أيام للعلم والشكر والمحاربين.. احتفالات إثيوبيا تهزم "الصراع" في 2021
لم تعق التحديات الأمنيّة والصحيّة التي تشهدها إثيوبيا عن تنظيم احتفالات ثقافية واجتماعية في عام 2021.
واستطاعت إثيوبيا التي تعد ثاني أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان بعد نيجيريا، أن تنظم عشرات الاحتفالات القومية والتراثية.
ومنذ مطلع نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي، تشهد إثيوبيا صراعا بين الحكومة الفيدرالية وجبهة تحرير تجراي المصنفة "إرهابية"، استعصت على الحل وشكلت تحديّا داخليا ودوليا، وترتب على المواجهات أزمة إنسانية.
وعبر هذا التقرير ترصد "العين الإخبارية" المناسبات الاجتماعية والثقافية في إثيوبيا خلال 2021.
احتفالات القوميات التراثية
درجت العديد من القوميات الإثيوبية على احتفالات سنوية مختلفة، تعبّر من خلالها عن ثقافتها وتقاليدها الخاصة، ومن بين أكثر من 80 قومية إثيوبية، تحتفل كل قومية بعام سنوي خاص بها ومنها "جيديو، أوي، سلطي، والأورومو".
وفي 31 يناير/ كانون الثاني 201، احتفلت قومية جيديو في جنوب إثيوبيا، والتي تتمتع بثقافة وتقاليد فريدة، بعيدها السنوي الذي يتخطى شهرا، يبدأ بحملة نظافة في الساحات والميادين ضمن برامج ثقافية وطقوس دينية تبدأ في 20 يناير/ كانون الثاني في كل عام، وتنتهي بالصلوات.
و"جيديو" هي واحدة من 56 قومية تمتد على مساحة 6 مقاطعات كبرى بإقليم شعوب جنوب إثيوبيا، ويبلغ سكانها نحو مليون نسمة.
وتقطن قومية جيديو في مثلث يجمعها بـ3 أقاليم، فهي تجاور إقليم أوروميا في منطقة "بورينا" و"غوجي"، ما أعطى لها امتدادا آخر وثقافة تميزها عن بقية شعوب جنوب إثيوبيا، كما تمتد مساحات أرض شعب جيديو في إقليم "سيداما" الوليد.
وفي فبراير/ شباط 2021 احتفلت قومية أوي بإقليم أمهرة شمال إثيوبيا بالذكرى الـ81 لألعاب الفروسية التي تتميز بها القومية منذ مئات السنين في مدينة "إنجبارا" كبرى مدن منطقة شعب "أوي".
وتضم "أوي" تضم 7 قبائل هي: أنكشا، وأجنا، وتشارا، وقواقرا، وبانجا، وزيجن، ومتكل، وجميعها تنسب إلى الكوشية، تتفرد بتربية الخيول والفروسية مقارنة بباقي القبائل الإثيوبية، ويبلغ عدد الفرسان بها نحو 48 ألفاً، ويرجع ذلك لإنشائها جمعية للفروسية في وقت مبكر، أسهمت في استمرار هذه الثقافة وجعلها من القبائل الرائدة في هذا المجال.
وفي 4 أبريل/ نيسان 2021، نظمت قومية "سلطي" بإقليم شعوب جنوب إثيوبيا، احتفالا مبهجا بالعاصمة أديس أبابا، حول ثقافة وتاريخ ولغة القومية، في نسخته الـ14، كما تزامن الاحتفال بالذكرى السنوية الـ20 للحكم الذاتي لمنطقة سلطي.
فيما نظم الاحتفال الأكبر والرئيسي في مدينة ورابي، رئاسة محافظة سلطي بإقليم شعوب جنوب إثيوبيا، شارك عدد من المسؤولين تقدمتهم وزيرة السلام الإثيوبية السابقة، مفريات كامل.
وقومية "سلطي" ذات الأغلبية المسلمة هي إحدى قوميات شعوب جنوب إثيوبيا، تعود أصولها إلى جزيرة العرب قبل أن تحط رحالها في منطقة هرر شرقي إثيوبيا، لتنتقل منها إلى إقليم شعوب جنوب إثيوبيا في منطقة أطلقت عليها مؤخرا محافظة سلطي، على بعد أكثر من 100 كلم عن العاصمة أديس أبابا.
