في عيدها الـ62.. أفريقيا تكتب فجرا جديدا بعيدا عن التبعية

في يوم أفريقيا، لا تكتفي القارة السمراء بتذكُّر ماضيها، بل تطل بعين ثاقبة نحو مستقبلها، متوشحة بذاكرة نضال طويل منذ أن اجتمعت 32 دولة مستقلة عام 1963 لتُعلن قيام منظمة الوحدة الأفريقية، في لحظة وُلد فيها الحلم الجماعي بالتحرر والسيادة والوحدة.
وبعد 62 عامًا، يعيد الاتحاد الأفريقي اليوم بعث ذلك الحلم، لكن بروح العصر، مؤكدًا أن أفريقيا لم تعد مجرد مفعول به في خرائط الجغرافيا السياسية، بل فاعل يفرض حضوره، ويطالب بمكانته، ويصوغ سرديته الخاصة.
وشهد مقر الاتحاد الأفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، السبت، احتفالية رسمية بمناسبة «يوم أفريقيا»، الذي يصادف 25 مايو/أيار من كل عام، وهو التاريخ الذي يخلد تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية عام 1963، والتي تحولت لاحقا إلى الاتحاد الأفريقي في 9 يوليو/تموز 2002.
يأتي احتفاء الاتحاد الأفريقي بيوم أفريقيا، ليُعلن أن الزمن الذي كانت تُدار فيه ملفات العالم على حساب القارة، يقترب من نهايته، فبحسب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، محمود علي يوسف، فإن القارة السمراء ترفض الاستسلام لـ«تشاؤم دائم» حولها (..) وها نحن نرى القارة تتحرك بخطى واثقة نحو الأمام.
وفي كلمته خلال الاحتفالية، قال يوسف: «من المؤسف أن الجغرافيا السياسية تُدار في كثير من الأحيان على حساب القارة، وأن القوى العالمية المؤثرة لا تولي الاهتمام الكافي لطموحات شعوبنا. لكننا نرفض الاستسلام لتشاؤم دائم حول أفريقيا، وها نحن نرى القارة تتحرك بخطى واثقة نحو الأمام».
لحظة رمزية
وأوضح رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، محمود علي يوسف، أن إحياء «هذه المناسبة يشكل لحظة رمزية للتأمل والتواصل بين الشعوب الأفريقية، وفرصة لاستحضار نضالات القارة وتطلعاتها نحو مستقبل أفضل».
وبحسب رئيس المفوضية، فإن «قارتنا، التي جسدت تطلعات شعوبها في ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية ثم في القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، تقف اليوم بعزم وقوة على الساحة الدولية، ويجب أن تؤخذ إمكاناتها ومواردها الغنية بعين الاعتبار، من ثروات معدنية وأراضٍ زراعية واسعة، إلى قدراتها الصناعية المتنامية».
إلا أن «حماية هذه الموارد تقع على عاتق الشعوب الأفريقية وحكوماتها»، بحسب يوسف، الذي دعا إلى تطوير سلاسل قيمة محلية وتحقيق التحول الصناعي داخل القارة.
وأشار المسؤول الأفريقي إلى أهمية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، بوصفها سوقا رئيسية للمنتجات الأفريقية وفرصة استراتيجية لتعزيز النمو الاقتصادي الداخلي.
نحو مستقبل أكثر إشراقا
الأمر نفسه أشار إليه السفير عمرو الجويلي، مدير مديرية منظمات أفارقة الشتات والمجتمع المدني بمفوضية الاتحاد الأفريقي، قائلا في تصريحات لـ«العين الإخبارية»، إن احتفالات «يوم أفريقيا لهذا العام تُسلط الضوء على الموضوع الرئيسي للاتحاد الأفريقي لعام 2025، والمتمثل في العدالة للأفارقة وللمنحدرين من أصل أفريقي من خلال التعويضات».
وأوضح الجويلي أن «المقاربة الحالية ليست مجرد مراجعة للماضي، بل نظرة نحو المستقبل تهدف إلى ترسيخ موقع أفريقيا المستحق ضمن آليات صنع القرار على الساحتين الدولية السياسية والاقتصادية».
الجويلي أشار إلى أن القارة تواجه بالفعل تحديات كبيرة مثل البطالة وتغير المناخ، إلا أن «أفريقيا تمتلك إصرارًا راسخًا على تحقيق أهدافها وتطلعاتها، مستندة في ذلك إلى ثروتها السكانية من الشباب ومواردها الطبيعية الهائلة». وأكد أن «التقاء هذه العناصر معا يشكل قاعدة صلبة لمستقبل واعد للقارة».
وأكد أن مديرية منظمات أفارقة الشتات والمجتمع المدني تعمل بشكل متكامل مع مفوضية الاتحاد الأفريقي على استقطاب الكفاءات الأفريقية في الخارج، وجذب الاستثمارات الأجنبية لدعم طموحات القارة وخطط الاتحاد الأفريقي التنموية.
يُذكر أن منظمة الوحدة الأفريقية، التي تأسست عام 1963 بعضوية 32 دولة مستقلة حينها، كانت تهدف إلى تعزيز التضامن الأفريقي ومناهضة الاستعمار والتمييز العنصري. وقد استبدلت بالاتحاد الأفريقي عام 2002، في إطار تطوير آليات العمل المشترك وتوسيع صلاحيات المنظمة القارية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNjcg جزيرة ام اند امز