طبيب إثيوبي يهب حياته لمبتوري الأطراف.. أعاد الأمل لـ80 مريضا
وطنيته وحب لشعبه ظل يربطه بالإنسان الإثيوبي، ليشاركه معاناته وتحدياته وعلاجه، لذا قرر أن يعمل كطبيب متطوع في مجال الأطراف الاصطناعة للمعاقين بإثيوبيا، متبرعا بتوفير خدمة لأكثر من 80 من مبتوري الأطراف في بلاده.
إنها حكاية الطبيب الإثيوبي سلمون أماري، الذي ولد في أديس أبابا وترعرع بها، وتلقى تعليمه في كلية قدوس باولوس الطبية، وحول جهوده الطبية لعمل تطوعي للمعاقين ومبتوري الأطراف، بعد أن وهب نفسه لجمع التبرعات من المحسنين ومحبي الخير إلى جانب تسخير قدراته الطبية في تجهيز الأطراف الاصطناعية بإثيوبيا وتوفيرها لمن يحتاجونها دون مقابل مالي .
حصل الطبيب الإثيوبي على شهادة الطب في صناعة الأطراف الاصطناعية من كلية قدوس باولس الطبية بأديس أبابا، المتخصصة في طب العظام، الأمر الذي منحه فرصة مواصلة دراسته في بريطانيا واستقر به المقام هناك.
بدأ الطبيب حديثه لـ"العين الإخبارية" معبرا عن اعتزازه للقيام بهذا العمل الإنساني، وقال إن خدمة صناعة الأطراف الاصطناعية في إثيوبيا بدأت قبل 60 عاما، إلا أنها لم تتطور ولم تواكب التكنولوجيا الحديثة، وهو ما دفعه للدخول في العمل الطوعي لخدمة مبتوري الأطراف بلا مقابل مالي .
والطبيب سلمون أماري، الذي كان يقيم في لندن، متجولا بينها وأديس أبابا عاصمة بلاده ومسقط رأسه، عاد إلى إثيوبيا مؤخرا واستقر بها لإنجاح مبادرته الخاصة بمساعدة مبتوري الأطراف، وفق ما صرح به لـ"العين الإخبارية".
كما عرف عنه استخدامه لوسائل التواصل الاجتماعي لأغراض جمع التبرعات من المحسنين ومحبي الخير لصناعة الأطراف الاصطناعية التي يصنعها بنفسه .
وأوضح أماري، أنه بدأ في صناعة وتجهيز الأطراف الاصطناعية والتبرع بها للأطفال والنساء وأفراد الجيش من المعاقين وغيرهم، محاولا مساعدتهم بقدر ما يملك من العلم والمال .
ولفت أماري، إلى أن مهنة صناعة الأطراف الاصطناعية متعبة وصعبة، لكنها ممتعة حينما تجعلها لمساعدة المحتاجين وغير القادرين، مؤكدا أنه رغم صعوبتها إلا أنه يقدم خدمة متواضعة بروح عالية جدا .
ودعا أماري، زملائه في مجال علاج العظام للانضمام إلى أعماله التطوعية بغية ترقية هذه المبادرة وإقامة مركز متخصص يعتني بصناعة الأطراف الاصطناعية الحديثة في إثيوبيا لمبتوري الأطراف.
وحول تجاربه وتفاعل المعاقين معه، وصف أماري، مشاعر مرضاه بـ"الشعور الكبير والمحفز"، وقال إن المعاقين عندما يصنع لهم الأطراف الاصطناعية يرى على وجههم السرور والبهجة والفرح، وهو أمر مشجع لمزيد من النجاح والإصرار في تقديم المزيد .
وأشار الطبيب الإثيوبي، إلى أن بعض هؤلاء المعاقين كانوا حبيسي المنازل منذ إصابتهم، وهي بطبيعة الحال ظروف وأسباب مختلفة وصعبة.
وتابع أماري: "قابلت معاقين لم يخرجوا من المنزل طوال حياتهم؛ وبعضهم لا يستطيع التحرك دون مساعدة وغير قادرين على إشباع ما تحتاجه قلوبهم وعقولهم، لذا أريد مساعدة هؤلاء المواطنين بالدعم المادي والمهني وكذا المعنوي".
