التكيف"، حيث تحتاج لتمويل ضخم للإنفاق على المشروعات التي تساعدها على المرونة مستقبلًا مع آثار تغير المناخ، في نفس الوقت التي تعاني فيه من أزمات بسبب اقتصادها النامي أو الهش بالأساس، كما أن معظمها لا يساهم في الانبعاثات العالمية إلا بنسب قليلة جدًا.
على الرغم من كون "التكيف" إحدى الركائز الأساسية لاتفاق باريس عام 2015، إلا أن عددًا من التحديات الرئيسية أعاقت الجهود المتعلقة به، أبرزها التمويل، حيث تضخ معظم التمويلات الخضراء في المشروعات والإجراءات المرتبطة بالتخفيف.
يقول تقرير فجوة التكيف لعام 2022، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، إن تدفقات تمويل التكيف الدولي إلى البلدان النامية أقل من 5 إلى 10 مرات من الاحتياجات المقدرة ولا تزال الفجوة تزداد اتساعاً.
يقدر التقرير احتياجات التكيف السنوية بنحو 160-340 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030، و315-565 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2050.
حتى الآن، لم تشكل التمويلات المخصصة لمشروعات التكيف سوى حوالي 25 في المائة من إجمالي تمويل المناخ، وتوجه الـ 75 في المائة الأخرى نحو التقنيات الخضراء للتخفيف من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
فيما يخص التمويلات الرسمية، لم تلتزم البلدان الغنية حتى الآن بدفع المساعدات السنوية البالغة 100 مليار دولار التي تعهدت بتقديمها للبلدان الفقيرة في 2009، والمنصوص عليه في اتفاق باريس لعام 2015، من أجل مساعدة البلدان الفقيرة للتكيف والتخفيف.
لم تقدم البلدان الغنية هذا المبلغ، رغم أنه أقل بكثير من احتياجات البلدان الفقيرة للتكيف فقط مع آثار تغير المناخ، وفق تقديرات الخبراء.
في COP26، التزمت الدول المتقدمة بمضاعفة تمويل التكيف بحلول عام 2025، في محاولة لتعويض سنوات من نقص التمويل.
عوائق التكيف
على جانب آخر، يفضل القطاع الخاص العالمي توجيه استثماراته نحو التخفيف، مشروعات الطاقة المتجددة على سبيل المثال، وذلك لأنها مربحة ويسهل التعامل معها وفهم أبعادها.
خلال مؤتمر صحفي في بون، أثار السفير المصري وائل أبو المجد، الممثل الخاص لرئيس COP27، هذه القضية، قائلًا إن التكيف لا يجتذب تمويل القطاع الخاص بنفس الطريقة التي يحظى بها التخفيف.
أضاف: "هذه هي الحقيقة، بالنظر إلى الأرقام التي تشير إلى اتجاه استثمارات القطاع الخاص، ستجد نصيب الأسد يذهب إلى مصادر الطاقة المتجددة، لأن نموذج العمل بها مربح وبسيط وسهل الفهم".
تابع: "لم أر بعد نموذج الأعمال الذي يجعل المستثمرين يقولون: "رائع، سأستثمر في التكيف، لذا سيتعين علينا الاعتماد على مصادر تمويل إبداعية، وليس على القطاع الخاص.".
بالإضافة إلى عائق التمويل، لطالما كان تحديد ماهية التكيف وكيفية قياسه مهمة معقدة، على عكس التخفيف، حيث تتوفر مقاييس أقل وضوحًا لتتبع العديد من الأنشطة المتنوعة التي يمكن تسميتها بالتكيف.
قال هنري باول، حد المراقبين في بون: "إن قياس الانبعاثات وخفضها أسهل من قياس التكيف في مدى مرونة المجتمع أو مدى استدامة النظام البيئي، أو ما إذا كانت الأنواع تزدهر أو تتراجع، هذه المقاييس أصعب لأنها مزيج من النوعية والكمية.
