الغلاء يكسر فرحة الأضحية في لبنان واللحوم لمن استطاع
لا تشبه أجواء عيد الأضحى هذا العام مثيلاتها في السنوات الماضية في لبنان حيث منعت الأزمة الاقتصادية المسلمين من شراء الأضاحي.
في السنوات الماضية في لبنان كان بائعو الخراف ينتشرون على جوانب الطرقات، وهو المشهد الذي يكاد يغيب اليوم إلا ما ندر. وهذا الواقع يعكس وضع سوق الأضاحي في لبنان الذي يعيش أزمة اقتصادية حادة انعكست على كل جوانب الحياة ومنعت المسلمين من إحياء الشعائر الدينية وعلى رأسها تقديم الأضاحي.
وفي وقت بات فيه الحصول على اللحم وأكله في الأيام العادية، يقتصر على العائلات الميسورة في لبنان مع وصول سعر كيلو اللحم إلى حوالي 300 ألف ليرة بعدما كان بين 15 ألفا و20 ألف ليرة لبنانية، بات شراء الأضحية أمرا شبه مستحيل بالنسبة إلى معظم العائلات في لبنان، رغم أن احتساب سعر كيلو اللحم بالدولار الأمريكي يوازي في السعرين القديم والجديد 10 دولارات.
لكن المشكلة تكمن في ارتفاع سعر صرف الدولار بشكل غير مسبوق، وذلك مع وصوله اليوم إلى حدود الـ 30 ألف ليرة بعدما كان لسنوات طويلة مثبتا على الـ 1500 ليرة.
ويتحدث مدير عام صندوق الزكاة في دار الإفتاء الشيخ زهير كبة، التي تقوم بمهمة شراء الأضاحي وتوزيعها على المحتاجين في لبنان بناء على طلب المسلمين الذين يقررون إحياء هذه الشعيرة. ويقول كبة لـ"العين الإخبارية": "في صندوق الزكاة نعلن قبل حوالي 20 يوما من عيد الأضحى عن أسعار الأضاحي ليتسنى للمسلمين تحديد الميزانية التي ينوون تخصيصها للأضحية ونحن نقوم بشرائها وتوزيعها".
ويشير كبة إلى أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة في السنوات الأخيرة أدت إلى تراجع غير مسبوق في اقدام المسلمين على الأضاحي بحوالي 60 بالمئة.
وحول أسعار الأضاحي يوضح كبة قائلا "يبلغ سعر الخروف البلدي الذي يزن ما بين 55 و 60 كليو حوالي 280 دولارا ، أما ما يعرف بخروف البيلا فسعره 225 دولارا ووزنه بين 50 و60 كيلوجراما، وهناك أيضا من يختار اللحم المثلج المستورد من الخارج للأضحية نظرا إلى تدني سعره الذي يبلغ حوالي 125 دولارا ويزن ما بين 20 و22 كيلوجراما".
ويلفت كبة أيضا إلى خيار أضحية العجل وليس الخروف الذي يعتبر بدوره أقل سعرا من الخراف، ويوضح "يقدّر العجل بحوالي 7 حصص (أي أضاحي عن 7 أشخاص)، ويزن حوالي 400 كيلو ويبلغ سعره 250 دولارا، مشيرا الى أن عددا كبيرا من المسلمين يلجأون إلى هذا الخيار نظرا إلى سعره المقبول ووزنه الكبير وإمكانية تقاسم سعره بين عدد من الأشخاص".
ولا يختلف كلام كبة عما يقوله كل من أمين سر نقابة تجار اللحوم في لبنان خليل نعمة وصاحب أحد المزارع صبحي عسكر، مؤكدين أن سوق الأضاحي شبه منعدم هذا العام وهو يسجل تراجعا بأكثر من 70 بالمئة عن السنوات الماضية.
ويقول نعمة لـ "العين الإخبارية" "سعر الخروف اليوم يبلغ حوالي ستة ملايين ليرة بعدما كان يباع في السنوات السابقة، قبل الأزمة، بنحو 600 ألف ليرة لبنانية، وبالتالي بات شراء الأضحية أمرا شبه مستحيل بالنسبة إلى معظم العائلات التي لجأ عدد كبير منها إلى اعتماد خيار شراء نصف الخروف أو ربعه كأضحية، كل وفق أوضاعه المادية.
ويضيف "قبل أيام قليلة من عيد الأضحى لا يزال سوق الأضاحي شبه منعدم، نأمل أن ينشط قليلا في الأيام المقبلة، إنما هذا الأمر ليس متوقعا نظرا إلى المؤشرات والأوضاع الاقتصادية التي نعيشها منذ فترة ونلمسها يوميا، بحيث أن بعض العائلات لم تعد قادرة على شراء كيلو اللحم واستعاضت عنه بشراء 200 غرام فقط"، مشيرا إلى أن هذا الواقع أدى إلى اقفال محلات كثيرة لبيع اللحوم.
من جهته، يلفت صبحي عسكر إلى أن سوق الأضاحي تأثر بشكل كبير بالأزمة الاقتصادية، إذ إن التراجع لا يقتصر فقط على الطلب إنما أيضا على العرض، حيث أن التجار لم يعمدوا إلى "تعليف" (اطعام) عدد كبير من الخراف تحضيرا لعيد الأضحى وذلك بسب ارتفاع سعر العلف (الطعام) بشكل غير مسبوق، ما انعكس تراجعا كبيرا في نسبة الأرباح التي يفترض أن يحصلوا عليها. ويعطي مثالا على ذلك أنه كان في السابق يبيع حوالي 100 خروف في عيد الأضحى لكن هذا العام لن يتجاوز عددها الثلاثين". ويلفت في الوقت عينه، إلى أنه إذا ما قورن سعر الخروف الذي يبلغ وزنه حوالي 45 كيلو، بالدولار الأمريكي (وفق سعر الصرف الـ 1500 ليرة) كان أغلى من اليوم، بحيث أنه وفق سعر الصرف القديم كان يباع بحوالي 300 دولار أمريكي أما اليوم فهو حوالي 200 دولار أمريكي، لكن المشكلة تكمن في أن معظم رواتب اللبنانيين هي بالليرة اللبنانية وليس بالدولار الأمريكي، ما يحول دون قدرة العائلات على شراء الأضحية.
aXA6IDMuMTMzLjEyNC4yMyA=
جزيرة ام اند امز