ميناكا.. "قندهار أفريقيا"؟
هل تحولت ميناكا، أهم أضلع مثلث صحراء أزواد شمالي مالي، إلى عاصمة لداعش في أفريقيا ما يجعلها قندهار القارة السمراء؟
استفهام يتفجر من قلب المستجدات في "مثلث الموت" بالساحل الأفريقي، هناك حيث تتداخل الأحداث على حدود كل من مالي وبوركينا فاسو والنيجر، على نبض تطورات تتخذها التنظيمات الإرهابية جسرا نحو التموقع.
وقندهار مدينة أفغانية تقع إلى الجنوب الغربي من العاصمة كابول وتعتبر العاصمة السياسية لإمارة طالبان حيث كانت مقر للملا عمر زعيم الحركة الروحي وقائدها الأعلى حتى وفاته.
لا دليل
ينقسم الخبراء حول تأكيد هذه المعلومات بين من يرى أن هناك وجودا لداعش في ميناكا ولكنه ينحسر في مناطق قروية صغيرة ولا يوجد لها أي مدن تستقر بها.
وآخرون يرون أن داعش ما زال يحاول بسط سيطرته وتكوين عاصمة جديدة له في المثلث الحدودي ولكنه لم ينجح حتى الآن.
الدكتور مادي كانتي، المحاضر بكلية العلوم الإدارية والسياسية بجامعة باماكو في مالي، يعتبر أن القول بوجود عاصمة لداعش في مدينة ميناكا شمالي البلاد على غرار قندهار، غير صحيح.
ويقول كانتي لـ"العين الإخبارية": "أنا حاليا في هذه المنطقة بشمال مالي ولا يوجد أي دليل لهذا الحديث، وميناكا ليس بها هذا الوجود لداعش ولا أي تنظيم آخر".
ويضيف أن "هناك مناطق حدودية مثل ليكتاتوجروما وهي منطقة حدودية بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر، ولكنها ليست مدينة، ولا توجد أي مدينة كبيرة تحت سيطرة أي تنظيم".
وأوضح أن "داعش ليس له أي تجمع كبير مثلما كان في العراق وسوريا"، مشيرا إلى أن عناصر التنظيم لا يتمركزون داخل التجمعات السكنية بل ينتشرون في الصحراء ويدخلون القرى للحصول على إتاوات يفرضونها على القرى المحيطة.
وتابع: "أطوف بمناطق عديدة لأكثر من أسبوع، وسأكون موجودا فيها لأسبوعين قادمين"، مشيرا إلى حصول اشتباكات بين داعش وفصيل تابع للقاعدة يسمى "نصرة الإسلام والمسلمين".
ومستدركا: "لكن ليس لأي منهما عاصمة كما يتردد، فهذا حديث عن بعد وليس من الميدان على أرض الواقع".
عسكر مالي وداعش
شائعات اتخاذ داعش مدينة شمال مالي عاصمة له لم تنبثق من فراغ، بل عززتها تقارير إعلامية ذكرت في يوليو/ تموز الماضي، أن السلطات الانتقالية أطلقت سراح سجناء من التنظيم بمنطقة الساحل أو ما يعرف بـ"ولاية الساحل"، مشيرة إلى أن عملية الإفراج شملت رؤوسا مهمة بالتنظيم الإرهابي.
ووفق معلومات مُسرَّبة، تندرج خطوة الإفراج عن قادة التنظيم ضمن صفقة بين الحكومة العسكرية المالية وقيادة التنظيم تسمح بعقد هدنة بين الطرفين، تمكّنهما من القضاء على "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" التي تزايد نشاطها كثيراً في السنوات الأخيرة بالمثلث الحدودي المشترك مع بوركينا فاسو والنيجر.
طرحٌ يظل غير مؤكد في ظل عدم صدور أي تعليق من المجلس العسكري الحاكم في مالي، فيما يرى مراقبون أن الخطوة في حد ذاتها تدحض فكرة وجود عاصمة لداعش في ميناكا.
ويعتقد خبراء أن الصراع المستفحل بين داعش والقاعدة يجعل من الصعب على التنظيمين التمركز بشكل ثابت واتخاذ مركز لما يعتبرانه مناطق نفوذ.
وسُجِّل في الأسابيع الأخيرة تزايد وتيرة القتال بين عناصر "داعش" وفصيل القاعدة في مناطق تادنجدجون وفتلي وهرار في مالي على الحدود المشتركة مع بوركينا فاسو، وفي منطقة تيسيت شمال شرقي مالي.
محمد أغ إسماعيل، الأستاذ بجامعة باماكو في مالي، يرى أن القاعدة يسيطر حاليا على المثلث الحدودي وتم طرد داعش منه، مضيفا أنه من ناحية النيجر هناك بعض البؤر لجماعة داعش، رغم وجود القاعدة في بعض المناطق.
وأوضح إسماعيل، لـ"العين الإخبارية"، أن المواجهات مستمرة بين الجماعتين بين حين وآخر، وكل واحدة منها تسيطر على مجموعة معينة بعض الوقت، وتأتي الجماعة الأخرى وتستولي عليها مرة أخرى،
ولفت إلى أنه "ليس هناك أي استقرار حقيقي لداعش بالمنطقة في الحدود الثلاثة حتى الآن"، مشيرا إلى "ما يتردد بشأن إطلاق الحكومة المالية سراح بعض القيادات من تنظيم داعش مؤخرا في إطار سعيها من أجل الوصول للتوقيع على هدنة معها".
مستدركا: "لكن هذه الأنباء ليست رسمية بشكل نهائي، وتظل حتى الآن عبارة عن تقارير إعلامية محلية ودولية لا أكثر".
وأكد أنه "لا وجود لاتصال مباشر بين داعش والحكومة المالية في هذا الشأن أو الحوار بينهما حتى الآن"، مشيرا إلى أن داعش حاول السيطرة على مدينة ميناكا ولكنه لم ينجح في ذلك".
وبحسب الخبير، فإن داعش لم يتمكن من السيطرة على ميناكا بسبب المواجهات مع جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" وبعض الحركات الأخرى، إضافة إلى ضربات من الجيش المالي.
وأكد "مكثت في بعض القرى عدة شهور، ولكنها عبارة عن قرى بسيطة، ولا يمكن أن نسميها عاصمة".