بجانب ذلك، يتم التكيف بشكل عام بقيادة محلية، وغالبًا ما يتم على أساس مجتمعي صغير.
يمكن أن يشكل ذلك تحديًا إضافيًا للبلدان عندما يتعلق الأمر بقياس جهود التكيف الجارية والإبلاغ عنها، والتي بدورها يمكن أن تحد من الدروس التي يمكن تعلمها ومشاركتها.
كما قالت رزان المبارك، رئيس الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة وبطلة الأمم المتحدة رفيعة المستوى في مجال تغير المناخ، خلال حلقة نقاش في بون: "غالبية العالم يتكيف بالفعل، لكنهم لا يسمون ذلك تكيفًا بالضرورة، بل يسمونه البقاء على قيد الحياة".
وأضافت: "إنها قصص البقاء والحلول الجارية بالفعل والموجودة على أرض الواقع والتي يحتاج المجتمع العالمي إلى الاستماع إليها والتأكد من أن ما يسمى بالتكيف موجودا بالفعل ضمن خطاب تغير المناخ.".
بجانب قضايا التمويل والعوائق، العالقة منذ سنوات، سيشهد COP28 مفاوضات بشأن أربعة مجالات رئيسية تتعلق بالتكيف، وهي نفس الملفات التي تفاوضت الأطراف بشأنها في مؤتمر بون يونيو/حزيران الماضي: الهدف العالمي للتكيف (GGA)، ولجنة التكيف، وبرنامج عمل نيروبي، وخطط التكيف الوطنية (NAPs).
الهدف العالمي للتكيف (GGA)
وضع مفهوم الهدف العالمي للتكيف لأول مرة في المادة 7 من اتفاقية باريس لكنه لم يصل إلى حد تحديد محتواه، ويهدف إلى تعزيز القدرة على التكيف وتعزيز المرونة، بهدف الحد من الضعف والمساهمة في التنمية المستدامة وضمان استجابة ملاءمة للتكيف في سياق هدف الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية عند 1.5 درجة مئوية.
بعد 6 سنوات، وافقت الدول في COP26 على إطلاق برنامج عمل مدته سنتان لحل هذه المشكلة وتحويل الالتزام الغامض إلى إجراءات ملموسة، ما يتطلب من جميع الأطراف المشاركة في جهود مكثفة لتخطيط وتنفيذ خطط التكيف والإبلاغ عنها، من خلال برنامج عمل واضح، يحدد الاحتياجات الجماعية والحلول لأزمة المناخ.
في COP27، بدأ برنامج عمل غلاسكو- شرم الشيخ حول الهدف العالمي للتكيف، هو برنامج مدته سنتان "2022-2023"، مصمم لتطوير إطار عمل واضح لـ للهدف من أجل اعتماده نهائيًا في COP28.
من المقرر أن تنهي اللجنة المعنية بالهدف العالمي للتكيف، عملها في دبي، حيث تحرص الدول النامية على تحقيق أهداف طموحة، تؤدي إلى استثمار المزيد من الأموال في تدابير لتعزيز القدرة على التكيف مع تغير المناخ.
تتمثل فكرة برنامج العمل في مساعدة الأطراف على معرفة كيفية تحقيق الهدف عمليًا، بما في ذلك نوع المنهجيات والمؤشرات والبيانات والمقاييس التي يمكن استخدامها لتتبع التقدم نحو تحقيقه.
في هذا الصدد قالت وزيرة البيئة المصرية، ياسمين فؤاد، في الاجتماع الوزاري السابع حول العمل المناخي، بالعاصمة البلجيكي بروكسل، إن العالم يحتاج إلى إطار عمل واضح ومؤشرات لتقييم التقدم المحقق في مجال المرونة والتكيف يراعي التحديات المتوقعة بناءً على المعلومات الواردة في تقارير الهيئة الحاكمة للمناخ وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وإضافة العناصر المتعلقة بالتنوع البيولوجي والمدن.
