مستقبل أفغانستان.. سيناريوهات مفتوحة على الحرب والسلام
بحلول سبتمبر المقبل تسحب الولايات المتحدة وحلفاؤها آخر جندي من أفغانستان، لتبقى البلاد مفتوحة على سيناريوهات أسوأها دخل حيز التنفيذ.
الحرب الحاسمة، أو الاقتتال الداخلي، والتسوية السياسية والسلام، وغيرها، خيارات كشفت حركة طالبان حتى الآن امتلاك فرضها بقوة السلاح؛ حيث باتت تطارد القوات الحكومية إلى خارج الحدود، وتبسط سيطرتها على المزيد من الأراضي.
ولا تمانع الحكومة الأفغانية في الجلوس مع "طالبان" إلى طاولة التسوية، وتدفع الولايات المتحدة باتجاه إشراك الحركة في الحكم عبر تعيين وزراء منها في "حكومة سلام".
عمليات واشنطن كانت محصورة أساسا بالحد الأدنى منذ توقيع اتفاق مع طالبان في فبراير/شباط 2020 ينص على رحيل القوات الأمريكية مقابل بدء مفاوضات سلام بين الحركة والحكومة، وهي محادثات لا تزال في طريق مسدود.
سيطرة "طالبان"
وعند مغادرتهم بشكل نهائي، سيُبقي الأمريكيون فقط بعض الجنود في المكان لحماية سفارتهم، ما سيؤول إلى استمرار النزاع على الأرض الأفغانية، في حرب "لا شيء يوحي بنهايتها قريبا".
ويبدو أن حركة طالبان تراهن على انتصار عسكري يتيح لها الإطاحة بالرئيس أشرف غني.
وقد سيطرت في الآونة الأخيرة على عشرات المناطق الإضافية خصوصا في الأرياف، لكن الجيش الأفغاني لا يزال يسيطر على المدن الكبرى.
وقال الخبير الأمني الأفغاني باري آريز: "في الوقت الراهن ستتكثف المعارك، وستواجه القوات الأفغانية صعوبات في تصديها عسكريا لوحدها".
وبحسب تحاليل صدرت مؤخرا من أجهزة الاستخبارات الأمريكية فإن طالبان يمكن أن تسيطر على البلاد خلال ستة أشهر إلى سنة بعد الانسحاب.
وتؤكد كل من حركة طالبان والحكومة يوميا أنها ألحقت خسائر فادحة بالآخر، ومن المتعذر التحقق من تأكيداتها بشكل مستقل، لكن حملة اغتيالات محددة الأهداف ضد شخصيات من المجتمع المدني الأفغاني، تراجعت كثافتها في الأسابيع الماضية.
انتصار الجيش أو حرب أهلية
قدرة الجيش الأفغاني على بسط الأمن، تبقى أمرا غير معروف، كما أنه من غير المستبعد احتمال اندلاع حرب أهلية، بحسب خبراء في الشأن الأفغاني.
ولطالما كان سلاح الجو الأمريكي عاملا حاسما في النزاع حتى الآن، عبر تقديم دعم حيوي للقوات الحكومية حين كانت تواجه مخاطر.
وفي دليل على القلق السائد، أطلقت الحكومة نداء للتعبئة لمحاربة طالبان؛ في وقت يتخوف فيه بعض المحللين من أن يؤدي ذلك إلى تأجيج الوضع بشكل إضافي.
وقال خبير أمني أجنبي رفض الكشف عن اسمه معلقا على هذا الخيار: "يجب تنفيذ هذه الاستراتيجية بشكل جيد وأن تنظم ويجري التحكم بها بشكل جيد، وإلا فإنها قد تأتي بنتائج عكسية".
فمع العودة التدريجية لأمراء الحرب السابقين إلى الساحة، فإن الخطر كبير بأن تغرق البلاد في حرب أهلية، وأن تظهر فصائل جديدة مسلحة للاستيلاء على السلطة.
تسوية سياسية و"سلام"
يرغب الرئيس غني في وقف لإطلاق النار مع طالبان، بهدف تنظيم انتخابات تنبثق عنها "حكومة سلام"، لكنه يرفض الدعوات لتشكيل حكومة انتقالية غير منتخبة تشمل الحركة.
وتؤيد الولايات المتحدة حكومة الوحدة هذه؛ وتضغط لكي تتوصل حركة طالبان والحكومة إلى اتفاق؛ رغم أن المفاوضات التي بدأت لا تزال في طريق مسدود.
ورغم أنها لم تعط توضيحات حول نواياها، فإن حركة طالبان تعتزم أن تقيم مجددا "إمارة إسلامية" في أفغانستان.
عودة حكم طالبان
ومع العودة الوشيكة كما يبدو لطالبان إلى السلطة، يتخوف المراقبون من تراجع المسار الديمقراطي.
وقال المحلل السياسي راميش صالحي: "في الوقت الراهن، تبدو حركة طالبان على قناعة بأنه يمكنها تولي السلطة بالقوة"، مضيفا أن "هذه معركة ستحدد ما إذا كانت الديمقراطية تنتصر على القوى الأيديولوجية".
وفي حال عودة طالبان، هناك مخاوف قوية من أن تفقد المرأة الحقوق التي اكتسبتها منذ مطلع القرن؛ فحين كانت الحركة في السلطة، منعت النساء من العمل ورُجمت أخريات.
وبعد سقوط نظام طالبان، دخلت العديد من الأفغانيات معترك السياسة أو أصبحن صحفيات أو ناشطات أو قاضيات.
وقالت الناشطة هوساي أندار: "هناك شعور عام بانعدام الأمن في صفوف النساء اللواتي يعتقدن أن المتطرفين سيودعهن مجددا داخل المنازل... لكنهن لن يستسلمن هذه المرة، ستكون هناك مقاومة".
aXA6IDEzLjU4LjIwMC43OCA= جزيرة ام اند امز