وفي الأسبوع الأول من أكتوبر الماضي شهدت أديس أبابا، احتفال قومية الأورومو بـ"مهرجان إريتشا" (يوم الشكر)، الذي شهدته العاصمة للمرة الثالثة بعد 150 عاما من أول احتفال.
ودأبت قومية الأورومو التي تعد من أكبر القوميات الإثيوبية، على الاحتفال بـ"مهرجان إريتشا" (يوم الشكر) في الأحد الأول من أكتوبر كل عام.
يوم العلم ويوم المحاربين
يعتبر الاحتفال بيومي العلم والمحاربين، من أبرز الاحتفالات القومية والمهمة في إثيوبيا إلى جانب الاحتفالات الدينية.
وفي 5 مايو/أيار، احتفلت إثيوبيا بالذكرى الـ80، ليوم المحاربين القدامى، وسط مشاركة رسمية وشعبية.
كما يحتفل الإثيوبيون في نفس اليوم، بذكرى يوم المحاربين القدامى الذين ضحوا بحياتهم من أجل طرد الغازي الإيطالي، في معارك متعددة، في الفترة من 1935 إلى 1941، حيث حقق الإثيوبيون بالتعاون مع حلفائهم من مختلف الدول والجنسيات نصرا كبيرا.
فيما احتفلت إثيوبيا في الأسبوع الأول من أكتوبر/ تشرين الأول، بيوم العلم الوطني، في نسخته الـ14 في البلاد، بجميع المؤسسات الحكومية
ويفتخر الإثيوبيون بألون علمهم (أخضر، وأصفر وأحمر)، تتوسطه نجمة خماسية صفراء على مساحة زرقاء، واقتبست دول أفريقية من ألوان العلم الإثيوبي، اقتداءً باستقلالية إثيوبيا التي لم تستعمر من قبل أي دولة.
المشاركة في الاحتفالات الدولية
وتهتم الحكومة الإثيوبية بالشرائح المجتمعية المختلفة، وتجد المرأة مساحة خاصة تبرز في اليوم العالمي للمرأة وهو الـ8 من مارس/ أذار من كل عام.
وهذا العام تعددت أوجه الاحتفال بيوم المرأة العالمية في إثيوبيا، حيث نظمت البلاد العديد من الاحتفالات، وشهدت العاصمة أديس أبابا مهرجانا رياضيا شاركت فيه نحو 50 ألف امرأة من مختلف المدن والأقاليم الإثيوبية، تحت شعار "مشاركة المرأة من أجل الازدهار العالمي"
كما احتفلت إثيوبيا، باليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة "أصحاب الهمم"، في مدينة جيجيقا حاضر إقليم الصومال الإثيوبي.
ويحتفل العالم باليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة سنويا في 3 ديسمبر/كانون الأول من كل عام، بهدف تعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ورفاههم في جميع المجالات الاجتماعية والتنموية. هذا بجانب الاحتفال بيوم العمال ويوم الطفل وغيرها من الاحتفالات العالمية والدولية.
الاحتفالات الدينية.. كرنفالات وطنية
تتميز الاحتفالات الدينية (مسيحية وإسلامية) في إثيوبيا بتنظيمها الكرنفالي الدقيق الذي عادة ما يأتي كمهرجان ديني في ثوب وطني، فجميع الاحتفالات الدينية تشهد "كرنفالات" يرفع فيها العلم الإثيوبي وتشارك فيها الفرق الموسيقية الشرطية.
يحتفل مسيحيو إثيوبيا بعيد ميلاد المسيح، في الـ7 يناير/كانون الثاني، في وقت تبدأ فيه دول العالم الاحتفال منذ 25 ديسمبر/كانون الأول، حيث تتمسك البلاد بتقويم الكنيسة القبطية المعروف محليا بالتقويم الإثيوبي.
وتتكون السنة الإثيوبية من 13 شهرا، يبلغ عدد أيام شهورها الـ12 الأولى 30 يوما، فيما يبلغ عدد أيام الشهر الثالث عشر، 5 أيام (أو 6 أيام في العام الكبيس الذي يأتي مرة كل 4 أعوام)، ويسمى في إثيوبيا شهر "باغمي".
