"تبنّ تلميذا".. دروس مجانية في شوارع البرازيل
إدنا بينييرو (86 عاما) تتعلم القراءة والكتابة في إطار مبادرة "تبن تلميذا" في 11 حزيران/يونيو 2019 في ريو دي جانيرو.
على الرغم من عملها في مكتبة، إلا أن العجوز البرازيلية إدنا بينييرو أمية، وبدأت تتعلم القراءة والكتابة قبل فترة قصيرة بفضل مبادرة "تبنّ تلميذا" التي توفر دروسا في شوارع ريو دي جانيرو بالبرازيل.
تجلس بينييرو (86 عاما) في إحدى ساحات ريو دي جانيرو وتقرأ بصوت عالٍ جملة "اعتبارا من الآن، تستطيعين قراءة كل هذه الكلمات بمفردك"، وهي تشير بسبابتها إلى كل مقطع لفظي.
ولم تتعلم هذه المرأة صاحبة البشرة السمراء والشعر الأبيض القراءة إلا مؤخرا. وتؤكد أنها تشعر للمرة الأولى بأنها "تتعلم شيئا"، بفضل مشروع "تبنّ تلميذا" الذي يقدم دروسا خصوصية مجانية في شوارع المدينة.
تقول بينييرو من وسط ساحة بوتافوغو: "يمكننا أن نتعلم في أي عمر، وسأستمر بالدراسة قدر ما أستطيع؛ لأننا في هذا العمر نفقد بصرنا مع الوقت، فنصبح نساء عجائز لا يعرفن القراءة ولا يفعلن شيئا".
وفي الساحة، يتعلم متقاعدون آخرون القراءة، لكنهم ليسوا الوحيدين الذين يستفيدون من هذه الدروس الخصوصية؛ إذ إن العديد من التلاميذ متواضعي الحال يلجأون إليها لمراجعة دروس في الرياضيات أو اللغة الإنجليزية أو العلوم أو الفيزياء. يحظى كل ثلاثة تلاميذ باهتمام أحد المتطوعين وهم مدرسون متقاعدون.
بدأ المشروع في مارس/آذار 2018 مع سيلفيريو مورون، إذ جلس هذا المهندس المتقاعد على طاولة أسمنتية بساحة في ريو رافعا لوحا كتب عليه "يمكنني مساعدتكم في الرياضيات أو الفيزياء مجانا".
هذا الرجل البشوش والطويل القامة البالغ 64 عاما، كان يعطي دروسا خصوصية لتلاميذ في مدارس خاصة، وقرر أن يشارك معلوماته مع المحتاجين.
ويؤكد مورون أن "مستوى التعليم المنخفض يؤدي إلى نسبة بطالة وعنف مرتفعة"، وساهمت صورته التي نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مع أول تلميذ له، في توسع المشروع إلى 3 أحياء أخرى هي فلامنغو وكوباكابانا وغراجاو. ليتبنى 30 أستاذا نحو 300 تلميذ يتابعون الدروس بشكل مستمر.
وسيلفيريو مورون مهندس متقاعد يعطي دروسا في الرياضيات والفيزياء لمجموعة من التلميذات، بينهن كاميلا (11 عاما).
تقول والدتها مارتا ريبيرو: إن كاميلا كسرت ذراعها اليسرى التي تكتب بها، فوضعت عليها جبيرة لمدة 60 يوما وتدنت علاماتها، لكن بعد شهر من الدروس الخصوصية في اللغة البرتغالية وفي الرياضيات، تؤكد الأم أن ابنتها تحسنت.
وجاء على صفحة المبادرة عبر "فيسبوك"، أن الدروس تُعطى كل يوم باستثناء الأحد وأيام العطلات الرسمية وفي حال تساقط الأمطار.
"أتى دوري"
يفيد المعهد البرازيلي للجغرافيا والإحصاءات بأن 11,3 مليون شخص فوق سن الخامسة عشرة لا يتقنون القراءة والكتابة، أي أن نسبة الأمية تبلغ 6,8% من سكان البرازيل.
ماريا دو جيسوس رانجل (77 عاما) كانت واحدة من بين تلك الفئة لفترة طويلة، تقول: "أتعلم القراءة والكتابة الآن لأنني لم أتمكن من ذلك في طفولتي. في ذلك الوقت، لم يرسل الأهل أولادهم إلى المدرسة فكان الأمر صعبا للذين كانوا يعملون في الحقول، وكان المجتمع يفرض على النساء الاهتمام بالمنزل وعلى الرجال الاهتمام بالأرض".
وأضافت بفخر: "لدي ابنان تخرجوا في الجامعة والآن أتى دوري".
ويتفادى مؤسس المشروع أن يتناول المواضيع السياسية، ويفضل ألا يعطي رأيه في المظاهرات الكبيرة التي شارك فيها الأساتذة والطلاب مؤخرا احتجاجا على تخفيض الميزانية في قطاع التربية الذي قررته حكومة الرئيس جاير بولسونارو المنتمي إلى حزب اليمين المتطرف.
ويؤكد مورون أن "هدف المشروع لا علاقة له بهذه الحكومة أو بالحكومة السابقة"، كما يعترف بأن أساتذة القطاع الخاص يجب أن يكون راتبهم أعلى.
ويوضح أن هذه المبادرة "مجرد قطرة في المحيط" وأن الغاية من هذا المشروع هي "أن يكون لكل حي من ريو دي جانيرو مكان عام لتعزيز التربية. لذلك، نحتاج إلى مساهمة السكان ومشاركة معارفهم".
وبهذه الطريقة، يتمنى مورون أن "تتحول هذه القطرة في المحيط يوما إلى تسونامي في التربية".
aXA6IDMuMTM5LjEwOC40OCA= جزيرة ام اند امز