أشارت فؤاد إلى أن كيفية الانتقال من التخطيط إلى التنفيذ هي كلمة السر في الهدف العالمي للتكيف، والذي يرتبط بشكل أساسي بتمويل التكيف، ويعتمد على تحقيق هدف مضاعفة تمويل التكيف، وذلك في الوقت الذي يشهد العالم اختلافا حول إجراءات التكيف ودعمه.
ولفتت إلى أن الإطار العام للهدف العالمي للتكيف سيتيح الفرصة لتخطيط أفضل ومتابعة القدرة على الصمود، ويسمح لتحقيق أهداف طموحة لتعزيز التكيف، كما سيسمح للمجتمع الدولي بمتابعة تقدمه بحيث يبتعد عن السيناريوهات المتوقعة للتأثيرات المتعلقة بالمناخ على مختلف القطاعات والقطاعات الفرعية.
خلال عام مضى، عقد برنامج عمل غلاسكو- شرم الشيخ، ست ورش عمل، وآخرها عقد في بون في الفترة من 4 إلى 5 يونيو/حزيران، مع التركيز بشكل خاص على المقاييس والمؤشرات والمنهجيات لإنشاء إطار عالمي للتكيف رسميًا.
كما أجريت محادثات غير رسمية في بون حول الهدف، ضمن اجتماع التقييم غير الرسمي الذي عقده رئيس الهيئة الفرعية للتنفيذ.
في الأسبوع الثاني من جلسات بون، أعربت بعض الدول عن إحباطها من عملية المفاوضات بشأن الهدف العالمي للتكيف، وذلك بسبب الانقسام بين الدول الغنية والنامية بشأنه.
قالت المفاوضة الأرجنتينية بيلار بوينو روبيال إنه منذ البداية كان من الواضح أن الفصيلين دخلا المحادثات بتوقعات متباينة.
أضافت: “أرادت الدول المتقدمة فقط بدء المفاوضات كإجراء شكلي، بينما أرادت الدول النامية التركيز على الجوهر”.
أراد تحالف G77 + الصين، الذي يضم 135 دولة نامية، الاتفاق على مسودة نص من ثماني صفحات تتضمن قائمة من الخيارات لأهداف تكيف محددة.
شملت هذه التدابير الحفاظ على الأرض والمياه، وحماية البشرية جمعاء من خلال أنظمة الإنذار المبكر للأحداث الخطرة بحلول عام 2027، وتعزيز قدرة سكان العالم على الصمود أمام آثار تغير المناخ بنسبة 50٪ على الأقل بحلول عام 2030.
قال مفاوض من دولة نامية: “بالنسبة لنا، هذه المسودة عادلة، وترسى الأساس لاتفاق طموح في دبي”.
لكن الدول الغنية، بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، دفعت بدلاً من ذلك من أجل نص من صفحة واحدة يركز فقط على الهيكل الرئيس للقرار المستقبلي دون تحديد تدابير مفصلة، ويفوض هذا الخيار تطوير الأهداف المحددة إلى ورش العمل المستقبلية.
في مسودتهم، ضغط الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا على وجه التحديد من أجل عدم إدراج أهداف محددة.
قالت الدول النامية، ردًا على ذلك، إن التكيف لا يمثل مشكلة بالنسبة للدول الغنية، لذا يبدو أنها أقل مشاركة في المفاوضات المتعلقة به.
وصل الانقسام إلى نقطة الغليان في الاجتماع الأخير للجنة المكلفة برسم إطار العمل، حيث لم تتمكن الدول من التوصل إلى اتفاق وبدأت تستعد لإمكانية إنهاء المحادثات دون أي حل رسمي.
قبل ساعات قليلة من انتهاء المفاوضات، عرض رؤساء الهيئة نصًا ثالثًا وسطًا، وافقت عليه الأطراف واعتمدته، لتتجنب كارثة حقيقية تتمثل في البدء من الصفر في COP28، ما كان يعني استحالة التوصل إلى اتفاق بشأن أهداف التكيف في قمة دبي.
