تعتبر معركة عدوة، التي وقعت في 2 مارس عام 1896 بين المقاتلين الإثيوبيين والجيش الإيطالي، من أهم الأحداث التي غيرت التاريخ الأفريقي، فلأول مرة يتلقى جيش كبير أتى ليغزو دولة أفريقية هزيمة كبرى.
ويحتفل الإثيوبيون هذا الأسبوع بالذكرى رقم 127 للمعركة التاريخية في مدينة عدوة، التي أثبتت أن الأفارقة لم يكونوا أبدا لقمة سائغة لأي استعمار غربي في القرن التاسع عشر، ويعتبر كثير من الأفارقة هذه المعركة رمزا للصمود الأفريقي ككل.
في هذه المواجهة، يقول التاريخ إن منليك الثاني، إمبراطور إثيوبيا حينئذ، استدرج الجيش الأيطالي، إلى منطقة عدوة في إقليم تيغراي بشمال إثيوبيا، والتي تحيطها جبال ومرتفعات وعرة.
ودخلت القوات الإيطالية عبر شمال إثيوبيا، متخطية إريتريا، صوب وسط البلاد، وتكاتف القادة والأمراء الإثيوبيون من شتى أنحاء البلاد وجمعوا مقاتليهم تحت قيادة الرأس الولا أبانقا، قائد الجيوش الإثيوبية، لتكون المعركة الفاصلة في عدوة، تلك البقعة التي شهدت أحداثا ما زال الإثيوبيون يحتفلون بذكراها سنويا.
كانت القوى الاستعمارية قديما تستهدف إثيوبيا لما كانت تعانيه من بعض الصراعات الداخلية، ما حمّس الأطماع الغربية، وتحديدا بريطانيا، والتي حاولت تأمين حدود مستعمراتها آنذاك في السودان، وإيطاليا التي بدأت تدخل في قلب القارة الأفريقية عبر الباب الشرقي، لأفريقيا.
الصراع الداخلي في إثيوبيا حينئذ أعطى مفاهيم وانطباعات خطأ عن الحبشة وقوتها، ما جعل إيطاليا تقنع بقية دول الغرب بهدفها وتخطيطها استعمار إثيوبيا والتغلغل إلى أراضيها من الشرق عبر إريتريا.
لكن القادة الإثيوبيين اتحدوا على صد عدو واحد، لتكون عدوة معركتهم الفاصلة لدحر القوات الإيطالية، فتجمعت قيادات الجيوش من الأقاليم المختلفة وشكّلت جيشا متماسكا موحد الهدف والولاء، فكان اللقاء والانتصار التاريخي في عدوة.
وقد حاولت إثيوبيا، بالتوازي، فتح قنوات اتصال قوية مع بريطانيا، التي بدأت تتخوف من الوجود والتقدم الإيطالي في المنطقة.. فكان القتال المشترك بين القادة الإثيوبيين ضد عدو خارجي، بالتزامن مع إدارة معركة سياسية بحنكة، فجاءت الهزيمة الإيطالية فادحة على أرض إثيوبيا، ما أجبر المحتل الإيطالي على إلغاء معاهدة "أوتشالي"، التي كانت سببا في الحرب، وذلك بناء على رغبة الإمبراطور منليك، فيما سعت إيطاليا من جانب آخر بعد هزيمتها لعقد معاهدة صداقة مع الإمبراطور الإثيوبي في عام الهزيمة ذاته.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة