مسيحيو إثيوبيا يحتفلون بعيد الميلاد.. طقوس فريدة ومشاركة مختلفة
يحتفل مسيحيو إثيوبيا بعيد ميلاد المسيح، اليوم الجمعة، 7 يناير/كانون الثاني، في وقت احتفلت فيه دول العالم منذ 25 ديسمبر/كانون الأول، حيث تتمسك البلاد بتقويم الكنيسة القبطية المعروف محليا بالتقويم الإثيوبي.
وتتكون السنة الإثيوبية من 13 شهرا، يبلغ عدد أيام شهورها الـ12 الأولى 30 يوما، فيما يبلغ عدد أيام الشهر الثالث عشر، 5 أيام (أو 6 أيام في العام الكبيس الذي يأتي مرة كل 4 أعوام)، ويسمى في إثيوبيا شهر "باغمي".
وتتميز احتفالات عيد الميلاد بإثيوبيا، هذا العام، بعدد من المظاهر والطقوس، بجانب مشاركة المغتربين الإثيوبيين الذي حضروا إلى البلاد لأول مرة ضمن برنامجهم "التحدي الأكبر"، مما أعطى عيد الميلاد هذا العام شكلا مختلفا وزخما كبيرا.
والتحدي أطلقه الإثيوبيون بدول المهجر نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، للعودة إلى الوطن والاحتفال بعطلة عيد ميلاد المسيح، بهدف دعم الحكومة وتبديد المخاوف التي روجت لها وسائل الإعلام الغربية عن المناخ الأمني في ظل الصراع الأهلي الدائر.
واحتفالات عيد الميلاد، الذي تحتفل به إثيوبيا اليوم الجمعة، شهدت اهتماما خاصا من الحكومة، خاصة بأديس أبابا، التي تزينت شوارعها بالعلم الإثيوبي وشجرة الكريسماس ولافتات التهاني في المحلات الرئيسية.
وعشية الاحتفال، هنأ رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، مسيحيي بلاده بأعياد الميلاد، وقال إن هذه المناسبة تمر علينا وبلادنا في حاجة إلى "المصالحة الوطنية"، مؤكدا أن المصالحة ستمكن البلاد من الحفاظ على وحدتها.
وأضاف: "نحتاج إلى مصالحة وطنية في هذا الوقت لإنهاء الانتهاكات التي حدثت في بلدنا في أعقاب هجوم جبهة تحرير تجراي على قوات الجيش الإثيوبي، فضلا عن إفشال "أحلام أعدائنا التاريخيين"، دون أن يحددهم.
وأكد على أهمية وحدة الإثيوبيين لإفشال المخططات الشريرة للجماعات الإرهابية، من جبهة تحرير تجراي وجماعة أونق شني، مشيرا إلى أن المصالحة قد لا تشمل المجموعتين اللتين تصنفهما الدولة الإثيوبية حاليا على أنهما "منظمات إرهابية".
وفي مبادرة فريدة من مكتب الثقافة والسياحة لإدارة مدينة أديس أبابا، تم تنظيم مهرجان كرنفالي للعبة غنا الشعبية، ضمن احتفالات البلاد بعيد الميلاد، شارك فيه الشباب ومسؤولة السياحة والثقافة بإدارة مدينة أديس أبابا، هيروت كاسا، وعدد من المسؤولين.
وتنتشر لعبة غنا التقليدية الإثيوبية عادة في مدن وأرياف الأقاليم، وهي لعبة شعبية لكرة مصنوعة من الحبال تضرب بالعصا ويتقاذفها المشاركون في اللعبة.
والتقت "العين الإخبارية"، بـ "فقادو لما"، وهو حكم في لعبة غنا الشعبية، للتعرف على اللعبة التي تجد رواجا واهتماما ضمن احتفالات مسيحيي إثيوبيا.
وقال إن غنا لعبة شعبية قديمة يرجعها البعض للمزارعين في فترة جمع الحصاد الزراعي، حيث يجتمعون في مكان واحد، ليلعبوا هذه المبارة بين فريقين.
وأضاف: "اللعبة أو المبارة لها قوانينها وأسسها الفنية في كيفية ضرب الكرة المصنوعة من الحبل في شكل دائري، وتستخدم عصا معينة في ضربها إلى مكان بعيد مع الاحتفاظ بارتفاع الكرة بالأعلى لمسافة متوسطة.
ولفت إلى أن الشاب والأطفال في القرى يجتمعون في ساحة كبيرة قبل يوم من الاحتفال بعيد الميلاد، خاصة في شمال إثيوبيا، موضحا أن اللعبة للرجال فقط .
وأشار إلى أن هذه المرة تم تنظيم لعبة غنا بمنطقة جالميدا، بالعاصمة أديس أبابا، وهي المرة الأولى التي تنظم فيها بصورة رسمية في العاصمة، فيما كانت في السابق تنتشر في المدن والقرى الأخرى.
