أفغانستان.. مخاوف من انتقام "طالبان" وبايدن يكتفي بـ"الإجلاء"
تصاعدت المخاوف حيال عدم تنفيذ "طالبان" وعودها بالتسامح بعد نشر وثيقة سرّية للأمم المتحدة كشفت أنّ الحركة كثّفت ملاحقة الأفغان الذين عملوا مع القوات الأجنبية.
في السياق، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، أنّه لا يستطيع ضمان "النتيجة النهائيّة" لعمليّة الإجلاء في كابول، معتبرًا أنّها واحدة "من الأصعب في التاريخ" بعد 20 عامًا من التدخّل العسكري الأمريكي في أفغانستان.
انتقام "طالبان"
وجاء في التقرير الذي وضعته مجموعة خبراء بتقييم المخاطر، لحساب الأمم المتحدة، أنّ طالبان وضعت "لوائح ذات أولويّة" للأفراد الذين تريد توقيفهم، رغم وعودها بعدم الانتقام.
والأكثر عرضة للخطر هم مَن شغلوا مناصب مسؤوليّة في صفوف القوّات المسلّحة الأفغانيّة والشرطة والاستخبارات، وفق التقرير.
منذ سيطرتها على الحكم إثر هجوم عسكري خاطف، حاولت الحركة إقناع العالم والأفغان بأنّها لا تسعى إلى الانتقام من أعدائها السابقين وبأنّها تنوي العمل على مصالحة وطنيّة.
ووعدت بأنّه ستكون هناك "اختلافات كثيرة" في طريقة حكمها مقارنة بحكمها السابق بين 1996 و2001، عندما فرضت رؤيتها المتشدّدة.
لكنّ تقرير الأمم المتحدة يوضح أنّ الحركة تُجري "زيارات هادفة لمنازل" الذين تريد توقيفهم ولمنازل أفراد عائلاتهم.
وجاء في التقرير أنّ الحركة تُدقّق في الأشخاص الراغبين بالوصول إلى مطار كابول، وأقامت نقاط تفتيش في المدن الكبرى بما في ذلك العاصمة كابول وجلال آباد.
وأوضح مدير المجموعة كريستيان نيلمان، "نتوقّع أن يتعرّض الأفراد الذين تعاملوا مع القوّات الأمريكيّة والأطلسيّة وحلفائها، وكذلك أفراد عائلاتهم، للتعذيب والإعدام".
وقام عناصر من طالبان يبحثون عن صحفي يعمل لحساب "دويتشه فيله" ويقطن حالياً في ألمانيا، بقتل أحد أفراد عائلته بالرصاص الأربعاء في أفغانستان وإصابة فرد آخر بجروح بالغة، وفق ما ذكرت هذه الوسيلة الإعلامية الألمانية على موقعها الإلكتروني.
وقال وزير الداخلية السابق مسعود أندرابي لإذاعة "تايمز" البريطانية "إنّهم يقومون بمطاردات تشبه الانتقام، خصوصاً بحقّ ضباط الأمن والاستخبارات الوطنيّة، هذا ما يَرِدني من أخبار".
وأكد أحد كبار قادة الحركة نزار محمد مطمئن أنّ هذه التعليمات لا تزال سارية. وكتب في تغريدة "البعض ما زالوا يقومون بذلك، ربما بدافع الجهل"، مؤكّدًا أنّ هذا "مخزٍ" للحركة.
في السياق سعت قوى أجنبية لتسريع وتيرة عمليات الإجلاء بعد تقارير عن عمليات انتقامية تنفذها طالبان، حيث ذكر حلف شمال الأطلسي أن الدول الأجنبية أجلت في الإجمال ما يزيد عن 18 ألفا منذ استيلاء الحركة على كابول لكن حكومات غربية تواجه انتقادات حادة بسبب عدم توقعها لمثل هذا الخروج الفوضوي.
كما قال عضو في مجلس النواب الأمريكي إن طالبان تستخدم ملفات من جهاز المخابرات الأفغاني لمعرفة الأفغان الذين تعاونوا مع الولايات المتحدة.
وقال النائب جيسون كرو الذي يقود جهود الكونجرس لتسريع وتيرة إجلاء الأفغان المرتبطين بالولايات المتحدة "إنهم يكثفون جهودهم بشكل ممنهج للقبض على هؤلاء الناس".
وتلقى مكتب كرو أكثر من ألف طلب للإجلاء من أفغان مرتبطين بالأمريكيين على مدى الأيام الأربعة الماضية.
عملية الإجلاء
يأتي ذلك في وقتٍ أعلن بايدن أمس الجمعة أنّه لا يستطيع ضمان "النتيجة النهائيّة" لعمليّة الإجلاء في كابول، معتبرًا أنها واحدة "من الأصعب في التاريخ" بعد 20 عامًا من التدخل العسكري الأميركي في أفغانستان.
وقال خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض "عمليّة الإجلاء هذه خطرة. إنّها تنطوي على أخطار بالنسبة إلى قوّاتنا المسلّحة وتنفّذ في ظروف صعبة".
وأضاف محاطًا بنائبته كامالا هاريس وبوزيري الخارجيّة أنتوني بلينكن والدفاع لويد أوستن ومستشار الأمن القومي جايك سوليفان، "لا أستطيع أن أعِد بما ستكون عليه النتيجة النهائية".
وتدارك بايدن "لكن بصفتي قائدًا (للقوّات المسلّحة)، يمكنني أن أؤكّد لكم أنّني سالجأ إلى كلّ الوسائل الممكنة".
واستؤنفت الجمعة عمليّات إجلاء المدنيّين من مطار كابول، بعدما توقّفت لساعات عدّة جرّاء عدم قدرة القاعدة الأمريكيّة في قطر على استيعاب مزيدٍ من الأشخاص، حسب ما أعلنت وزارة الدفاع الأمريكيّة.
وقال الجنرال هانك تايلور، من هيئة الأركان الأمريكيّة، إنّ "الرحلات استؤنفت، والرحلات العسكريّة الأميركيّة المتّجهة إلى قطر وأماكن أخرى قد أقلعت"، مشيرًا إلى أنّ تعليق الرحلات "حدث في وقتٍ باكر صباح اليوم (الجمعة) واستمرّ من 6 إلى 7 ساعات".
وقد حصلت واشنطن على ضوء أخضر من برلين، من أجل إرسال بعض ممّن تمّ إجلاؤهم، إلى ألمانيا حيث تمتلك الولايات المتحدة قواعد عسكريّة عدّة.
ويتعرض بايدن لانتقادات بسبب مشاهد الاجلاء الفوضوية التي يشهدها مطار كابول وتأكيد أفغان يحق لهم المغادرة أن حركة طالبان منعتهم من الوصول إلى المطار، كما يزداد كل ساعة يأس الأشخاص الذين يرغبون في الصعود على متن رحلات إجلاء