"عفاريت عدلي علام" .. الزعيم يفقد القدرة على الإضحاك
أسباب عديدة دفعت قطاعا عريضا من الجمهور للشعور بالسأم وهجر متابعة مسلسل "عفاريت عدلي علام".
أسباب عديدة دفعت قطاعا عريضا من الجمهور للشعور بالسأم وهجر متابعة مسلسل "عفاريت عدلي علام"، وكلها أسباب كانت ولازالت معروفة عند الزعيم.
لكن عادل إمام يرفض التجديد أو المغامرة بفكر مختلف، كما فعل في مراحل سابقة من حياته، عندما قدم سلسلة أفلام مع السيناريست وحيد حامد تجمع بين السخرية الجادة والكوميديا والسياسة أيضا وذلك في أعقاب مجموعة كبيرة من الأعمال الهزلية البحتة مما ساهم في طول عمره ككوميديان ومنحه بريقا مختلفا.
وفي مرحلة تالية قدم إمام مع السيناريست يوسف معاطي مجموعة أخرى لاقت بعض النجاح بسبب تجديد الإطار الكوميدي الذي ظهر فيه.
غير أن الأمر لم يكن من الممكن أن يستمر على نفس المنوال خصوصا وأن الإفيهات وطريقة السخرية، وحتى المواقف باتت مكررة بشكل جعل الجمهور يشعر بالملل بعد أن فقد الزعيم القدرة على الإضحاك تماما.
واستسلم نجله المخرج رامي إمام بدوره لإصرار والده على عدم الابتكار خوفا من المغامرة، وهو ما ظهر جليا في هذا العمل الجديد.
ملخص الشخصية في دراما هذا العام حول موظف بهيئة دار الكتب، وهو محب للقراءة ومهتم بالثقافة، يعمل كصحفي وناشر مقالات نقدية بأسماء مستعارة مقابل أموال يعيش مع (حياة) زوجته النكدية، وأخيها (عربي) تحت سقف واحد، تظهر له عفريتة (سلا)، تطلب منه أن يجعلها في حياته مقابل أن تغير له حياته للأفضل، بدلا من استسلامه لحياته الروتينية ومنح جهده للآخرين.
والفكرة لا تبتعد كثيرا عن شخصية عاطف الأشموني مؤلف الجنة البائسة التي قدمها محمد عوض منذ أكثر من نصف قرن في مسرحية (جلفدان هانم) على الأقل في الحلقات العشر الأولي حتى الآن، ولا نعرف إذا كانت التحولات ستطول الشخصية علي نحو مختلف في الحلقات المتبقية لكن المشكلة الحقيقية تكمن في تكرار الزعيم نفس إسلوبه الكوميدي في كل أعماله من خلال السخرية من كل من حوله حتى لو كان أضعف منهم بصورة تخالف المنطق، كما يقع العمل في تناقض فلا نعرف هل هو ينتقد من يتاجرون بالدين باستخدام الدجل والشعوذة والترويج له، في الوقت الذي يقدم لنا شخصيات لعفاريت تحدث انقلابا في حياته، فهل نصدق عادل إمام الذي ينتقد تجار الدين أم عادل إمام الذي يكرس لوجود الشعوذة، ولا يمكن الرد على ذلك بأن المعنى رمزي وغير حقيقي لأن المسلسل لا يعتمد القالب الفانتازي أو الفارس.
المشكلة الأخرى في هذا المسلسل هي التجاعيد التي حفرت رتوشها بعمق على وجه الزعيم ويصر على تجاهلها فقد أفقدته التعبيرات الكوميدية التي كان يكررها بحاجبه وعينه فصار وجهه محايدا لا يقوى على صنع الإفيه بنفس الطريقة، ولابد من أن يفكر في نوع جديد من الأدوار يلائم هذه المرحلة بدلا من الإصرار على الصعلوك القوي أو الزعيم المتسلط، حتى لو كان ضحية عفرية هانم في المسلسل!
دلالات الأسماء المباشرة في هذا العمل أيضا لا تخلو من سذاجة مثل زوجته القبيحة (حياة) وشقيقها عربي المدمن والأكثر قبحا، بينما تحمل العفريتة اسم مدينة مغربية باعتبار أن السحر منتشر في المغرب، وطبعا هناك ملك وحورية وياسين.
وكأن المؤلف يريد القول أن هذا موجود فقط في عالمنا العربي، وفي أوساط إسلامية بحتة، وربما كان عدلي علام هو أكبر ضحية لهذا العالم من الدجالين والأفاقين السياسين والدينيين.
وتبقي أزمة هذا المسلسل الحقيقية في عدم قدرته علي تفجير الكوميديا الحقيقية من التناقضات رغم وجود بذرة الفكرة مع إفلاس واضح لدى الزعيم في التجديد أو الابتكار، وهو ما يحتاج إعادة نظر من نجم كبير بحجم عادل إمام سواء في طريقته المعروفة للإضحاك أو استعانته بكتاب جدد لديهم القدرة على الابتكار بدورهم كما يفعل معظم النجوم الكبار في هذه الحالة.