ويتوافق عيد الميلاد في إثيوبيا والمعروف بـ"قنا"، مع طقوس دينية وصلوات خاصة واجتماعات عائلية واحتفالات شعبية؛ أبرزها وضع شجرة الميلاد في الأماكن العامة وأمام مداخل المحلات التجارية.
وفي 19 يناير/ كانون الثاني، احتفل المئات من المسيحيين في إثيوبيا، بعيد الغطاس (طيمقت) كما يطلق عليه محليا، ويعني "التعميد".
وتجمع مئات من أتباع الكنيسة الأرثوذكسية بصفة حول التوابيت التي تم تجميعها في الساحة المذكورة، قرب نهر "جوردان"، وبدأ الكهنة برش الماء "المبارك" على المصلين في ذكرى "معمودية المسيح".
وفي 27 سبتمبر/ أيلول أحيا مسيحيو إثيوبيا، احتفالية "داميرا" عشية عيد الصليب، المعروف محلياً بـ"مسقل"، تحت زخات المطر.
وتضمن الاحتفال الرئيسي، الذي أقيم وسط العاصمة، إيقاد شعلة كبيرة يطلق عليها "داميرا"، وسط مشاركة واسعة من المسيحيين، بحثا منهم عن إشباع روحي وسياحة نفسية من خلال سماع الترانيم والتراتيل الدينية التي نتظم في المهرجان.
ويحتفل مسلمو البلاد بثلاث مناسبات رسمية (عيد الفطر، عيد الأضحى، المولد النبوي الشريف)، في مشهد كرنفالي بمشاركة رسمية وشعبية وحضور دبلوماسي أفريقي وعربي.
وعادة ما يحتفل مسلمو إثيوبي، بصلاة عيدي الفطر والأضحى المباركين، في الملعب الرياضي، بأديس أبابا وسط مشاركة رسمية، حيث تؤدى صلاة العيدين في مساحات ثابتة بكل مدينة.
ويحتفل في العاصمة باستاد أديس أبابا وسط مشاركة رسمية يحضرها عمدة مدينة أديس أبابا، ورئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بإثيوبيا، وعدد من أئمة وعلماء إثيوبيا.
كما يحتفل المسلمون في إثيوبيا بذكرى المولد النبوي الشريف، وسط مشاركة رسمية وشعبية بالعاصمة أديس أبابا، وتنظيم الاحتفالات في أقاليم إثيوبية احتفالا بهذه الذكرى العطرة.
يوم الشعوب والقوميات الإثيوبية
وتختم البلاد عامها باحتفال ثقافي اجتماعي قومي شامل يقام في 8 ديسمبر/ كانون الأول.
واحتفلت إثيوبيا بيوم الشعوب والقوميات الإثيوبي، بمدينة دري داوا، وسط مشاركة رسمية وشعبية تقدمتها رئيسة البلاد، سهلي ورق زودي، وعدد من المسؤولين على مستوى الحكومة الفيدرالية وحكومات الأقاليم.
وعقد الاحتفال بيوم الشعوب والقوميات في نسخته الـ16 تحت شعار "الأخوة من أجل الوحدة الوطنية"، في مشهد كرنفالي تزينت به ساحات مدينة دري دوا، حيث استعرضت أكثر من 80 قومية إثيوبية تراثها وثقافتها، لتضفي بهجة على الحفل بألوانها الزاهية والمتعددة، والمعبرة عن تنوعها الثقافي.
وبدأت البلاد الاحتفال بـ"يوم الشعوب والقوميات" منذ عام 2005، عبر تنظيمه سنويا بأحد أقاليم البلاد، لتحقيق القيم التي من أجلها أسس المهرجان، ولإبراز الشعوب والقوميات، والتعريف بموروثاتها وعاداتها وتقاليدها.
وتسعى إثيوبيا من خلال هذا الاحتفال من كل عام، لإرساء قيم التعايش والتسامح والإخاء بين الشعوب والقوميات الإثيوبية.
وجاء اختيار هذا اليوم، احتفاء بالتصديق على الدستور الفيدرالي في شهر ديسمبر/كانون الأول عام 1994، والذي أقر المساواة بين القوميات والشعوب الإثيوبية.