في مشهد يعيد إلى الأذهان توترات لقاء ترامب بزيلينسكي، وجد رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوسا نفسه أمام رئيس أمريكي «مشغول بفرض سرديته، لا بالاستماع لشريكه الأفريقي».
وبدلًا من مناقشة مستقبل العلاقات الثنائية، انحرفت المحادثات نحو ما وصفه الجنوب أفارقة بـ«الأساطير المفضلة لترامب» حول إبادة مزعومة للبيض، مما أثار موجة سخط داخلية وتساؤلات حادة، إلا أن وزارة الخارجية بجنوب أفريقيا دافعت عن موقف الرئيس في وجه الغضب الشعبي.
لكن الزيارة التي أُريد لها أن تكون بداية لإعادة ضبط العلاقات، انتهت إلى ما يشبه محاكمة دعائية، عنوانها: البيض في جنوب أفريقيا، وغابت عنها قضايا أفريقيا الحقيقية. وبينما التزم رامابوسا الهدوء، تساءل المواطنون والنقابات في الداخل: هل كانت هذه الزيارة تستحق عناء السفر؟
استياء شعبي
وعبر مواطنو جنوب أفريقيا الخميس عن استيائهم، بعدما هيمنت ما قالوا إنها «مزاعم كاذبة» من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن إبادة جماعية للبيض على محادثته مع الرئيس سيريل رامابوسا، وشكك كثيرون في ما إذا كانت رحلته إلى واشنطن تستحق كل هذا العناء.
وضم رامابوسا لاعبي جولف ذوي بشرة بيضاء يتمتعون بالشعبية في جنوب أفريقيا إلى وفده، وكان يأمل أن تؤدي المحادثات مع ترامب في البيت الأبيض أمس الأربعاء إلى إعادة ضبط العلاقات مع الولايات المتحدة التي تدهورت منذ تولي الرئيس الأمريكي ترامب منصبه في يناير كانون الثاني.
لكن ترامب أمضى معظم المحادثة في مواجهة زائره بالادعاءات الكاذبة بأن مزارعي الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا يتعرضون للقتل المنهجي ومصادرة أراضيهم.
وكتبت ريبيكا ديفيس من صحيفة ديلي مافريك "لم يتحول إلى زيلينسكي آخر.. لم يتعرض لإهانة شخصية من قبل أفظع ثنائي متنمر في العالم".
لقاء ترامب-رامابوسا
وكان في هذا ربط بين لقاء رامابوسا واجتماع عُقد في البيت الأبيض في فبراير/شباط، انتقد فيه ترامب ونائبه جيه دي فانس الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ووصفاه بأنه جاحد لفضل الولايات المتحدة بعد المساعدات العسكرية التي قدمتها لبلاده. وحاول زيلينسكي بشدة الدفاع عن قضيته.
وبالنسبة إلى البعض، أثارت رباطة جأش رامابوسا تساؤلات حول ما تحقق جراء تعرضه للانتقاد.
وقال سوبيلو موثا (40 عاما)، العضو في إحدى النقابات العمالية، في شوارع جوهانسبرج "نحن ... نعلم أنه لا توجد إبادة جماعية للبيض. لذا كانت تلك الزيارة بلا جدوى بالنسبة لي".
ووصل رئيس جنوب أفريقيا مستعدا لاستقبال «عدواني» نظرا للإجراءات التي اتخذها ترامب في الأشهر القليلة الماضية، إذ ألغى المساعدات لبلده، وعرض اللجوء على الأقلية البيضاء وطرد سفير البلاد وانتقد قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها على إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية.
لكن ترامب أراد فقط طوال الوقت مناقشة معاملة البيض في جنوب أفريقيا وعرض مقطع فيديو وتصفح مقالات قال إنها تثبت مزاعمه.
ودافع المتحدث باسم وزارة الخارجية كريسبين فيري عن طريقة تعامل رامابوسا مع اللقاء، قائلا إن من المهم أن يتحاور الزعيمان.
وأضاف لرويترز: "ليس من طبيعة الرئيس (رامابوسا) أن يكون متحفزا. إنه ينظر إلى القضايا بهدوء وواقعية. أعتقد أن هذا ما نتوقعه من رؤسائنا".