"إشهار السيوف".. تفاصيل مؤامرة الحرس الثوري لاستهداف السعودية
قبل 4 أشهر من استهداف أرامكو السعودية، تجمّع مسؤولون أمنيون إيرانيون في مجمع شديد التحصين بطهران للتخطيط لهذه العملية الإرهابية.
كشف تقرير معلومات جديدة عن مؤامرة إيرانية تم التخطيط لها قبل استهداف منشآت نفطية تابعة لشركة "أرامكو" السعودية بطائرات مسيرة وصواريخ، يوم 14 سبتمبر/أيلول الماضي.
وبحسب التقرير المطول، الذي نشرته "رويترز"؛ فإنه قبل 4 أشهر من استهداف أكبر منشأة في العالم لمعالجة النفط بالسعودية، تجمّع مسؤولون أمنيون إيرانيون في مجمع شديد التحصين بطهران.
وخلال اجتماع "المجمع المحصن"، شاركت قيادات عليا في مليشيا الحرس الثوري، المسؤولة عن العمليات السرية وتطوير الصواريخ؛ إذ كان الموضوع الرئيسي في ذلك اليوم من أيام شهر مايو/أيار الماضي، هو كيفية الرد على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وفرض عقوبات اقتصادية على إيران.
وأمام قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، وقف أحد كبار القادة، قائلا: "آن أوان إشهار سيوفنا"، وهو ما نقلته الوكالة عن 4 مصادر مطلعة عما دار في الاجتماع.
تفويض خامنئي
على مدار اجتماع قيادات المليشيا الإيرانية كان الهدف المشترك هو ضرورة مهاجمة أهداف ذات قيمة عالية بما في ذلك القواعد العسكرية الأمريكية، لكن تم الاتفاق في النهاية على خطة تبتعد عن المواجهة الصريحة؛ خشية رد أمريكي مدمر.
وبالفعل، وقع اختيار طهران على استهداف منشآت نفطية في السعودية، وهو اقتراح ناقشه كبار المسؤولين العسكريين الإيرانيين في "اجتماع مايو" وخلال 4 اجتماعات على الأقل تلته، وفقا لـ"رويترز".
مسؤولون إيرانيون تحدثوا للوكالة أكدوا أن مرشد إيران علي خامنئي أعطى ضوءا أخضر كتفويض لتنفيذ الهجوم لكنه اشترط ضرورة تجنب إصابة أي أمريكيين.
وخلال حديثه لبرنامج (60 دقيقة) المذاع على قناة CBS الأمريكية، قال الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، إن الهجوم على منشآت النفط التابعة لشركة "أرامكو" يعد "عملا حربيا" من قبل إيران.
حينها، أضاف ولي العهد السعودي أيضا: "آمل في ألا يكون الرد العسكري ضروريا.. والحل السياسي أفضل كثيرا".
تفاصيل الهجوم
وفقا لمعلومات "رويترز"؛ فإن الهجوم على منشأتي "أرامكو" استغرق 17 دقيقة وشنته 18 طائرة مسيرة و3 صواريخ أخرى، وإن حرائق شبت في منشأتي خريص وبقيق لمعالجة النفط، وهي الأكبر من نوعها في العالم.
وبدلا من الطيران مباشرة من إيران إلى السعودية فوق الخليج أخذت الصواريخ والطائرات المسيرة مسارات مختلفة غير مباشرة إلى المنشآت النفطية في إطار مسعى إيران لإخفاء تورطها في الهجوم.
ووفقا لمصدر المخابرات الغربي فقد طارت بعض الطائرات المسيرة فوق العراق والكويت قبل أن تصل إلى السعودية، وهو ما منح إيران فرصة الإنكار المعقول لتورطها في الأمر.
وأضاف: "كان الأمر سيصبح مختلفا لو أن الصواريخ والطائرات المسيرة شوهدت أو سُمعت وهي تطير في طريقها للسعودية فوق الخليج من مسار طيران جنوبي".
وأطلع قادة بالحرس الثوري القائد الأعلى على العملية الناجحة بعد ساعات من الهجوم وفقا للمسؤول المقرب من دوائر صنع القرار الإيراني.
وقال المسؤول المطلع على عملية صنع القرار في طهران إن الخطة التي وضعها العسكريون الإيرانيون لضرب منشآت النفط السعودية تطورت على مدار عدة أشهر.
وأضاف: "نوقشت التفاصيل باستفاضة في 5 اجتماعات على الأقل وصدرت الموافقة النهائية" بحلول سبتمبر/أيلول، وهو الشهر الذي تم تنفيذ العمل الإرهابي فيه.
3 مسؤولين آخرون أوضحوا لـ"رويترز" أن هذه الاجتماعات انعقدت في موقع مؤمن داخل المجمع الواقع في جنوب طهران؛ حيث حضر مرشد إيران أحد هذه الاجتماعات في مقر إقامته الواقع أيضا داخل المجمع.
وكان بين الحاضرين لبعض هذه الاجتماعات يحيى رحيم صفوي أكبر مستشاري خامنئي العسكريين ونائب لقاسم سليماني الذي يقود العمليات العسكرية الخارجية والسرية للحرس الثوري، وفقا لما نقلته رويترز عن المسؤولين الـ3.
أهداف أخرى
لم يخفِ مصدر رويترز أن من بين الأهداف المحتملة التي نوقشت في البداية مرفأ بحريا في السعودية، لكنه لم يقدم أي تفاصيل إضافية.
وخشية رد أمريكي قاسٍ، أكد المسؤولون الذين نقلت عنهم الوكالة أنه تم استبعاد هذه الأفكار في نهاية المطاف؛ لكن أحدهم أوضح أن "الشو الإعلامي" كان أحد أهداف الخطة لكون نتائجها ستحتل عناوين الصحف.
وهنا قالت مارثا ماكسالي عضو مجلس الشيوخ الأمريكي، وهي جمهورية سبق لها العمل في القوات الجوية وأطلعها مسؤولون أمريكيون وسعوديون على وضع منشأة بقيق عقب الهجوم، إن منفذي العملية كانوا يعرفون بدقة أين ينبغي أن يضربوا لإحداث أكبر ضرر ممكن.
وأضافت أن الطائرات المسيرة والصواريخ "جاءت من أرض إيرانية، من قاعدة إيرانية". وهذه الرواية أكدها مصدر آخر حيث كان موقع انطلاق الهجوم هو قاعدة الأحواز الجوية في جنوب غرب إيران.
ويماثل هذا التقييم ما قاله 3 مسؤولين أمريكيين وشخصان آخران تحدثا مع رويترز وهما مسؤول مخابرات غربي ومصدر غربي يعمل في الشرق الأوسط.
وتسبب الهجوم في تعطيل 5.5% من إمدادات الطاقة في العالم، وهو الرقم الذي أزاح عنه الأمير محمد بن سلمان آل سعود الستار عنه خلال لقائه القناة الأمريكية أيضا، فيما ارتفعت أسعار النفط عالميا.
وقوبل الهجوم بموجة استنكار وإدانات عربية ودولية واسعة النطاق، كما عقد مجلس الأمن الدولي جلسة لمناقشة الحادث، فيما أكدت واشنطن وقوف طهران وراء الحادث الإرهابي، وشددت على ضرورة العمل والتنسيق مع الحلفاء للتصدي للدور الإيراني في زعزعة استقرار المنطقة.
ودفع الهجوم وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى اتهام إيران بشن "عمل من أعمال الحرب"، قبل فرض عقوبات أمريكية إضافية على طهران، إضافة إلى شن واشنطن هجمات إلكترونية ضد طهران، بحسب رويترز.