يشبه النص الثالث، إلى حد كبير، الخيار الذي أصرت عليه الدول المتقدمة، ولكنه يتضمن- في هوامشه- رابطًا لمذكرة غير رسمية حول الأهداف المحددة، وهو ما اعتبرته الدول النامية انتصارا.
قالت مادلين ضيوف سار رئيسة مجموعة البلدان الأقل نموا في بيان عقب انتهاء المؤتمر: "لقد جئنا إلى هنا متوقعين المضي قدمًا في عملنا نحو اعتماد إطار العمل بشأن الهدف العالمي للتكيف GGA في COP28 ولكن المفاوضات لم تحقق سوى تقدم محدود حتى اللحظة الأخيرة. هذا أمر مقلق، نظرًا لأن GGA هو أحد الأولويات الرئيسية لمجموعتنا، لتعزيز إجراءات التكيف ودعم بلداننا".
البنود الأخرى
شهدت بنود التكيف الأخرى خلال مفاوضات بون، تقدما على نطاق واسع دون مشاكل أو عوائق تذكر.
فيما يخص برنامج عمل نيروبي (NWP)، وهو البند الثاني الذي ستتفاوض الأطراف بشأنه في COP28، ركزت المحادثات في بون حول إطار برنامج العمل، وعلى معالجة الفجوات في جهود التكيف التي تواجهها الدول.
يسعى برنامج عمل نيروبي إلى مساعدة جميع الأطراف، ولا سيما البلدان النامية، بما في ذلك أقل البلدان نمواً والدول الجزرية الصغيرة، لتحسين فهمها وتقييمها للآثار والقابلية للتأثر والتكيف، واتخاذ قرارات مستنيرة بشأن التكيف العملي والإجراءات والتدابير للاستجابة لتغير المناخ على أساس سليم وعلمي وتقني واجتماعي اقتصادي، مع مراعاة تغير المناخ وتقلبه الحالي والمستقبلي.
يستجيب برنامج عمل نيروبي للاحتياجات المعرفية التي حددتها الأطراف وتلك الناشئة عن تنفيذ إطار كانكون للتكيف بالإضافة إلى مسارات العمل والهيئات الأخرى ذات الصلة بموجب الاتفاقية.
عند اعتماده في عام 2005، تم تحديد الأهداف والنتائج المتوقعة ونطاق العمل وطرائق برنامج عمل نيروبي، ووسعت القرارات والاستنتاجات اللاحقة البرنامج ووسعت مجالات عمله بمزيد من التفصيل.
أما البند الثالث، فيتعلق بلجنة التكيف(AC)، وهي لجنة أنشأتها الأطراف كجزء من إطار كانكون للتكيف في COP16، لتعزيز تنفيذ العمل المكثف بشأن التكيف بطريقة متماسكة بموجب الاتفاقية الإطارية واتفاق باريس.
تعتبر اللجنة بمثابة هيئة فنية، مهمتها تقديم تصورات ومحتوى وآراء فنية وتقنية، لدعم إجراءات التكيف.
في بون، تأخرت المناقشات حول إطار مراجعة لجنة التكيف، حيث انشغلت الأطراف بمناقشة صياغة مسودة النتائج، مع العناصر التي يجب الانتهاء منها في COP28.
أما الملف الرابع، فيتعلق بخطط التكيف الوطنية (NAPs)، التي طرحت كبند جديد في جدول أعمال الدورة الثامنة والخمسين للهيئة الفرعية في بون، وتم تبنيها بدون التحديات التي ظهرت على خطة العمل.
ركزت المناقشات خلال المشاورات غير الرسمية في بون على التحديات التي تواجه تنفيذ خطة العمل الوطنية للبلدان النامية، بسبب الاعتبارات التقنية وكذلك القيود على القدرات.