ووفق قوانين اللعبة وعقد المبارة، يتم اللعب بين فريقين، بحيث يتكون الفريق من 10 لاعبين أحدهم حارس مرمى، وتجرى المنافسة لـ 30 دقيقة تقسم لفترتين، كل فترة 15 دقيقة، بينهما استراحة 5 دقائق، فيما يتم استبدال اللاعبين 3 مرات .
وتتميز المناطق الريفية في إثيوبيا عن المدن باحتفالاتها الخاصة، حيث تنظم مباريات الهوكي التقليدية، وسباقات خيل، ما يعطي للاحتفال طعما خاصا؛ لذا يحرص معظم الإثيوبيين على الاحتفال بالعيد في الريف، وهو ما يتيح للأطفال فرصة الخروج وممارسة الألعاب.
وبالاختلاف في الألعاب والبرامج، يتم التركيز في الريف على الأطعمة التقليدية مثل "دورو وط"، وهو حساء دجاج ساخن مع البيض المسلوق.
ويتوافق عيد الميلاد في إثيوبيا، والمعروف بـ"قنا"، مع طقوس دينية وصلوات خاصة واجتماعات عائلية واحتفالات شعبية؛ أبرزها الزبائح ووضع شجرة الميلاد في الأماكن العامة وأمام مداخل المحلات التجارية، فضلا عن تبادل الهدايا وتناول العشاء، وتمنح الحكومة هذا اليوم عطلة رسمية.
سوق المواشي أيضا شهد طريقة جديدة في البيع فرضتها جائحة كورونا، حيث يمثل العيد في إثيوبيا مناسبة مهمة للزواج، كما يفضل معظم الإثيوبيين التشارك في شراء ذبيحة، (10 أو 12 شخصا)، بدلا من شراء اللحوم من الجزارين، ومن ثم ذبح المواشي وتقسيمها بالتساوي فيما بينهم، وهو ما يطلق عليه في اللغة الأمهرية اسم "كرشة".
وتعود المبادرة الجديدة في بيع المواشي إلى زكريا أحمد، حيث ابتكر طريقة البيع بالوزن ومعرفة الوزن الصافي لكل رأس ماشية دون لمسها، وقال لـ"العين الإخبارية" إن المجتمع الإثيوبي ظل يشتري الخروف أو البقرة بعد الاطلاع عليها باللمس وتقدير وزنها لذبحها في المناسبات والأعياد.
وأضاف: "بعد أن أدخلت هذه الطريقة في البيع وجدت رواجا واستحسانا خاصة من النساء لأنهن أكثر حرصا لتفادي وباء كورونا".
ولفت أحمد، إلى أن الحكومة رحبت بالفكرة ومنحتهم محلا للبيع وبإيجار متواضع، مضيفا: "هذا العيد هو الأول الذي نشارك فيه بالفكرة الجديدة للبيع، وفي اليوم الواحد يزورنا نحو 600 شخص، ونبيع يوميا حوالي 450 خروفا".
ويصل سعر الكيلو 150 برا إثيوبيا، ما يعادل (3 دولارات)، والبيع بحسب وزن المواشي.
وكانت أشجار الكريسماس والملابس الشعبية البيضاء الأكثر حضورا في احتفالات عيد الميلاد بإثيوبيا، ورغم الاعتقاد السائد عند بعض الإثيوبيين بأن وضع أشجار الكريسماس في عيد الميلاد ليس من الثقافة الوطنية، فإن الفكرة تجد رواجا واهتماما كبيرا لدى كثير من المسيحيين الإثيوبيين، اعتقادا منهم أن وضع الأشجار يسعد الأطفال والأسر ويجلب البركة.
وضمن استعدادات مسيحيي إثيوبيا لعيد الميلاد، شهد سوق "شروميدا" للملابس الشعبية بإثيوبيا، وسط العاصمة، ازدحاما، ورغم تعدد القوميات الإثيوبية لأكثر من 80 قومية ويتبع ذلك تعدد أزيائهم الشعبية من الألوان والتطريز، فإن العيد يوحدهم بارتداء ملابس بيضاء، وهي ما تميزهم في هذا اليوم.
وتحتفل بعيد الميلاد كل الطوائف الإثيوبية؛ كل على طريقته، وبحسب المتبع، فإن الجهات الرسمية لا تهتم بحضور المناسبات الدينية إلا الأعياد الكبرى كعيد الصليب، وعيدي الفطر والأضحى للمسلمين.
والكنيسة الإثيوبية الأرثوذكسية، مشرقية انفصلت عن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية عام 1959، حين منح البابا كيرلس السادس رئيسها لقب بطريرك.
aXA6IDE4LjExNy4xOTIuNjQg جزيرة ام اند امز