ومن بين حالات المعاقين التي وجدت فرصة وحظيت بهذه الجهد الإنساني، صورة "أليكا" الفتاة الإثيوبية التي تعرضت لإعاقة بعد حادث سيارة شحن، وتم بتر ساقيها، وإلى جانبها شقيقها الأصغر "أسرار"، الذي كان يرافقها من القرية إلى المدينة للحصول على تعليم أفضل، لكن القدر كان ينتظرها وحال دونها والتعليم لتصبح معاقة عقب حادث السير المشؤوم.
وحصلت "العين الإخبارية" على صور تحكي كيف أثمرت الجهود الإنسانية للطبيب الإثيوبي وأعادت البسمة إلى الفتاة وشقيقها.
وتعود قصة "أليكا"، عندما جاء بها شقيقها من القرية إلى المدينة للتعليم، وتعرض لحادث سيارة شاحنة في الطريق العام مما تسبب في بتر ساقيها وبقيت بالمنزل حتى سخر الله لها هذا الطبيب الإنسان عبر مبادرته الإنسانية.
وأليكا، تتحرك الآن بأطراف صناعية، تأمل أن تتحرك بنفسها بعدما بقيت في المنزل لسنوات.
وبالعودة إلى الطبيب الإثيوبي وحكايته مع المبادرة، أبدى أماري رغبته في إعطاء عمله الخيري الطابع المؤسسي، بتعزيز جهود في مواكبة التكنولوجيا الحديثة وتقديم الخدمات العامة لجميع المعاقين في البلاد بشكل ميسر.
ونجح الطبيب الإثيوبي، سلمون أماري، في إنشاء مؤسسة مع أصدقائه بلندن تعتني بعمل صناعة الأطراف، وقال: "وفقنا في إنشاء منظمة طوعية بلندن ونسعى إلى نقل عملها وجهودها إلى أديس أبابا لمباشرة دوره من إثيوبيا مطلع العام المقبل".
وأشار، إلى أن خدمة دعم الأطراف الاصطناعية البلاستيكية التي بدأت منذ 60 عامًا لم تواكب التكنولوجيا التي وصلت إليها العالم حاليا، ولم تظهر أي تقدم في إثيوبيا".
وأضاف: لهذا الأساس، دفعنا لجلب وتطوير التكنولوجيا الطبية الحديثة إلى إثيوبيا".
وقال: "الحصول على ساق اصطناعية في دول أجنبية، خاصة في أوروبا، يكلف 8 آلاف يورو على الأقل، لذا نسعى إلى تقديم الخدمة للأشخاص الذين يحتاجون إليها في إثيوبيا بسعر منخفض أو بلا مقابل مالي إن أمكن، بالإضافة إلى تدريب المهنيين الإثيوبيين في هذا المجال".
وتابع: "أنا كفرد قدمت لـ80 شخصا أطرافًا صناعية مجانا، ويمكن أن يستفيد بهذه الأطراف الاصطناعية من عامين حتى 5 أعوام في إثيوبيا نظرا للتضاريس التي تؤثر بشكل مباشر على المعاقين ".
وأضاف: "تمكنت من الحصول على معلومات عن هوية المعاقين عبر وسائل التواصل الاجتماعي وقدمت لهم الخدمة، بمنح حصل عليها من الخطوط الجوية الإثيوبية ومستشفى قدوس باولوس ومستشفى أبيت".
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن 17.5% من نسبة عدد سكان إثيوبيا معاقين وأن أكثر من 1.5 مليون منهم يحتاجون الأطراف الاصطناعية.
ودعا أماري، الحكومة الإثيوبية إلى توفير خدمات أساسية لهذه الفئة من المجتمع، مؤكدا أن هذه الفئة تحتاج لأكثر من 6 آلاف مهني، ولكن حاليا 60 فقط منهم يعملون في البلاد .
وأردف قائلا: "هذا القطاع يمكن أن يصبح مصدر دخل لعدد كبير من المهنيين ويجلب العملة الصعبة بتوفير الخدمة للدول الإفريقية المجاورة".