حتى الآن، أكملت 40 دولة بالفعل برامج عملها الوطنية، بينما تعمل حوالي 100 دولة على صياغة برامجها، ومن المتوقع أن تعلن عن اكتمالها في COP28.
التكيف وCOP28
سيكون التكيف على رأس أولويات COP28، كما أكد الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي، الرئيس المعين لمؤتمر الأطراف COP28، الذي تستضيفه دولة الإمارات هذا العام.
صرح الجابر في أكثر من مناسبة إن العالم بحاجة إلى نقلة نوعية تعيد الزخم إلى العمل المناخي في مجالات التخفيف، والتكيف، والتمويل، والخسائر والأضرار، وبحاجة أيضًا إلى تحقيق الهدف العالمي بشأن التكيف، ومضاعفة التمويل المخصص له، وضمان حماية المجتمعات الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ.
وقال أمام «القمة العالمية للتنمية المستدامة»، التي استضافها معهد الطاقة والموارد (TERI) في نيودلهي فبراير/شباط الماضي: "يلتزم مؤتمر الأطراف COP28 بتحقيق الهدف العالمي بشأن التكيف مع تداعيات تغير المناخ، ووضع الصيغة النهائية للاتفاق على مضاعفة تمويل التكيّف".
وشرح أن التكيف يعني أيضاً الحفاظ على كل أشكال الحياة على كوكب الأرض، وحماية التنوع البيولوجي، والنظم البيئية الطبيعية الهشة، والأنواع المهددة بالانقراض.
في حوار بطرسبرغ للمناخ بألمانيا مارس/آذار الماضي، أعلن الدكتور الجابر، على أن مؤتمر الأطراف COP28 سيركز على توفير حلول ملموسة لمساعدة المجتمعات على التكيف مع تداعيات تغير المناخ وإدارة الآثار المناخية المتزايدة، وأنه سيكون أول مؤتمر للأطراف يخصص يوماً للصحة وأول من يستضيف مؤتمراً وزارياً للصحة والمناخ.
وقال: "نحتاج إلى توسيع نطاق تعريف (التكيف) بما يعزز القدرة على مواجهة الأزمات المناخية العالمية من خلال التكامل بين التطوير الشامل للنظم الغذائية، وتشجير الغابات، وتحسين استخدام الأراضي وإدارة المياه".
وأضاف: "سيكون COP28 فرصةً لإيجاد حلول طبيعية مبتكرة. ونحن بحاجة إلى مواصلة حماية الحلول الطبيعية لامتصاص الكربون مثل الغابات المطيرة وأشجار القُرم، والتنوع البيولوجي والعمل عن قرب مع السكان الأصليين للمساهمة في الحفاظ على النظم البيئية الطبيعية".
وقبل أيام خلال مشاركته في أعمال الاجتماع الوزاري السابع حول العمل المناخي (MoCA7) في بروكسل، أعلن الجابر خطة طموحة ومكتملة لمؤتمر الأطراف COP28 تستند إلى أربع ركائز رئيسية، من ضمنها: التركيز على جهود التكيف لتحسين الحياة وسُبل العيش.
وأوضح الجابر أن السبيل لتحقيق الركيزة الثالثة المعنية بالتكيف ووضع مسألة حماية الأرواح وتحسين سُبل العيش في صميم العمل المناخي، هو اتّباع نهجٍ يتمحور حول الإنسان، ويركز على الطبيعة والغذاء والصحة والمرونة، على أن يتم في صميم هذا النهج، اعتماد إطار شامل وحاسم للهدف العالمي بشأن التكيّف.
دعا جميع الحكومات إلى دمج خططها الوطنية للتطوير الشامل للنظم الغذائية في كلٍ من مساهماتها المحددة وطنياً، وخططها الوطنية للتكيّف، والمشاركة في أول مؤتمر لوزراء الصحة والمناخ ضمن COP28، والذي سيكون أول مؤتمر للأطراف يخصص في برنامجه يوماً للصحة.