بتكلفة 2 مليون دولار أمريكي.. أديس أبابا تشهد افتتاح مكتبة ضخمة
تزداد العاصمة الإثيوبية أديس أبابا أهمية يوما بعد يوم، فمن عاصمة سياسية للأفارقة كمقر للمنظمة السمراء "الاتحاد الأفريقي"، إلى سعيها لأن تصبح وجهة ثقافية تشيد عاشر أكبر مكتبة حديثة بالقارة السمراء تجمع بين القراءة والترفيه لنحو ألفي مستخدم في وقت و
أديس أبابا، أو كما يصطلح على تسميتها في الأمهرية اللغة الرسمية للبلاد، بـ"الزهرة الجديدة"، لم تكتف بدورها كعاصمة سياسية للأفارقة، وإنما ترنو أيضا لأن تكون ملاذا ثقافيا بجانب طموحها السياحي .
والأسبوع الماضي، شهدت أديس أبابا، افتتاح أكبر مكتبة حديثة تجمع بين القراءة والترفيه للجمهور، بمشاركة رسمية وشعبية تقدمها رئيس الوزراء آبي أحمد، وضجت بها المدينة لما تمثله الخطوة من أهمية لبلد يبحث عن حلول دائمة للنزاعات والصراعات بعد خروجه من حرب استمرت لأكثر من عام جراء الصراع بين أديس أبابا وجبهة تحرير تيجراي، التي تصنفها الحكومة بـ"الإرهابية".
ويأتي افتتاح مكتبة أبرهوت، وتعني بالأمهرية "التنوير"، كأكبر عاشر مكتبة حديثة في القارة السمراء تجمع بين القراءة والترفيه، ضمن جهود الحكومة الإثيوبية لدعم الثقافة وإرساء قيم العلم والتعلم، فيما تحمل المناسبة مضامين وقيم أخرى إذ تأتي بعد إيقاف الحرب التي شهدتها إثيوبيا مؤخرا في شمالي البلاد لأكثر من عام، ليكون افتتاح المكتبة الثقافية بداية لمرحلة جديدة تتطلب البناء وإعادة التأهيل والتعمير في المباني والمعاني.
ولعل النصب الذي شيد أمام المكتبة وسط أديس أبابا، كان رسالة تتضمن معاني أخرى، ليس للإنسان الإثيوبي فحسب وإنما لشعوب أفريقيا، وفق ما جاء على النصب كشعار للمكتبة لشخص مستندا بظهره على الأرض ويحمل الكرة الأرضية مطرزة بالعديد من اللغات العالمية.
وقال آبي أحمد، نحتفل اليوم بافتتاح مكتبة أبرهوت "التنوير" كإحدى أكبر 10 مكتبات بأفريقيا، موضحا أن المكتبة ستكون بمثابة مفتاح إطلاق العنان للإمكانيات الهائلة للإثيوبيين، ووجهة لزوار إثيوبيا.
ولفت آبي أحمد، إلى أن بلاده هي الدولة الوحيدة في إفريقيا التي تمتلك لغتها الرسمية أحرف خاصة بها "الأمهرية"، ورغم ذلك لم تمتلك مكتبة حديثة تليق بحجمها وأهميتها.
وأضاف أن "الجهود التي قام بها أبنائنا في وضع الحروف الخاصة باللغة الأمهرية يمكن الحفاظ عليها من خلال تطوير الأفكار عبر القراءة والمعرفة".
ونوه آبي أحمد، إلى أن فكرة استخدام اللغة الخاصة بأفريقيا يمكن أن تنبع من هذا المكان، لأن أفريقيا لديها لغتها الخاصة بها.
يشار إلى أن الاتحاد الأفريقي يستخدم لغات أجنبية هي (العربية والإنجليزية والفرنسية".
وأوضح آبي أحمد، أن الكرة الأرضية التي توجد على رأس النصب أمام المكتب، تهدف لتعريف الأخوة الأفارقة بأن لديهم حضارة وثقافة أفريقية ينبغي الاعتناء بها، وقال إن المكتبة طرزت وزينت جدرانها بأحرف اللغات الـ 18 الموجودة حول العالم .
ومكتبة أبرهوت "التنوير" التي اختير لها موقعا أمام مبنى مجلس النواب الإثيوبي "البرلمان ومطلة على المدخل الرئيسي لرئاسة الوزراء، بمنطقة أرات كيلو العتيقة، استغرق بنائها أكثر من عامين في مساحة 19 ألف متر مربع بتكلفة 1.1 مليار بر إثيوبي (2.2 مليون دولار)، وبقدرة استيعاب أكثر من ألفي ألف مستخدم في وقت واحد".
وزينت الأعمدة الخارجية للمكتب بنقوش من اللغات الإغريقية والهندية والعربية باستخدام كلمة "الحكمة" للترميز إلى أن العلم والمعرفة هي ضالة الإنسانية.
وأكد آبي أحمد، أن بلاده تستحق مثل هذه المشاريع التنويرية التي ستساهم في بناء أجيال مجهزة بالمعرفة، وأضاف أن الجهل والتفكير العاطفي يمثل أهم التحديات التي تواجهها إثيوبيا وتسبب في مشاكل مختلفة، داعيا نخب بلاده المطلعة والمتحررة من الجهل لإخراج مجتمعاتها من الظلام إلى النور.
وشيدت مكتبة أبرهوت من 4 طوابق، مجهزة بأحدث الوسائل، و8 أقسام رئيسية تحتوي على نحو 1.4 مليون كتاب لكل العلوم، فضلا عن قاعة اجتماعات وأماكن خاصة للأطفال وأخرى لأصحاب الهمم، بجانب كافيتريا ضخمة، وموقف سيارات يتسع لـ 115 سيارة .
ويعود الفضل في إطلاق المكتبة التي تضم 300 ألف بحث محلي و120 ألف بحث عالمي، إلى رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، ضمن مشروعاته التنموية الأخرى.
وكشفت عمدة مدينة أديس أبابا أدانيش أببي، خلال كلمة لها في افتتاحية مشروع المكتبة الحديثة الأسبوع الماضي، أن المكتبة الحديثة هي واحدة من عدة مشاريع مدنية واجتماعية تسعى إدارة العاصمة لإنجازها.
وقالت إن الإدارة تسعى لجعل العاصمة الإثيوبية أديس أبابا على قدر حجم مكانتها السياسية في القارة الأفريقية، إذ نطمح أن تكون مدينة جاذبة وجذابة كما يوحي اسمها الزهرة الجديدة".
وأضافت: "دعونا نطور ونبني ونستعد للحصول على معلومات حالية وجديدة وكاملة ".
وتعدّ "أديس أبابا" ثالث عاصمة عالمية في استضافة المؤتمرات، بعد نيويورك وجنيف، مستفيدة من احتضانها لمقرّات الاتحاد الأفريقي واللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة، فضلا عن وجود أكثر من 127 سفارة أفريقية وأجنبية لديها.
هذا بجانب معالم مهمة أخرى بالمدينة مثل متحف إثيوبيا الوطني، ومتحف أديس أبابا، ومعالم سياحية حديثة زينت المدينة مؤخرا ضمن الإصلاحات الاقتصادية والطموحات السياحية والثقافية بافتتاح أكبر مكتبة ثقافية ما سيزيد من أهمية الزهرة الجديدة كما يحلو لقاطنيها.